ألقيت مساء الاثنين بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي بالجزائر العاصمة النظرة الأخيرة على الفنانة القديرة فتيحة بربار التي وافتها المنية الجمعة الماضي بباريس بحضور جمع غفير من فنانين ومحبي الفقيدة وأفراد من عائلتها. وقد ألقى عدد كبير من الفنانين تتقدمهم وزيرة الثقافة نادية لعبيدي النظرة الأخيرة على هذه المبدعة المتألقة التي ترك رحيلها المفاجئ حزنا عميقا في الأوساط الفنية الجزائرية ولدى محبي هذه النجمة التي أضاءت على مدار أكثر من نصف قرن الشاشتين والركح بحضورها المميز وأدوارها المتنوعة. وكان فنانون كبار على غرار فريدة صابونجي ونادية طالبي ومصطفى برور وآخرون من الجيل الجديد كلهم في استقبال جثمان الفقيدة الذي حضر مسجى بالعلم الوطني عقب وصوله من باريس في جو كله حزن وأسى، حيث تمت قراءة فاتحة الكتاب ترحما عليها كما ألقى بعض الفنانين كلمات ذكرت بخصالها وعطائها الفني. وفي هذا السياق أشادت وزيرة الثقافة بالمسيرة الفنية "الحافلة" للراحلة و"تضحياتها" في سبيل الفن مذكرة الحضور ب"تحديها لمجتمعها" في بدايات مسيرتها الفنية ومضيفة أيضا أن "تميزها في أعمالها المسرحية والسينمائية والتلفزيونية جعلها تكسب الشهرة الواسعة وحب الجمهور". وأبدى من جهته الممثل سيد علي بن سالم -الذي شاركها عددا من الأفلام على غرار "الحنين" (2011) و"انحراف" (2012) -حزنه الكبير لرحيل بربار التي وصفها ب "الوالدة التي لم تكن تبخل على أحد سواء في المجال الفني أو خارجه". وتأسف من جهته المخرج باديس فضلاء -الذي شاركته الفقيدة في فيلمه "الموت على رصيف الحياة" (2014)- ل"الوضع الذي هو عليه الفنان الجزائري اليوم" معتبرا أنه "يجب تخليد هؤلاء الفنانين الكبار بعد موتهم حتى لا ينسون من خلال إدراج أسمائهم في برامج المنظومة التربوية". وذكرت من جهتها المنتجة باية الهاشمي بإخلاص الراحلة "الكبير" للأعمال التي جمعتها معها على غرار مسلسل "القلادة" معتبرة في نفس الوقت أن بربار "كانت لتبرز أكثر فيما لو أن الإنتاج في الجزائر أحسن مما هو عليه" مؤكدة بهذا الخصوص أن الإنتاج في الجزائر "ضعيف مقارنة حتى ببلدان الجوار". فنانون آخرون على غرار أرسلان ونوال زعتر وليندة ياسمين كانوا قد شاركوا الفقيدة في العديد من الأعمال التلفزيونية وخصوصا المسلسلات أجمعوا بدورهم على الحس الفني الكبير للراحلة وكذا أخلاقها التي جعلت الجميع بمن فيهم الممثلين الشباب يكنون لها كل الحب والإحترام. وبدأت الراحلة -وهي من مواليد العاصمة في 1945- مشوارها الفني نهاية 1959 بعد مغادرتها فرقة مريم فكاي عميدة الحوزي العاصمي التي انضمت إليها في سن مبكرة وقد عرفت منذ بداياتها بحسها التمثيلي المميز وإطلالتها الجميلة وأناقتها المتميزة ما سمح لها بتبوء مكانة خاصة في المشهد الدرامي الجزائري. وكانت بدايتها من المسرح حيث قدمت أول دور لها في مسرحية "النساء الحاذقات" Les femmes savantesلموليير وواصلت بعدها العمل على الركح حيث ظهرت في الكثير من الأعمال المسرحية بعد الاستقلال منها "دائرة الطباشير القوقازية" لبريخت كما شاركت أيضا في أدوار أخرى مع رويشد وبن قطاف. كما عملت فتيحة بربار -التي ترأست أيضا جمعية "أصدقاء رويشد"- في الدراما التلفزيونية مع عدد من المخرجين على غرار جمال بن ددوش ويحيى دبوب وحاج رحيم بالإضافة للمرحوم جمال فزاز كما في مسلسل "المصير". وللفنانة أيضا أعمال كثيرة في السينما حيث تعاملت مع مرزاق علواش في "العالم الآخر" (1994) كما ظهرت أيضا في أفلام أجنبية أثناء تواجدها بفرنسا في التسعينيات منها "راي" لطوماس جيلو و"مائة بالمائة أرابيكا لمحمود زموري.