مرت عدة دقائق قبل أن ينطلق عرض مونولوج "زلاميت" لفضيل عسول ، وبعد تأخر وإنتظار خرج الممثل إلى ركح مسرح محي الدين باش طارزي وصرح بفخر "سعيد اليوم لأنني تركتكم تنتظرون... في بداياتي كنت تأخري لدقائق معدودة، اليوم وبفضل الجد والتفاني، بلغت مستوى متقدم مكنني من ترك الجميع ينتظر لساعات..." بهذا الخيار استهل الممثل تشريحه لأولى الظواهر التي تناولها العمل الذي عرج خلاله على عدة قضايا تراوحت بين الاجتماعية، السياسية والتربوية... وفي قالب كوميدي أدى الثلاثاء فضيل عسول وان مان شو "الزالاميت" الذي تقمص خلاله عدة شخصيات متباينة، جسدت تصرفات وظواهر من صميم المجتمع الجزائري، قد نصادفها في الإدارة، المؤسسات التربوية، الأسرة وحتى قطاعات الثقافة، والسياسة... كما تمكن صاحب العمل من تجميع كم من الدلالات والتلميحات، في قالب فكاهي مرن، استقبله الجمهور بسهولة، وتجاوب مع نكت عسول، وارتجاليته، التي أحالت المشاهد إلى الوقوف قبال مرآة واقعه، والإبتسام لها. فعن حال الأستاذ اليوم في المدرسة تكلم الزلاميت، ولمح لرومانسية الجزائري قبل الزواج وبعده، كما أدخل الحضور في قهقهات عن واقع الألقاب التي تحول بعضها إلى نكتة بسبب نقطة قد تغير موقعها جراء أخطاء المصالح الإدارية، فرمت المتضررين منها في رحلة بحث دؤوبة بين أروقة المحاكم لإصلاح ما ألم بهم. وبهذا البناء الطريف صاغ العرض رسائل هادفة، تهكمت على واقع متناقض، تثير نقدا للذات، لمحاسبتها أحيانا قبل تقييم الغير، ليستحضر في الأخير جده الحكيم الذي قال: "قد تتمكن من شراء عرض، لكن لن تستطيع شراء جمهور، قد تتمكن من شراء منزل، لكن لن تقتني أسرة ، ربما ستشتري الأرض، لكن مستحيل أن تملك السماء..." وعن عنوان العرض زلاميت أوضح فضيل عسول أنه أراد منه الدلالة على طبع المواطن الجزائري الذي قد يشتعل لأتفه الأشياء، وذكر أن فكرة العمل راودته منذ سنة 2002 لما كان طالبا بالمعهد العالي لمهن فنون العرض و السمعي البصري، إلا أنه حرص على تطويرها باستمرار، مبررا خياره لصعوبة هذا النوع المسرحي (وان مان شو)، موضحا أن ما قدمه هو نقد موجه لجميع الاطراف، مسؤولا كان، أو مواطن بسيط، لأن للكل جانب من المسؤولية.