العطلة الصيفية.. فترة ينتظرها الجميع بشغف لتطليق المسؤولية والتحرر من عناء الدراسة والإنغماس في أجواء المتعة والاستجمام فالصيف مرادف للنزهات، السياحة والسفر، كما قد يكون جسرا لقضاء أوقات ممتعة في حدائق التسلية او المخيمات الصيفية والغابات، وهي في مجملها مفارقات تتحكم فيها الامكانيات المادية. لكن هذا لا ينفي ان العطلة كثيرا ما تؤول الى صيف ثقيل يفزع لقدومه بعض الاولياء الذين تحول امكانياتهم دون قضائها خارج اسوار المنزل، حيث تتحول الى فترة لمواجهة شقاوة الابناء ومصائبهم احيانا ! وليت الامور تتوقف عند حد الافتقار الى الامكانيات التي توفر الاجواء الترفيهية، فالاسوأ في المسألة هو أن تكون العطلة الصيفية فترة لتشغيل الأطفال على مستوى الطرقات السريعة والشواطئ تحت شمس حارقة تلفح أجسادهم مقابل حفنة من الدنانير! إرهاق، نزيف وصداع هي يوميات عدة أطفال وجدوا أنفسهم مجبرين على تحمل عبء يسمى تدبير المصروف ميزته أنه يضرب بالضمانات القانونية التي تمنع تشغيل القصر عرض الحائط. فلا تخلو العديد من شواطئنا من مشهد صغار من كلا الجنسين »يحرثون« بأقدامهم الرمال بحثا عمن يشتري منهم البسكويت، »المطلوع« ساندويتشات البطاطس المغلية وحتى السجائر. وعندما تسأل هؤلاء الصغار الذين لا يتجاوز العديد منهم سن العاشرة عن سبب العمل يقدمون غالبا إجابة مشتركة مفادها »تدبير كسوة الدخول المدرسي«، من هذا المنطلق تستفحل عمالة الأطفال تحت إشراف آباء لا يضرهم ان يجبروا فلذات كبدهم على بيع أي شيء حتى وإن تعلق الامر بالسجائر بحجة الظروف الاقتصادية الصعبة، ولا يهم إذا كان ثمن ذلك انحراف الابناء أو تعرضهم لمخاطر السرقة والإعتداءات الجسدية من طرف بعض المراهقين. على هذا النحو فقط تتحول العطلة الصيفية الى حلم بالنسبة للعديد من الاطفال وتفقد الدراسة اهميتها في نظرهم شيءا فشيئا على انها لا تحقق الرفاهية المطلوبة في مجتمع تطغى فيه القيم المادية، ليبقى الأكيد هو أن لا مسؤولية بعض الآباء هي غالبا البوتقة التي تولد عمالة الاطفال وفق منطق تتحول معه الرعية الى مسؤولة عن الراعي لأسف!!