لا يزال شاطئ عين الدولة المعروف عند القليين باسم شاطئ "الفتيات" الواقع بوسط مدينة القل، والممتد على طول 800 متر، من بين أهم شواطئ المنطقة التي تستقطب منذ بداية هذا الموسم الصيفي، العديد من العائلات القلية، التي تقصده ليلا لقضاء سهراتها التي تستمر الى غاية ساعة متأخرة من الليل، للاستمتاع بنسيم البحر هروبا من حرارة الجو، ورغم أن العائلات القلية معروفة بتمكسها بالتقاليد المحافظة، إلا أنها تجد من السهرات الصيفية الآمنة، المتنفس الوحيد للتسامر والحديث عن انشغالات الدنيا، في الوقت الذي وجدت العديد من العائلات في هذه السهرات، فرصة لوضع آخر اللمسات لحفلاتها واعراسها وحتى توزيع دعوات الأفراح والتخطيط للمستقبل القريب والبعيد على حد سواء، وما يزيد في رومنسية المكان، أصوات أمواج البحر حين تصطحب بالرمال الذهبية اللامعة التي ازدانت بألوان المحلات والفنادق المنتصبة على طول الشاطئ الجميل، الذي تنبعث منه روائح شواء اللحم والسردين على الفحم، وغيرها من المأكولات السريعة التي امتهنها العديد من الشباب بالمنطقة لكسب رزقهم. وما يضفي جمالا أكثر على المنطقة، تلك الجبال الشامخة التي يحاصرها البحر من كل ناحية، مما يعطيها سحرا أخاذا يسكن عاصمة "كولو" التاريخية، التي تأبى أن تستسلم للنوم، فتقاومه على طريقتها الخاصة وسط حركة ليلية لا تنطقع، زداتها مزامير سيارات مواكب الأعراس والموسيقى المنبعثة من المحلات المحاذية جمالا أكثر... وإذا كانت مدينة القل (غرب ولاية سكيكدة)، قد حباها الله بشاطئ "عين الدولة" الذي يعد من بين أجمل شواطئ ولاية سكيكدة، فإن العديد من العائلات اشتكت لنا من تدني المحيط المجاور لها، بسبب الاتربة الناجمة عن تدهور الطريق الرئيسي بفعل الأشغال التي عرفها هذا الأخير مما أثر سلبا على توافد العائلات، حيث تأسف بعضها وتمنى لو أن المصالح المختصة سارعت إلى إعادة الاعتبار للمنطقة السياحية، من خلال تعبيد الطريق وتهيئته، عائلات أخرى أشارت إلى أن الشاطئ المذكور ما يزال يعتبر قبلة للعائلات القلية التي تفضل قضاء سهراتها الليلة حتى مطلع الفجر على شاطئ البحر، لكونه يتواجد وسط المدينة، لكن ذلك لم يمنع البعض من تفضيل السهر على مستوى ميناء القل أو حتى على مستوى شاطئ تلزة الساحر. وفي ظل كل هذا، يبقى شاطئ "عين الدولة" بالقل أو شاطئ "الفتيات" كما يحلو للقليين تسميته، المكان الوحيد المفضل للعائلات القليلة، التي تصنع لوحدها السهرات الصيفية، مكسرة الركود والرتابة المملة، ويبقى معها الشاطئ يحفظ أسرار حكايات النساء والفتيات والعواتق...
