عقدت المرجعيات الدينية اللبنانية أمس قمة روحية في القصر الرئاسي بالعاصمة بيروت بهدف تعزيز المصالحة الوطنية المتعثرة بسبب استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية اللبنانية وهو ما انعكس سلبا على تشكيل الحكومة بعد قرابة الشهر من انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للبلاد. وندد المشاركون في هذه القمة التي حضرتها أغلبية المرجعيات الدينية في لبنان بالأحداث الدامية التي شهدها لبنان شهر ماي الماضي وخلفت مصرع 65 شخصا وعشرات الجرحى. وألحوا على ضرورة احترام اتفاق الدوحة الذي وضع حدا للأزمة السياسية التي كادت أن تقود البلاد إلى متاهة الحرب الأهلية بعد أن تمكن الفرقاء اللبنانيون من فك أول عقدة في ازمة سياسية استفحلت لقرابة العامين بانتخاب رئيس جديد للبلاد . ولكن الفرقاء اللبنانيين الذين تمكنوا من تجاوز عقبة انتخاب الرئيس لم يتمكنوا بعد شهر من انتخاب العماد ميشال سليمان من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية كما نص على ذلك اتفاق الدوحة. وهو الأمر الذي ساهم بطريقة أو بأخرى في عودة التوتر مجددا إلى شوارع لبنان بدليل الاشتباكات الأخيرة الذي شهدتها احياء مدينة طرابلس في شمال لبنان بين أنصار المعارضة بزعامة حزب الله والموالين للأغلبية الحاكمة والتي تسببت في مصرع تسعة أشخاص وإصابة آخرين . واثار انزلاق الوضع الأمني مجددا في البلاد مخاوف اللبنانيين والطبقة السياسية المطلوب منها الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لاحتواء بؤرة التوتر وتعزيز المصالحة الوطنية بين مختلف أطياف المجتمع اللبناني. وفي هذا السياق، أكد الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان أهمية أن يكون للمرجعيات الدينية فى لبنان حضورا فاعلا فى الشأن الوطنى وأن يتركز خطابهم الديني المنفتح على قيم الوفاق والوحدة باعتباره عنصر جمع لا تفرقة. وقال الرئيس سليمان في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال القمة الروحية أن اللقاء يشكل أساسا لإطلاق ورشة حوار وطني ترسخ استكمال قيام الدولة وانتظام عمل مؤسساتها الدستورية وإداراتها وتسريعا في تشكيل الحكومة الجديدة. ودعا الرئيس اللبناني القيادات السياسية إلى الترفع عن خلافاتهم خدمة للمصلحة العليا للبلاد وحل هذه الخلافات عن طريق الحوار بعيدا عن لغة السلاح. وفي هذا السياق تعهد رئيس الوزراء اللبناني المكلف فؤاد السنيورة أمس بمواصلة اتصالاته مع جميع الكتل السياسية بمن فيهم زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون لتشكيل الحكومة الجديدة. وقال السنيورة بعد اجتماعه بالرئيس ميشال سليمان أنه تناول معه المسائل المتعلقة بتشكيل الحكومة ونتائج الاتصالات الجارية على هذا الصعيد. وأضاف أنه سيواصل المساعي طالما ان الاغلبية قد رشحته لهذه المهمة وقال انه" سيواصل السعي لتشكيل الحكومة مهما كانت العراقيل والصعوبات ورافضا الالتزام بأي موعد لانجاز هذه المهمة" . غير أن السنيورة رفض اية زيادة في الحقائب السيادية الأربع وقال أن "حقيبة الداخلية ستتولاها شخصية حيادية في حين تعود مسألة تعيين وزير الدفاع للرئيس سليمان ويتقاسم فريقا الاغلبية والمعارضة حقيبتي المالية والخارجية. للإشارة فان الخلافات ما تزال قائمة بين الاطراف اللبنانية حول الحقائب الوزارية مما حال دون تشكيل حكومة وحدة وطنية لحد الآن وفق البند الثاني من اتفاق الدوحة الذي وقعته الاغلبية النيابية والمعارضة في ال21 أفريل الماضي.