أكدت الجزائروفرنسا أمس، تطابق مقاربتيهما حول معالجة المسائل الجهوية، وخاصة فيما يتعلق بدعم الاستقرار في ليبيا وتسوية الأزمة في مالي، كما جددتا إرادتهما لتعزيز علاقاتهما الثنائية عبر تقوية الحوار السياسي وترقية التعاون والشراكة الاقتصادية لجعلها شراكة متميزة. ففي هذا الإطار أكد وزيرا خارجيتي البلدين رمطان لعمامرة، ولوران فابيوس، في ندوة صحفية مشتركة، عقداها بمقر وزارة الشؤون الخارجية بالجزائر، بأن الجزائروفرنسا، تملكان وجهات نظر متقاربة، ومتطابقة فيما يتعلق بدعم قضايا الأمن والسلم في المنطقة، حيث تعملان على تنسيق جهودهما وتحقيق التكامل بين مساعيهما في إيجاد الحلول للمشاكل والأزمات المطروحة على المستوى الجهوي. وفي سياق متصل أشاد في وزير الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي، لوران فابيوس، بالمناسبة، بالدور الكبير الذي تؤديه الجزائر من أجل التوصل إلى حل للأزمة المالية، وإقرار السلم في هذا البلد، مؤكدا بأن البلدين لهما مقاربة مشتركة فيما يتعلق بتسوية الأوضاع المتأزمة في ليبيا، مشيرا إلى أن هذه المقاربة تقوم على محورين اثنين، يتعلقان بدعم الاستقرار في البلاد، للتوصل إلى وضع أكثر وضوحا فيما يخص تسيير ليبيا، وكذا العمل على اجتناب الانفلات الأمني المترتب عن انتشار الأسلحة والذي يشكل خطرا على ليبيا وعلى دول الجوار كذلك. وإذ أشار إلى أن كلا من الجزائروفرنسا تعملان من أجل دعم الاستقرار والسلم في مختلف مناطق العالم، أوضح رئيس الدبلوماسية الفرنسية، بأن البلدين يشتركان أيضا في الاهتمام بالتنمية في المنطقة وفي إفريقيا عامة، وبقناعتهما التامة على أنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية بدون أمن في المنطقة. وفي حين حرص فابيوس، الذي يواصل اليوم زيارة العمل التي يقوم بها إلى الجزائر في يومها الثاني والأخير، على التأكيد بأن فرنسا لا تختلف مع الجزائر في مقاربتها التي ترجّح دوما الحل السياسي والسلمي للأزمات المطروحة على المستوى الإقليمي والدولي، سعى في نفس السياق إلى تبرير التدخلات العسكرية الفرنسية في بعض الدول، على غرار مالي، ليبيا وإفريقيا الوسطى، حيث أوضح بأن كل هذه التدخلات تمت تحت غطاء الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وبطلب من رؤساء الدول المعنية أحيانا (في إشارة إلى مالي)، مشيرا إلى أن "التحرك الفرنسي يتم عادة بعد تقييم تداعيات اتخاذ القرار وعدم اتخاذه". في المقابل اعترف فابيوس، بأن الوضع في ليبيا يختلف عن الحالات الأخرى، "حيث تم اتخاذ قرار التدخل العسكري دون متابعة تداعيات هذا التدخل"، مشيرا إلى أن التركيبة الاجتماعية المعقّدة لهذا البلد، "والتي تجعل منه بلدا وليس دولة"، تستدعي اليوم إيجاد حلول للوضع المتأزم من خلال دعم الاستقرار السياسي، وتجنب الانفلات الأمني في ليبيا. من جانبه أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية، بخصوص الملف الليبي أن من الأهداف الرئيسية للجزائر، تأمين أراضيها ومنع انتقال العدوى إلى دول الجوار، باعتبار أن الجزائر تعتبر دولة مصدّرة للاستقرار، مؤكدا في نفس الصدد بأن الجزائر لن تقبل بلجوء جهاديين من ليبيا أو غيرها إليها للاختباء. وبالمناسبة كذّب وزيرا خارجيتي البلدين ما أثير من مزاعم حول عمليات مشتركة تقوم بها قوات جزائرية وفرنسية وأمريكية على الحدود الجزائرية