أكد المشاركون في الملتقى الدولي "انريكو ماتيي و حرب التحرير الوطني" أول أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة أن انريكو ماتيي المدير الأسبق للمؤسسة الوطنية الإيطالية للمحروقات قدم إسهاما "جوهريا" في إستراتيجية الوفد الجزائري خلال مفاوضات ايفيان. و في مداخلته أكد دحو ولد قابلية إطار سابق بوزارة التسليح و العلاقات العامة و وزير الداخلة و الجماعات المحلية حاليا أن "الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية دعت آنذاك هذه الشخصية الإيطالية المعروفة بمواقفها المناهضة للاستعمار إلى تقديم دعمها في الطريقة التي تتم بها تنظيم المفاوضات لا سيما فيما يتعلق بملف البترول" و أكد في هذا السياق أن المفاوضين الجزائريين نجحوا بفضل التوضيحات التي قدمها انريكو ماتيي في تحديد رهان مفاوضات إيفيان لا سيما فيما يتعلق بسيادة الجزائر على أراضيها و باطن أراضي الصحراء ، و اعتبر ولد قابلية أن مواقف ماتيي حول ملف البترول الجزائري كلفته حياته. و أضاف أن صالح بوعكوير المدير العام السابق للشؤون الاقتصادية و التصنيع للحكومة العامة الفرنسية بالجزائر خلال الخمسينات قدم مساهمته لوزارة التسليح و الاتصالات العامة خلال الحرب التحريرية.و أوضح ولد قابلية على هامش أشغال ملتقى دولي تحت شعار "انريكو ماتيي و الجزائر" ان "موقف وزارة التسليح و الاتصالات العامة واضح. صالح بوعكوير قدم مساهمته للثورة و اغتيل لهذا السبب".و بعد أن أشار إلى العلاقة بين الموت الغامض لأنريكو ماتيي في أكتوبر 1962 اثر تحطم طائرة و اغتيال صالح بوعكوير في سبتمبر 1961 ذكر نفس المتحدث بأنذلك جعل يوحي بأن الرجلين اغتيلا لدورهما بخصوص ملف المحروقات خلال مفاوضات ايفيان التي توجت باستقلال الجزائر. و عن سؤال عن مساهمة بوعكوير في الثورة الجزائرية أكد علي شريف ديروة أحد قدماء ضباط وزارة التسليح و الاتصالات العامة أن صالح بوعكوير قدم إسهامه للثورة و كان قد التقى في نيودلهي بفرحات عباس أول رئيس للحكومة المؤقتةللجمهورية الجزائرية.و بعد أن ذكر بمناقب صالح بوعكوير أوضح نفس المتحدث بأن هذا الأخير "و بعد لقائه بفرحات عباس سنة 1959 أكد استعداده لخدمة الحكومة المؤقتة و الثورة الجزائرية". و اعتبر ولد قابلية أن أطروحة اغتياله من قبل المخابرات الفرنسية "هي الأقرب للواقع" مؤكدا أنها (مصالح المخابرات) "لم تكن تتوانى في القضاء على أي شخص يعارض مصالحها"و من جهته تأسف رضا مالك رئيس الحكومة الأسبق و المتحدث باسم الوفد الجزائري في مفاوضات إيفيان لكون "صديق الجزائر هذا لم يشهد الجزائر المستقلة".و أشار إلى أن ماتيي كان يمتلك أفكارا إبداعية في مجال العلاقات بين الدول المنتجة و المستهلكة للبترول.و أوضح رضا مالك انه في الوقت الذي كانت فيه "قواعد اللعبة" خلال سنوات 1950-1960 تمليها الشركات متعددة الجنسيات في المجال البترولي فان انريكو ماتيي كان يحمل رؤية جديدة تتمثل في: تحديد فوائد الشركات متعددة الجنسيات بنسبة 25 بالمائة و تخصيص باقي الهامش (75 بالمائة) للبلدان المنتجة. من جانبه ذكر محمد خلادي مدير سابق لمصلحة التوثيق و البحث التابعة لوزارة التسليح و الاتصالات العامة بمساهمة ماتيي في المقاومة ضد المحتل النازي في إيطاليا مضيفا انه كان من بين القادة الخمسة لهذه المقاومة. و أضاف يقول أن التزام ماتيي للثورة الجزائرية كان "صادقا".كما كان ماتيي قد مول عديد الصحف الإيطالية المساندة للثورة الجزائرية و التكفل بتنقلات قادة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في إيطاليا.و أكد خلادي "انه قد وفر للحكومة المؤقتة للحكومة الجزائرية جميع الملفات الخاصة بحقول البترول في الجنوب الجزائري التي بحوزة المؤسسة العمومية الإيطالية للمحروقات". أما برونا بنياتو أستاذة التاريخ و العلاقات الدولية بجامعة فلورنسا فقد أشارت لدى تدخلها حول موضوع "إيطاليا و المسالة الجزائرية" إلى أن دعم إيطاليا للثورة الجزائرية قد بدا سنة 1955-1956 مرجعة هذا الالتزام إلى خيبة أمل الإيطاليين جراء الأحداث المأساوية لمعركة الجزائر و فشل سياسة حكومة غي موليه في الجزائر.كما أبرزت في ذات السياق الدور الذي لعبه ماتيي بصفته مسؤول اقتصادي في تغيير موقف المسؤولين السياسيين الإيطاليين حول مسالة الاستعمار في الجزائر. وبخصوص الهدف المرجو من تنظيم هذا الملتقى فقد أوضح سفير إيطاليا بالجزائر جيانباولو كانتيني في مداخلته الافتتاحية بان إيطاليا تأمل المساهمة في كتابة صفحة من صفحات تاريخ الجزائر المعاصرة و تعريف الأجيال الجديدة بشخصية اونريكو ماتي.