مازال الترقب يطبع الوضع السياسي في لبنان على خلفية التأخر الحاصل في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مما يفتح المجال أمام استمرار التوتر في بلد كاد يغرق مجددا في متاهة الحرب الأهلية على خلفية أزمة سياسية عمرت قرابة عامين. ويطرح تأخير تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المزيد من التخوفات من إمكانية انزلاق الأوضاع مجددا خاصة وأن طرفي المعادلة السياسية اللبنانية لم يتمكنا بعد أزيد من شهر بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان من تذليل كل العقبات وإنهاء خلافاتهما لتطبيق كل بنود اتفاق الدوحة وعلى رأسها تشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي هذا السياق توقع رئيس مجلس النواب اللبناني وأحد أهم وجوه المعارضة نبيه بري أن الساعات القليلة القادمة ستكون حاسمة لتشكيل الحكومة الجديدة. وقال إنه إذا لم يتم تشكيل الحكومة في اليومين المقبلين فإن البلاد ستدخل مجددا في عنق الزجاجة من منطلق أن الأوضاع التي تمر بها في الوقت الراهن تستدعي تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن لمواجهة كل التطورات الحاصلة وتفادي حدوث انزلاقات قد يصعب احتواؤها. وتؤكد تصريحات بري أن الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين لا تزال قائمة مما قد يحول دون تنفيذ كل بنود اتفاق الدوحة الذي نص على تشكيل حكومة وحدة وطنية مباشرة بعد انتخاب العميد ميشال سليمان رئيسا للبلاد. ولكن رئيس البرلمان الذي دعا إلى الإسراع في الإعلان عن الحكومة الجديدة لإنقاذ الشعب اللبناني من الأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها أرجع سبب تعطل تشكيل الحكومة إلى ما وصفه بزحمة الاقتراحات المطروحة بوتيرة متسارعة والتي لم تصل إلى الغاية المرجوة. وقال بري انه في الوقت الذي نشرع في دراسة اقتراح لمعرفة مدى إمكانية العمل به يأتي اقتراح آخر ينسف الذي سبقه وهكذا دواليك وهو ما يؤثر سلبا على مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة. وشهدت الساعات الأربع وعشرين الماضية حركة مكثفة بين القادة السياسيين اللبنانيين في مسعى إلى التوصل إلى إحداث اختراق في جدار أزمة تشكيل الحكومة. وفي هذا السياق كشفت مصادر لبنانية انه جرى الاتفاق خلال المفاوضات التي أجراها موفد رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة مع رئيس التيار الوطني الحر والزعيم المسيحي العماد ميشال عون على إعطاء منصب رئيس الوزراء لشخص يحدده هذا الاخير بالإضافة إلى إسناد حقيبة الاتصالات أو العدل للتيار. وفي الوقت الذي أدى فيه تعثر الإعلان عن الطاقم الحكومي الجديد إلى خلق أزمة جديدة بين الفرقاء اللبنانيين ألح الرئيس ميشال سليمان على أهمية استمرار الحوار بين اللبنانيين لاحتواء الوضع المتأزم الذي يميز الساحة السياسية اللبنانية في الفترة الحالية. وشدد الرئيس اللبناني على أهمية تضامن اللبنانيين والمساهمة في الحلول لمعالجة الرهانات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجها البلاد. والواضح أن الرئيس اللبناني يخشى من أن تؤدي الخلافات السياسية بين أطراف المعادلة السياسية الى انعكاسات سلبية على الثوابت والخيارات الوطنية وهو ما دفعه الى مطالبة كافة القيادات السياسية الى القيام بدورها والمساهمة في التقليص من حدة الخلافات خدمة للمصلحة العليا للبلاد.