تتبوأ ولاية غليزان التي انبثقت عن التقسيم الإداري لسنة 1984 موقعا استراتيجيا بمنطقة الشمال الغربي للوطن مما سمح لها خوض على مدار الخمسين سنة الماضية حركة انمائية متواصلة أحدثت تغيرات جوهرية على الواقع التنموي والظروف المعيشية للمواطنين. وبفضل هذا الموقع أضحت الولاية ملتقى للتبادل الاجتماعي الاقتصادي وهمزة وصل تربط بين ولايات الوسط والغرب والهضاب العليا حيث تحدها من الشمال ولاية مستغانم ومن الجنوب ولايتي تيارت وتيسمسيلت ومن الشرق ولاية الشلف ومن الغرب ولاية معسكر. وتتربع غليزان على مساحة قدرها 21. 4851 كلم مربع متنوعة التضاريس تميزها سلسلة جبال الظهرة بمنطقة الشمال وسلسلة جبال الونشريس من الشرق وجبال بني شقران من الجنوب الغربي والتي تشكل حوالي 70 من المائة من المساحة الاجمالية للولاية. وتكسو بعض مناطق هذه الجبال ثروة غابية متنوعة الأصناف تتجاوز 51800 هكتار منها أزيد من 11 ألف هكتار شجرت منذ سنوات الثمانينيات من القرن الماضي حسب مصالح الولاية التي أشارت إلى أن الولاية تعرف منذ بداية العشرية الماضية تشجير في المتوسط حوالي ألفين هكتار سنويا. ويتميز مناخ المنطقة بالحار والجاف صيفا والبارد والممطر شتاء حيث قدر متوسط التساقطات المطرية في العشرية الاخيرة 211 ملم في السنة. وتتشكل الولاية إداريا من 13 دائرة تضم 38بلدية 14 منها استحدث إثر ارتقائها إلى مصاف ولاية وكان أنذاك عدد سكانها يقدر ب 446 460 نسمة ليرتفع سنة 2012 الى أزيد من 751 ألف نسمة وفق المصالح الولائية. وتزخر غليزان بمواقع أثرية متنوعة شاهدة على مختلف الحقب التاريخية لهذه المنطقة التي كانت تحمل في القرن الثالث قبل الميلاد اسم "مينا" والتي خضعت كغيرها من المناطق الجزائرية الى الحكم الروماني والبيزاطي قبل الفتوحات الاسلامية وتميزها بدورها في مقاومة المستعمر الفرنسي. ومن بين المآثر التي تشتهر بها الولاية الموقع الاركيولوجي لقصر كاوى بعمي موسى المصنف سنة 1901 ومدينة مازونة القديمة التي كانت عاصمة بايلك الغرب أبان الحقبة العثمانية وتضم حي القصية والمحكمة القديمة والمدرسة القرآنية التي تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري إضافة الى قلعة بني راشد التي تعود الى نفس العهد والتي تضم المسجد القديم الذي تم تشييده سنة 1734 من قبل الباي بوشلاغم وكذا المقبرة العثمانية. غير انه على الرغم من كل ذلك وتوفرها لمزارات للأولياء الصالحين مثل "سيدي امحمد بن عودة" لا يزال قطاع السياحة في حاجة الى ترقية وخاصة في مجال هياكل الاستقبال إذ أن الولاية لا تتوفر حاليا سوى على 9 فنادق واقامة سياحية بطاقة اجمالية لا تصل الى 700 سرير. كما تمتلك المنطقة موارد طبيعية مهمة يستغل البعض منها مثل الحصى والجبس والرخام والملح وغيرها. غير أن أهم ما يميز الولاية الطابع الفلاحي لما تمتاز به أراضيها من خصوبة ووفرة المياه إذ تقدر مساحة الأراضي الزراعية بأزيد من 348.000 هكتار منها 23.000 هكتار مسقية يخصص لها سنويا 60 مليون متر مكعب من المياه من سدي "قرقار" و"سيدي امحمد بن عودة". و من أهم المحاصيل المنتجة بالمنطقة الحبوب بطاقة تفوق المليونين قنطار سنويا والزيتون والحمضيات والجلبان والقرنون والخضر بمختلف أنواعها والأشجار المثمرة علاوة على المواشي حيث تمتلك الولاية حوالي 20 ألف رأس من البقر و360 ألف رأس من الغنم. وإلى جانب ذلك تتوفر غليزان على بنية تحتية هامة تتميز بشبكة طرقات تمتد على طول 2.583 كلم منها الطريق السيار شرق-غرب العابر للولاية على مسافة 4ر87 كلم وعدة طرق وطنية بطول 315 كلم وطرق ولائية وبلدية طولها أزيد من 2180 كلم بالإضافة