تعتبر صناعة السفن من أتعب الصناعات اليدوية وأكثرها تعقيدا واستغراقا للوقت اذ أن انجاز سفينة صيد من 12 مترا يستغرق سنة كاملة، وإنجاز هيكلها فقط يستغرق 3 أشهر، كما أنها حرفة لا تجلب إليها الاهتمام لذلك فإن هواتها قليلون جدا مثل السيد »شاوش علي« من ميناء زموري البحري الذي يتقن أسرارها منذ ثمانينيات القرن الماضي. "المساء" إلتقت بصانع سفن الصيد بميناء زموري البحري على هامش تظاهرة عيد السردين المنتظمة في التاسع والعاشر من الشهر الجاري، وتحدثت إليه عن أسباب اختياره لهذه المهنة ومشاكل صنع السفينة، وكان أن أجابنا ونحن نجلس بين هيكلين لسفينتين، من نوع »شالوتيي« فقال مشيرا إلى هيكل السفينة أن انجازه يستغرق ما يزيد عن 3 أشهر وتبدأ اول مرحلة بطلب مقاييس الخشب المعتمد في انجاز السفينة من الشركة الوطنية للخشب، ثم بتعاون 5 أو 6 أفراد لتركيب الخشب حسب طول السفينة المراد إنجازها. ويتراوح طول مركب لصيد السردين مثلا ما بين 12 و27 مترا، يتعاون على انجازه حوالي ستة أفراد، ويستغرقون لإنهائه عاما كاملا إذا توفرت كامل المواد الأولية، أما سفينة الصيد من نوع »شالوتيي« فيتراوح طولها حسب الطلب، ما بين 16 و25 مترا، يتطلب تعاون إنجازها 12 فردا، بحسب المتحدث، ويستغرق ما يزيد عن السنة بالنظر الى صعوبة العمل، الى جانب الانقطاعات في الانجاز بسبب رداءة الأحوال الجوية شتاء وحرارة أشعة الشمس صيفا. ابن منطقة زموري البحري بولاية بومرداس قال أنه ولد وترعرع وسط الصيادين ونسائم البحر لذلك فهو لم يبتعد عن ذلك الجو باختياره لمهنة صناعة بواخر الصيد. ولكنه يقر أنه بدأ حياته المهنية بصيد الاسماك إلا أنه لم يبرع فيها، ففكر في التحول الى صناعة السفن ومراكب الصيد خاصة وأنها مهنة كانت غائبة عن المنطقة وقتذاك وكانت أول سفينة صيد أنجزها بداية الثمانينات وعمره 36 سنة مشيرا أنها مهنة متعبة وتحتاج للكثير من القوة والفكر ويقصد به الإبداع. ومنذ تخصصه في الصناعة انجز علي شاوش 65 سفينة صيد، وحسب محدثنا فإن هذه الصناعة عرفت مؤخرا بعض الانتعاش بالنظر الى التفات بعض الشباب الى مهنة صيد السردين والاسماك في إطار وكالات دعم تشغيل الشباب وأكد أنه تلقى منذ جانفي 2008 ما يزيد عن الستين طلبا لإنجاز سفن صيد، وتوسيعا لنشاطه، يهتم شاوش حاليا بصناعة سفن النزهات السياحية، خاصة وأن الشريط الساحلي الجزائري يمتد على أكثر من 1200 كلم على ضفاف البحر المتوسط، والسياحة البحرية تجلب لها الاهتمام سنة تلو الأخرى، وعليه لابد من دعمها بسفن النزهات علما أن صنع سفينة صيد محليا يخفض تكلفة استيرادها مرتين بحسب المتحدث.