أشرف أوّل أمس رئيس الحكومة السيد أحمد أويحي بالمسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" على تكريم أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني الذين لا زالوا على قيد الحياة وذلك في خمسينية تأسيس الفرقة التي حملت الثورة الجزائرية في القلب وزعت أشعّتها على باقي الدول التي كانت فيها سفيرة للوجه الثاني من الكفاح (فن وثقافة). السيد أويحيى حمل معه لرفقاء مصطفى كاتب، عبد الحليم رايس وأحمد وهبي رسالة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تضمّنت كلّ معاني الاحترام والتقدير لرفقاء السلاح فكانت رسالة تحية وتنويه، وقال رئيس الجهاز التنفيذي بأنّ تنويه رئيس الجمهورية جاء باسم الأمة للمجاهدين والمجاهدات باللسان والقلم مضيفا بأنّ هذا التكريم محطّة للإلحاح على مكانة ودور الثقافة في مسيرة الجزائر المستقلة، وكذا دورها الهام في تبليغ رسالة الجزائر وتجسيد المصالحة الوطنية بمفهومها الشامل والكامل..مصالحة الجزائري مع ذاته ووطنه. رئيس الحكومة وهو يكرّم أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني في الذكرى الخمسين لتأسيسها أوضح أنّه يخاطب الحضور كمواطن من أبناء الاستقلال الذي جاء بفضل من كافحوا وجاهدوا لسنين من أجل تحرير الجزائر، وكرئيس حكومة له الشرف أن يتحدّث ب"اسم دولة عادت بفضلكم"، وقال "كانت ثورة شعب من خلال ابناء وبنات جبهة وجيش التحرير الوطنيين، ومقاومته عن طريق النقابات، اللاعبين والفنانين، فكنتم جزءا لا يتجزّأ من الكفاح من أجل الاستقلال". وتوقف رئيس الحكومة في حديثه عند الذين رحلوا إلى الدار الآخرة منذ سنين بداية من الفنان الشهيد علي معاشي، إلى الذين توفوا بعد الاستقلال كمفدي زكرياء، مصطفى كاتب، كبابي، فريد علي ومحمّد الباجي، وللذين لا يزالون على قيد الحياة استغل السيد أويحي الفرصة وهنّأهم بعيدهم وعيدنا وقال: "الجزائر لا تزال بحاجة إليكم، في حاجة للثقافة في سنين المحن مثلما كانت بحاجة إليكم قبل الكفاح التحرّري وأثناءه مرورا بمعركة إنقاذ الجزائر حيث كانت مساهمة الثقافة الجزائرية في ساعات الألم كبيرة، فلننحني أمام أرواح من توفوا واستشهدوا ودفعوا حياتهم لبقاء الجزائر"، فاستعاد رئيس الحكومة إلى الذاكرة بعض من فقدناهم وبفقدانهم تعمّق الجرح فحضرت أرواح عبد القادر علولة، عزّ الدين مجوبي، معطوب الونّاس، رشيد بابا أحمد، الشاب حسني والشاب عزيز. ليستعرض السيد أحمد أويحي في سياق متّصل ما دعّم في السنوات القليلة الماضية النسيج الثقافي والفني الجزائري، وفي هذا الصدد أشار إلى أنّه عند الحديث عن الوصول إلى برّ الأمان ومستقبل أفضل للجزائر علينا أن ننظر للثقافة ليجّل أنّ الثقافة لم تعرف منذ الاستقلال مساهمة لترقيتها مثلما حصلت عليه في السنوات الأخيرة الماضية ولا تزال حيت تمّ تشييد هياكل لا تعدّ إضافة إلى إحياء النشاط الثقافي وإعادة الاعتبار للمهرجانات والتظاهرات الثقافية عبر الوطن، مرورا بما قدّم خلال تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007". وفضّل السيد اويحي في خمسينية الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني أن يوجّه نداء لعائلة الثقافة الجزائرية للعمل والتفكير معا لخلق سبل لإحياء أكثر للمسرح الجزائري، ترقية مكانة الكتاب الجزائري، تعزيز مكانة الموسيقى الجزائرية، والإتيان بحلول فعّالة للسينما الجزائرية، وقال: "نحن بحاجة إلى دعم الأمل لدى الشباب الجزائري وبعث الثقافة الجزائرية والحفاظ على الهوية الجزائرية وكذا بعث بهجة الحياة في مختلف الفضاءات..ننتظر مساعد العائلة الثقافية لكي نقوي المسيرة، فالجزائر حرّرت وحفظت، وعادت إلى مسار البناء والتشييد بثقل لكن نحن هنا لنعتزّ بتشريفكم ونحتفل معا باسترجاع السيادة الوطنية ونتقاسم هذا النداء والنظرة المستقبلية". إحياء خمسينية الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني وقّعته المجموعة الصوتية "نغم" بقيادة الأستاذ رابح قادم، حيث قدّمت باقة من أجمل الأغاني التي قدّمتها الفرقة وهي تجول أطراف العالم معرّفة بالقضية الجزائرية، فعادت إلى الأذهان "قلبي يا بلادي ما ننساك"، "يا أمي ما تخافيش"، "القصبة"، "أيما اعزيزن اورترو" و"يا الدزاير زينك سلب عقلي"، كما تمّ بالمناسبة عرض شريط وثائقي عن مسيرة الفرقة منذ إنشائها في 1958. وتمّ تكريم العشرين فنانا وفنانة الذين لا يزالون على قيد الحياة بمنحهم شهادات تقديرية وميداليات، وضمّت القائمة طه العامري (عبد الرحمان بسطانجي)، أحمد حليت، إبراهيم دري، محمّد سواغ، خليفة الطاهر، رزقاوي حليمة، جعفر بك (شروق عبد القادر)،طاهر بن أحمد (ثامر الطاهر)، سعيد سايح، أحسيسن (فارس أحسن)، مصطفى تومي، عبد العزيز بودية (عبد اللاوي مجيد)، الهادي رجب (الهادي بوليفة)، مصطفى سحنونّ، وغاب عن التكريم كلّ من بلحاج حسين، جعفر دمارجي، بن ابراهيم الزهرة وقواسمي صافية. "أشبال عين بنيان" أبوا إلى أن يشاركوا الأسلاف فرحتهم بالعيد الخمسين للتأسيس والسادس والأربعين للاستقلال، وبألوان الجزائر الأحمر، الأبيض والأخضر قدّموا نشيد "خمسون" وشذوا فيها: "هيا بنا يا أطفال نحتفي بعيد الخمسين نوفمبر نور الأجيال نسيج المجاهدين منذ سبع سنين طوال في المدن والجبال".