إلى خط السكة الحديدية المزدوج الجزائرالعاصمة-وهران ومشروع خط غليزان-تيارت-تسمسيات. وكل هذه المؤهلات تجعل الولاية أقرب من موانئ مستغانمووهران وتنس ومطاري وهرانوالشلف مما يجعل منها منطقة جذب واستقطاب للإستثمارات وخاصة في المجالات الفلاحية والصناعية والخدمية. وبالفعل فقد سجلت الولاية في السنوات الأخيرة تشكيل نسيج اقتصادي مكون من مؤسسات صغيرة ومتوسطة بقطاعات نشاط مختلفة تجاوز عددها 5700 مؤسسة اضافة الى حوالي 1900 حرفي. ومع انجاز المنطقة الصناعية الجديدة لسيدي خطاب التي تتربع على مساحة 2700 هكتار والقريبة من الطريق السيار وميناء مستغام ارتفعت وتيرة الطلب على انشاء المؤسسات الصناعية حيث تم الموافقة في شهر أفريل الماضي على 99 مشروعا في مختلف الفروع الصناعية. وقد رافق التنمية الاقتصادية تطورا مماثلا في الجانب الخدمي لاسيما قطاع الصحة الذي شهد تحسنا في خدماته بفضل المشاريع التي تضمنها المخططين الخماسيين ومنها 7 عيادات متعددة الخدمات وخمس وحدات لتصفية الدم ومركز وسيط لمعالجة المدمنين وذلك في انتظار استلام مستشفى عمي موسى بطاقة 120 سريرا والانطلاق في تجسيد مستشفى منداس (60 سرير) ومعهد للتكوين الشبه الطبي. كما حظي قطاع التربية الذي لم يكن يتوفر سنة 1984 سوى على 4 ثانويات و23 متوسطة و277 مدرسة ابتدائية بمشاريع عديدة لانجاز المؤسسات التربوية سمحت بارتفاع عددها حاليا الى 44 ثانوية و107 متوسطة و446 مدرسة ابتدائية. كما تدعمت الولاية سنة 2009 بمركز جامعي يتسع لأزيد من 9 ألاف طالب وذلك على مستوى 6 معاهد واقامات جامعية تضم 5000 سرير وينتظر أن يتدعم خلال المخطط الخماسي الجاري بحوالي 8 ألاف مقعد بيداغوجي و4000 سرير. أما قطاع التكوين والتعليم المهنيين الذي كان يعد فقط 4 أربعة مراكز عند ارتقاء غليزان إلى ولاية فقد أضحى يتوفر حاليا على 13 مؤسسة تكوينية وسيعزز خلال المخطط الجاري بانجاز مشاريع أربعة معاهد للتكوين المهني بطاقة 450 مقعد لكل معهد وأربعة مراكز تكوينية بطاقة 250 مقعد لكل مؤسسة. كما تم ايلاء اتماما كبيرا لقطاع السكن حيت استفادت الولاية منذ سنة 1999 من مشاريع لانجاز أكثر من 83 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ تم تجسيد معظمها منها أزيد من 8 ألاف وحدة سكنية خصصت للقضاء على السكن الهش الذي قدر بنحو 534 14 مسكن. وفي مجال التموين بالماء الشروب مكنت المشاريع العديدة المنجزة من بلوغ نسبة الربط بالشبكة حاليا أزيد من 98 بالمائة بالنسبة للمناطق الحضرية و60 بالمائة فيما يخص المناطق الريفية. وفيما يتعلق بالربط بشبكة التموين بغاز المدينة فقد تم ربط 16 بلدية في العشر سنوات الأخيرة مما سمح برفع التغطية من حوالي 31 بالمائة الى 55 بالمائة في انتظار 15 بلدية المتبقية قبل 2014 لترتفع نسبة التغطية الى 68 بالمائة حسب المديرية الولائية لشركة توزيع الكهرباء والغاز. وفي مجال الإتصالات وتكنولوجيات الإعلام والإتصال تم خلال السنة الجارية تشغيل مركزين لشبكة الاتصالات المتعددة الخدمات "امسان" بكل من مازونة ووادي ارهيو بطاقة اجمالية قدرها 5500 خط على أن تعمم العملية على مستوى الولاية في أفاق 2014 حسب مديرية القطاع مع العلم أن الولاية تتوفر على شبكة هاتفية بطاقة تفوق 500 66 خط فيما يقدر عدد المشتركين ب 726 44 زبون. ومن جهة أخرى ترجمت الجهود المبذولة لتطوير قطاع الشباب والرياضة بانجاز مركب رياضي وعدة قاعات متعددة الرياضات ومسابح وتم فقط خلال المخطط الخماسي الماضي استلام ثلاثة مركبات رياضية جوارية و25 ملعبا رياضيا جواريا وبيتين للشباب فيما تتواصل أشغال انجاز 20 منشأة رياضية وشبانية أخرى.