لا شك أن المرأة العربية كانت تتطلع من مشاركتها المكثفة والفاعلة في الثورات ضد الأنظمة السياسية المستبدة، إلى تحقيق مكاسب سياسية وحقوقية أوسع، فخلال الانتفاضات كان للنساء صوتاً وحضوراً قويين، فقلد تصدين لذات المخاطر كالرجال عندما فضحن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الدولة ودعون للمساءلة، ولم يستثنين من أسوأ أعمال العنف أثناء قيادتهن للدعوات بالتغيير أثناء تلك الاحتجاجات. وقد تعرضت العديد من المتظاهرات للاعتقال والضرب والتعذيب المتظاهرين وغيره من ضروب سوء المعاملة فقط لأنهن نساء يمارسن حقهم في المطالبة بحق حرية التعبير والتجمع.. لكنها فوجئت بالردة الحقوقية والحضارية التي رافقت الربيع العربي، حيث إن الواقع السياسي الذي أفرزته الثورات تنكر لها، ذلك أن العراقيل التي تقلل من التطور الطبيعي لحقوق النساء مازالت قائمةة، بل زادها الربيع العربي سواً وتعقيداً. فبعد عام على الثورات احتفظ الرجال في الدول التي شملها الربيع بالسلطة باحتكارهم لصنع القرار في بلدانهم، وهذا ما نشاهد نتائجه. ففي المغرب تراجع عدد النساء في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بن كيران إلى وزيرة واحدة ، بعد ما كانت سبعة نساء في الحكومة السابقة، كما أن نسبتهن بالمجالس المحلية بقيت ترواح مكانها اي نسة 12%، ويعتبر هذا تراجعا خطيرا يمس المكتسبات التي تحققت للمرأة، سواء في قانون الأسرى أو في الدستور الجديد الذي ينص على مبدأ المساواة. أما في تونس ورغم مشاركة المرأة وبكثافة في ثورة و إعلان هيئة الدفاع عن مكاسب الثورة أن المجلس التأسيسي سيكون مناصفة بين الجنسين في قرارها التاريخي يوم 11 أفريل2012، حلت النساء بالمجلس التأسيسي بنسبة 25.7% بينما كانت النسبة في آخر برلمان قبل الثورة 28%، وكذلك الأمر في الحكومة فهي ممثلة بوزيرة واحدة فقط. لكن تبقى فرصة النساء بمشاركتهن في صياغة الدستور الجديد الذي سيحكم البلاد وهي بالتالي ستعمل على حفظ مكتسباتها التي نصت عليها صحيفة الأحوال الشخصية، إلى جانب دعم وتعزيز هذه المكتسبات وخلق قوانين وتشريعات جديدة تحمي المرأة وتصون كرامتها. في مصر لم يجد دورها المحوري الذي لعبته أثناء الإنتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق، حسني مبارك، ولم تشفع لها معاناتها، ومحاولات الجيش للحط من قدر المتظاهرات باعتقالهن وإخضاعهن لإختبارات فحوص العذرية. فعقب الانتخابات التي تلت أعواماً طويلة من الديكتاتورية، والمتمثلة في أنتخاب البرلمان المصري ، لم تحصل النساء إلا على 2%من مقاعد البرلمان، على الرغم من أن مصر كانت قد وقعت قانون مكافحة العنصرية وإعطاء الحقوق الأساسية للمرأة في عام 1981 وعلى الرغم من التعهد الذي قطعته الدولة المصرية لزيادة تمثيل المرأة في المؤسسات السياسية فيها. وبحسب السيدة براون، وهي مديرة قسم السياسة والقانون الدولي بالأمانة الدولية للمنظمة الحقوقية، أن 71 % من البرلمان المصري الجديد لم يبد تجاوباً للالتزام بتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين وهذا أمر لا يدعي على الاطمئنان بشأن حقوق المرأة ما بعد الثورة. أما بالبحرين، شاركت الآلاف من النساء في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وتعرضت العشرات للاعتقال، بجانب مزاعم تعرضهن للتعذيب أو سوء المعاملة، وفقاً لبراون. والكويت حيث تم إقصاء النائبات الأربع في البرلمان الكويتي السابق ولم تفز المرأة بأي مقعد في الانتخابات الجديدة. وكان الأمر كذلك في اليمن حيث تعرضت النساء اللائي وقفن إلى جانب الرجال في الاحتجاجات التي دعت لرحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، للقتل والتحرش والاعتقال والضرب والإهانت من قبل الأمن اليمني. ورغم ذلك، فأن هناك بصيص أمل، فقد حازت الناشطة اليمنية، توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام من ثلاث رشحن للحصول على الجائزة الدولية، في اعتراف مهم، رغم تأخره، بالدور الذي لعبته المرأة في الاحتجاجات التي عرفت بالربيع العربي. وتبقى المرأة بسوريا تعاني ظروف سيئة للغاية أين تنتهك حرماتها وتثكل وتمرمل على مرأ ومسمع العالم، رغم هذا فهي لا تتأخر على مسيرات الاحتجاج المطالبة برحيل النظام. أعتقد أن أن المرأة لم تحصد الكثير من الربيع العربي بل زاد أوضاعها سواً، لكن ما نحتاجه الآن هو أن نرفض ونحارب الموروث الثقافي الذي يركز على دونية المرأة.