لأن خالد مشعل آثر الدولارات القطرية على الدعم الأصيل لسورية وحزب الله، واختارت قيادة الحركة في غزة نصرة الإخوان ضد إرادة المصريين، فإن الحركة تكون قد رهنت مستقبلها ومستقبل المقاومة في غزة، وعزلت شعب غزة المقاوم عن حاضنته الطبيعية. أكبر الخاسرين من الربيع العربي الموجه أمريكيا هو بلا ريب حركة حماس الفلسطينية التي خدعها توجه الربيع العربي نحو تسليم قيادة كبرى الدول العربي لحركة الإخوان، فسارعت قيادة حماس إلى تبني خيارات قاتلة سواء في سورية أو في مصر بانخراطها الفاضح في الحرب الكونية على سورية ثم في بناء أحلام كاذبة على خلفية وصول الإخوان لحكم مصر, وفي الحالتين كانت حسابات قيادة حماس خاطئة بل هي أقرب إلى الانتحار، وقد توصف في الحالة السورية بالخيانة بعدما تواترن الأخبار عن انخراط عناصر من حماس في القتال إلى جانب المجاميع الإرهابية، واكتشفت القيادة السورية أن جزءا من التسليح الذي منحته لحماس سلمه خالد مشعل للمجاميع المسلحة الإخوانية في سورية، وورود أخبار من أوساط قريبة من حزب الله عن اعتقال عدد من مقاتلي حماس مع من اعتقل في معارك استرداد القصير وريفها. قيادة حزب الله التي شعرت بالخيانة سعت مع ذلك إلى التكتم على ما اكتشفته في القصير من تورط مقاتلين من حماس في القتال في سورية، سبق لحزب الله أن دربهم على تقنيات حفر الأنفاق وتفخيخ المنازل وكل ما تحتاجه حرب العصابات الحديثة لتستعمل في غزة ضد العدو الصهيوني، لكن قيادة حماس بإمرة خالد مشعل قامت بزج هذه العناصر المدربة في الحرب القائمة ضد الشعب السوري، في ما يشبه خيانة الأمانة، ليس فقط مع سورية التي احتضنت حماس حين كانت مطاردة ومنبوذة في جميع الدول العربية بل أيضا ضد حزب الله الذي قدم الكثير لفصائل المقاومة في عزة. ومع وجود أدلة وقرائن كثيرة حول تورط حماس في الحرب القذرة ضد سورية، ومحاولة تأليب المخيمات الفلسطينية في سورية ضد السلطة السورية الشرعية، أو بمخيمات اللاجئين في لبنان ضد حزب الله، فإن القيادة السورية عضت على الجرح وآثرت عدم فضح هذه الخيانة التي ارتكبتها قيادة حماس منذ أن اختار خالد مشعل الارتماء في حضن دولة قطر، والتسرع في تقل القيادة الخارجية لحماس من دمشق إلى الدوحة، وخروج خالد مشعل بتصريحات مسيئة للدولة السورية التي لم تمارس أي ضغط على أي من الفصائل الفلسطينية لنصرة الدولة السورية، وكان يكفيها أن تقف الفصائل على الحياد, أوساط كثيرة من غزة قريبة من بعض قيادات الحركة لم تكن راضية على المواقف التي تبناها خالد مشعل، كما لم ترغب في أن يزج بحماس لا في الأزمة السورية ولا في الإحداث الجارية في مصر. وما يقال عن تصرفات خالد مشعل بالنسبة لتوريطه عناصر مقاتلة من حماس في الأزمة السورية، يقال أيضا عن إسماعيل هنية الذي أقحم الحركة في الرمال المصرية المتحركة بما أظهرت الحركة من تأييد لمرسي والإخوان خلق حالة من العداء الشعبي المصري ضد الحركة والفصائل الفلسطينية في غزة واتهام الحركة علانية بالتواطؤ مع الإخوان أثناء أحداث يناير ومشاركة عناصر من حماس في الهجوم على السجون المصرية وتحرير بعض قيادات الإخوان ثم اتهامها بقتل الجنود المصريين الستة عشر واختطاف سبعة آخرين. الاتهام يطال اليوم حماس بالمشاركة إلى جانب المجموعات المسلحة في سيناء في قتالها مع الجيش المصري بعد عزل الرئيس مرسي، قد ينتج عنه اضطرار الجيش المصري إلى غلق معبر رفح حتى الانتهاء من تصفية العناصر المسلحة في سيناء، ومواصلة هدم الأنفاق. هذه السياسة الحمقاء لحركة حماس سوف تكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل الحركة وربما على مصير معظم فصائل المقاومة في غزة. فقد نجح خالد مشعل في إفقاد الحركة ثلاثة من أقوى وأكثر الحلفاء عطاء للحركة وللمقاومة يأتي على رأسها الدولة السورية الداعم الرئيسي لحماس ولمعظم الفصائل الفلسطينية، ومعها تكون الحركة قد فقدت ثقة حزب الله ممولها الرئيسي بالأسلحة باعتراف قيادات حماس أنفسهم في أعقاب العدوان الصهيوني الأخير على غزة، ولن تستطيع قطر المؤتمرة بالأوامر الأمريكية أن تعوض الدعم الإيراني أو الاحتضان السوري للحركة .
وحتى تكتمل الصورة، وتفتضح السياسة القائمة على خيانة الحلفاء الحقيقيين، فإن الانقلاب الأخير على مرسي والإخوان، والدخول في صراع مباشر مع الجيش المصري سوف يكلف الحركة وجودها ليس على أيدي الجيش المصري بل على يد سكان غزة الذي عانوا الكثير من السلوك التسلطية للحركة، خاصة بعد التوقيع على الهدنة مع الكيان الصهيوني الذي أفقد الحركة ما بنته في عقدين من الزمن، وقد تشهد غزة حراكا شعبيا ومن بعض الفصائل للإطاحة بالحركة التي تكون قد انتقلت في وقت مبكر من معسكر المقاومة إلى فسطاط المقاولة بمعاناة الشعب الفلسطيني في غزة، وسوف تكتشف وقتها أن الدولارات القطرية لا تصنع مقاومة، وأن ارتماء حماس في أحضان قطر ثم في تبعية عمياء لجماعة الإخوان كان خيارا أحمق قاتل لحركة باعت القضية الفلسطينية وخانت الحلفاء إرضاء لمرشد الإخوان وأوهام الإخوان ببناء خلافة يعضدها البيت الأبيض.