الليبية، كما نفيا أن تكون هناك اتفاقات مسبقة بين الجزائروفرنسا حول مشاريع محتملة لاستغلال الغاز الصخري في الجزائر، وفي حين أكد فابيوس، حول هذه المسألة بأن فرنسا تحترم القرارات التي تتخذها الجزائر وتراها مناسبة لمستقبلها، شدد رمطان لعمامرة، على أن قرار استغلال الغاز الصخري الذي اتخذه رئيس الجمهورية، وتم تبنّيه في مخطط الحكومة الذي صادق عليه نواب المجلس الشعبي الوطني الخميس المنصرم، لا يعني بأن الأمر وصل إلى مرحلة الصفقات والشروع في التنقيب، "وإنما نحن في بداية المسار وبعيدون عن هذه المرحلة التي أثيرت حولها الاستنتاجات المسبقة". من جانب آخر وفي رده على سؤال حول موقف فرنسا من قاعدة 51/49 التي تعتمدها الجزائر في ضبط الاستثمار، حرص وزير الخارجية الفرنسي، على التوضيح بأنه لا يحق له التدخل والتعليق على الخيارات التي تتبنّاها الجزائر، وأشار إلى أن هذه المسائل الاقتصادية تهم المتعاملين الاقتصاديين، موضحا في هذا الإطار بأن كل ما يهم المتعاملين الفرنسيين هو أن يكون هناك استقرار في القرارات وسرعة في تنفيذها، كما تأمل فرنسا على حد قوله في تنمية الاستثمارات الجزائرية على أراضيها، وفي العمل على إنشاء استثمارات جزائرية فرنسية مشتركة في دول أخرى. وفي كلمته التمهيدية التي افتتح بها الندوة الصحفية ثمّن رمطان لعمامرة، زيارة العمل التي يقوم بها نظيره الفرنسي إلى الجزائر، ووصف العلاقات الثنائية بين البلدين بالمهمة والواعدة، مشيرا إلى أنها علاقات تتميز بديناميكية كبيرة ومتعددة الأبعاد وذلك بالنظر إلى الوضع الإقليمي والدولي الراهن.. وأشار بالمناسبة إلى أن المحادثات التي جمعته بنظيره الفرنسي تضمنت ملف التعاون الثنائي، وكذا ما يجب القيام به في إطار اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين والتي تجمع الوزيرين الأولين لكل من الجزائروفرنسا، والمقرر حسب المسؤولين أن تجتمع في نهاية العام الحالي أو بداية السنة القادمة على أقصى تقدير. للإشارة فقد جمعت وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، ونظيره الفرنسي لوران فابيوس، أمس، محادثات أولى توسعت إلى أعضاء وفدي البلدين، وتناولت تقييم تطور مختلف الملفات المسجلة في أجندتهما الثنائية والمسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وكان فابيوس الذي وصل إلى الجزائر ظهر أمس، على رأس وفد فرنسي هام يضم متعاملين اقتصاديين أعرب عن رغبة بلده في تطوير علاقاته الممتازة مع الجزائر في مختلف المجالات، قائلا في تصريحه لدى وصوله إلى مطار الجزائر بأن "علاقاتنا ممتازة لكننا نتمنى تطويرها أكثر سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي، أو على مستوى التبادلات البشرية والأمن". وأضاف قائلا "يسعدني كثيرا أن أعمل مع القادة الجزائريين ولدي رسالة خاصة، رسالة احترام وصداقة أبلّغها للشعب الجزائري من طرف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، مشيرا إلى أن هذه الزيارة ينبغي أن تسهم في دفع العلاقات بين البلدين اللذين يتقاسمان مشاريع كثيرة للعمل سويا. وبعد أن أبرز التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب، واصفا إياها ب«الجد فعالة"، عبّر السيد فابيوس، عن ارتياحه للتعاون الممتاز القائم بين البلدين في هذا المجال، معتبرا أن هذا التعاون يتم في ظل احترام استقلالية كل بلد وسيادته.