شدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون, اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة على ضرورة تنويع الصادرات و تشجيع الاستثمار من أجل بناء اقتصاد وطني جديد و وضع حد للتبعية لعائدات المحروقات. و أبرز الرئيس تبون، في كلمة افتتاحية خلال الندوة الوطنية حول مخطط الانعاش الاقتصادي و الاجتماعي, أن هذا اللقاء يعقد في ظرف استثنائي تواجه فيه الجزائر أزمة مزدوجة متمثلة في انخفاض عائدات النفط وجائحة كوفيد-19 داعيا إلى تجنيد كل الامكانيات من أجل تنويع الصادرات و تشجيع الاستثمار لبعث اقتصاد وطني جديد. و كشف في هذا الصدد عن حزمة من الاجراءات التي ستطبق من أجل تشجيع المصدرين و بعث الصادرات الجزائرية خارج المحروقات معلنا أن الجزائر تسعى لتصدير ما لا يقل عن 5 مليارات دولار خارج المحروقات ابتداء من السنة القادمة. و من بين هذه الاجراءات, ذكر الرئيس تبون انشاء أروقة خضراء لفائدة صادرات بعض المواد كما أعلن عن استعداد الدولة ل" التنازل عن جزء وافر من العملة الصعبة التي يتحصل عليها المصدرون" الى جانب "تحسين اوضاعهم مع وزارة المالية و مع ادارة الضرائب قصد مساعدتهم على أن يصبحوا مصدرا من مصادر تمويل البلاد من العملة الصعبة". و أبرز الرئيس في ذات السياق ان اعتماد الاقتصاد الوطني بصفة شبه كلية على ريع وعائدات المحروقات هو"اعتماد قاتل للذكاء و المبادرات" مضيفا أنه ابتداء من السنتين القادمتين, سيتم تقليص الاتكال على عائدات المحروقات إلى 80 بالمائة على الأقل مقابل 98 بالمئة حاليا. و بخصوص الاجراءات المتخذة لفائدة المستثمرين, بما فيها تسهيل التمويل, كشف السيد الرئيس عن وجود متاحات بنكية قيمتها 1900 مليار دج ستخصص لهم لغاية نهاية سنة 2020 موضحا أن تمويل الاستثمار بالجزائر سيتم باللجوء الى موارد داخلية بحتة دون اللجوء لأي شكل من أشكال الاستدانة الخارجية لدى الصندوق النقد الدولي أو الدول الشقيقة. و قال في هذا السياق: "اللجوء الى التمويل الخارجي تحت مبرر واهي لن يتكرر داعيا الى "الابتعاد قدر المستطاع عن الاستثمار الثقيل" و الاكتفاء بتمويل مؤسسات صغيرة و متوسطة و كذا مؤسسات ناشئة. و الى جانب الموارد البنكية المتاحة, كشف عن امكانية تخصيص ما يتراوح بين 10 الى 12 مليار دولار خلال السنة الجارية من احتياطات الصرف لتمويل الاستثمارات. و لتشجيع الاستثمار و الحد من تكاليف الخدمات و النقل, اعرب السيد تبون عن استعداده لفتح المجال أمام الخواص لإنشاء بنوك خاصة و شركات خاصة للنقل الجوي و البحري للبضائع و للمسافرين. و فيما يخص عصرنة القطاعات الاقتصادية و المالية ألح الرئيس على ضرورة الاسراع في رقمنتها لإزالة "الضبابية المفتعلة" و تكريس الشفافية قصد النهوض بالاقتصاد الوطني مبرزا أنه لا يجب الاستمرار في اعتبار دفع الضرائب كعقوبة بل كوسيلة تحفيزية من اجل تحسين المداخيل و انشاء مناصب العمل. و بالمناسبة وصف رئيس الجمهورية الوضع المالي للبلاد ب"القابل للتحمل" رغم كونه "صعبا" بدليل وجود 57 مليار دولار كاحتياطيات للصرف و توقع تسجيل عائدات نفطية ب24 مليار دولار مع نهاية السنة الجارية. و ذكر أن القطاع الفلاحي ساهم بمنتجات بلغت قيمتها أكثر من 25 مليار دولار, معتبرا أنه, و لأول مرة في تاريخ الجزائر تأتي الفلاحة بمداخيل أكثر مردودية من المحروقات قائلا "هذه هي الجزائر التي حلم بها الشهداء". و في هذا السياق أكد على ضرورة تطوير الصناعات التحويلية و بالأخص تحويل المنتوج الفلاحي لتفادي استيراد هذه المواد من الخارج بأموال باهضة مشيرا إلى امكانية تشجيع انجاز مصانع للصناعات التحويلية من المواد ذات الانتاج الوفير على غرار تحويل البطاطا و الحمضيات. و لدى تطرقه إلى ملف الاستيراد، عبر عن استيائه لبلوغ قيمة الواردات 60 مليار دولار في السنة في حين ان الجزائر كان بإمكانها ان تستورد ما هو ضروري بقيمة 20 مليار دولار فقط من بينها المواد الغذائية بقيمة تتراوح ما بين 8 و 9 ملايير دولار مضيفا أن تكاليف الصيانة للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك لوحدها تستهلك من 6 إلى 7 ملايير دولار سنويا. و ذكر في سياق الحديث عن ضرورة التحكم في الواردات, بالقرار المتعلق بالتوقف كليا عن استيراد الوقود ابتداء من سنة 2021.