تنظر محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، يوم غد الثلاثاء، في الطعون التي قدمتها جبهة البوليساريو، ضد قرار المجلس الأوروبي القاضي بتمديد نطاق تطبيق اتفاقيات الشراكة في مجال التجارة الحرة والصيد البحري، بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، ليشمل الصحراء الغربية المحتلة. ومن المقرر أن تعقد المحكمة يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، جلسة علنية أمام الغرفة التاسعة، على أن يتم نشر موقفها وقرارها بهذا الخصوص في غضون الأشهر المقبلة، حسبما تؤكده مصادر مطلعة على الملف. وكانت جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، قد تقدمت عن طريق محاميها الأستاذ جيل دوفيرز، في 27 أبريل 2019، بطعون ضد تمديد مجلس الإتحاد الأوروبي لاتفاقية التجارة الحرة والصيد البحري مع المغرب لتشمل إقليم الصحراء الغربية المحتل، الذي شكل انتهاكا صارخا، لقرارات محكمة العدل الأوروبية ذات الصلة. وتخوض البوليساريو "معركة اقتصادية" من خلال عدد من الإجراءات القانونية، خاصة أمام محكمة العدل الأوروبية، بهدف وقف "نهب الموارد الطبيعية" للصحراء الغربية المحتلة، لاسيما الزراعات التصديرية والفوسفات وصيد الأسماك والسياحة، كما تسعى إلى دفع الشركات الأوروبية التي تستثمر بطريقة غير شرعية في الإقليم إلى المغادرة، كما أكده المحامي دوفيرز، في تصريحات إعلامية. ويقول المحامي الفرنسي، أنه يعتزم "جعل القانون الدولي ينتصر" في وجه الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، بالاعتماد على "الأسس القانونية نفسها" وهي "غياب سيادة المغرب على الإقليم، حق تقرير المصير والطابع التمثيلي لجبهة بوليساريو بصفتها حركة تحرر وطنية"، مشددا في ذات السياق على أن "تسهيلات الوصول إلى السوق الأوروبية" تساهم في "الإبقاء على الاستعمار" المغربي للأراضي الصحراوية. وكانت محكمة العدل الأوروبية، قد أصدرت في ديسمبر 2016، قرارا يقضي بأن اتفاقات الشراكة والتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لا يمكن تطبيقها على الصحراء الغربية مؤكدة على الوضع "المنفصل" و"المختلف" لهذا الإقليم المدرج منذ سنة 1963، على قائمة الأقاليم غير المستقلة للأمم المتحدة. كما قضت ذات المحكمة في نهاية شهر فبراير 2018، بأن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا يمكن تطبيقه على الصحراء الغربية ومياهها المتاخمة. ويؤكد المتتبعون للملف، والمساندون لجبهة البوليساريو في معركتها من أجل حماية ثروات شعبها من النهب، أن البرلمان الأوروبي قد التف على ما خلصت إليه المحكمة، من خلال اعتماده في يناير 2019 نصا يوسع إلى الإقليم المحتل الرسوم الجمركية التفضيلية الممنوحة بموجب اتفاق موقع في 2013 بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. ووفقا لما كشفت عنه دراسة للمفوضية الأوروبية، نشرت شهر ديسمبر الماضي، فقد صدر المغرب إلى الاتحاد الأوروبي منتجات من الصحراء الغربية، وخاصة من الأسماك، بما قيمته 435 مليون يورو، خلال العام 2019 لوحده، دون الإشارة إلى ما تم تحصيله من قبل سلطات الاحتلال جراء نهب مادة الفوسفات، أحد أهم موارد الإقليم المحتل.
== إقامة علاقات مع المغرب على حساب حقوق الشعب الصحراوي يقوض السياسة الأوروبية ===
ويحذر الخبراء من مغبة إقامة الإتحاد الأوروبي لعلاقات مع المغرب على حساب التزاماته بالقانون الدولي وحقوق الشعب الصحراوي، ما من شأنه أن يقوض السياسة الأوروبية في الحالات المماثلة. فقد أكد الخبير في مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هاغ لوفاتا، في تصريح سابق، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي ألا يقيم علاقاته مع المغرب على حساب التزاماته القانون الدولي وحقوق الشعب الصحراوي، "خاصة وأن هذا قد يقوض السياسة الأوروبية في حالات مماثلة من الاحتلال الأجنبي والضم بالقوة". وقال أن "المغرب استخدم العناصر المتعلقة بالتعاون في الأمن والتجارة للحصول على دعم الكتلة الأوروبية لأطروحته حول الصحراء الغربية"، وانتقد في ذات السياق "مناورات المفوضية الأوروبية للتهرب من أحكام محكمة العدل الأوروبية التي ألغت الاتفاقيات التجارية التي تشمل إقليم الصحراء الغربية". وشدد الخبير على "ضرورة أن يعتبر الاتحاد الأوروبي تواجد المغرب في الصحراء الغربية احتلالا غير شرعي"، وبهذه الطريقة "يمكن أن يوفر هذا للأوروبيين الزخم والنفوذ للمساعدة في إعادة تنشيط محادثات السلام بين المغرب وجبهة البوليساريو، مع ضمان ألا تقوض الممارسات التجارية الأوروبية بشكل أكبر آفاق تقرير المصير للشعب الصحراوي". وكان مرصد مراقبة موارد الصحراء الغربية، قد دعا هو الآخر، الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى "احترام" قرارات محكمة العدل الأوروبية ذات الصلة. وقالت رئيسة المرصد، سيلفيا فالونتان في تقرير بهذا الخصوص إن "الاتحاد الأوروبي، في هذه الحالة، يقوض بشكل مباشر حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وعملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة. كما لا يحق له إبرام اتفاقيات تجارية مع المغرب تضم الصحراء الغربية دون الحصول أولا على موافقة شعبها". وكانت النائبة الأوروبية، العضو بمجموعة "الخضر" و "التحالف الأوروبي الحر"، كيرا ماري بيتر هانسن، قد طالبت من جهتها، مفوضية الاتحاد الأوروبي بالالتزام بقرار المحكمة الأوروبية بشأن المنتجات السمكية، والذي ينص على أن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في مجال صيد الأسماك، صالحة فقط ما لم تشمل منطقة الصيد التابعة للمياه الإقليمية للصحراء الغربية. وطالبت بتقديم توضيحات حول "الإجراءات المتخذة للتأكد فعلا من أن البواخر التابعة للمملكة المغربية لا تصطاد في منطقة الصيد التابعة للصحراء الغربية، وهل بإمكان المفوضية أن نظر في إنهاء اتفاقية الشراكة في قطاع المصائد السمكية، إذا قام المغرب بخرق القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية في هذا الصدد". هذا وتتوالى مسائلات نواب الشعوب الأوروبية في البرلمان الأوروبي، لمفوضية الاتحاد بشأن تورطها إلى جانب الاحتلال المغربي في انتهاك الشرعية الدولية، والمحاولات المتواصلة لفرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية المحتلة. منصف.ق