أكد مسؤولون من قطاع التكوين المهني أن الشروط التى تحددها مدونة قطاع التكوين المهني تشكل في بعض التخصصات حاجزا لدى عدد من طالبي التكوين في اختيار التخصص المرغوب فيه. ويعتبر المستوى التعليمي من بين هذه الشروط التى حالت دون تمكن "عدد هائل" من طالبي التكوين من اختيار بعض التخصصات التى يرغبون فيها والتى لا بديل عنها بالنسبة لهم لكونها تعد مهن واعدة في سوق الشغل حتى أصبحت هذه المسألة من أسباب احدى حالات تراجع البعض منهم عن التكوين. وفي هذا الشأن أكد مدير التكوين المهني بقاريدي (القبة) كروش رشيد أن بعض التخصصات اليدوية الخاصة بالتمهين كالترصيص والميكانيك والكهرباء المعمارية يشترط فيها مستوى السنة الرابعة من التعليم المتوسط ولكنها شهدت خلال التسجيلات الاخيرة اقبالا واسعا عليها من طرف طالبي التكوين المتحصلين على مستوى تعليمي أدنى من المطلوب. ولهذا الغرض يقول ذات المسؤول فانه بات من غير الممكن تسجيل طالب تكوين في تخصص يشترط فيه مستوى تعليمي لا يتوافق مع مستواه وفي هذه الحالة --كما أضاف--فان المشرفين على التسجيلات سهروا على توجيه الكثير منهم نحو تخصصات أخرى. وباحدى زوايا أرصفة محطة الحافلات ببن عمار (القبة) أعرب محمد بائع لوازم التنظيف عن تحصره لعدم تمكنه أثناء التسجيلات الأخيرة للتكوين المهني من التسجيل في تخصص الترصيص. وأوضح محمد البالغ من العمر17 سنة وهو متحصل على مستوى السنة الثانية متوسط أنه كان يرغب في مزاولة تكوينه في مهنة الترصيص للحصول على شهادة تمكنه عن طريق أجهزة التشغيل التى وفرتها الدولة من اكتساب ورشة عمل متنقلة في هذا التخصص ولكن مستواه التعليمي حال دون ذلك. وأكد ذات الشاب أنه تلقى أحسن استقبال واستمع لعدة اقتراحات و شروحات من قبل المشرفين على التسجيلات الذين حاولوا توجيهه الى تخصصات أخرى تناسب مستواه التعليمي و لكنه تراجع عن التسجيل لتمسكه بمهنة الترصيص أوالميكانيك لكون هذان التخصصان --على حد قوله-- مطلوبان في سوق الشغل ومدران للأرباح. ويذكر أن من بين قرارات مجلس الوزراء في 22 فيفري 2011 والمتعلقة بترقية التشغيل منح قرض بدون فائدة بقيمة 500.000 دج لفائدة شباب خريجي قطاع التكوين في تخصصات مرتبطة بالمهن اليدوية كالترصيص و الميكانيك و الكهرباء المعمارية. ويستغل هذا القرض لحيازة مركبة يتم تهيئتها على شكل ورشة عمل مدعمة بكل التجهيزات الضرورية في اطار النشاط المهني الممارس من قبل المتحصل على شهادة التكوين المهني. وبمركز التكوين المهني بالربوة البيضاء (القبة) فقد بقيت المقاعد المخصصة للاعلام الآلي شبه شاغرة من حيث عدد المتربصين رغم أن هذا التخصص يعد من بين المهن الواعدة في سوق الشغل حسب ما أكده مدير المركز السيد هارون زهير. واوضح ذات المسؤول أن مدونة التخصصات تحدد مستوى السنة الثانية من التعليم الثانوي "شعبة علمية" كشرط أساسي للتسجيل في الاعلام الآلي في حين كثرت الطلبات خلال التسجيلات الاخيرة على هذا التخصص من قبل المتحصلين على مستوى الثانية ثانوي "شعبة آداب". ومن هذا المنظور دعا ذات المسؤول الى ضرورة اعادة النظر في بعض الشروط التى تحددها مدونة التخصصات بغية منح فرص أكبر لطالبي التكوين الذين لا يتوفر فيهم شرط المستوى التعليمي المطلوب بغية تمكينهم من مزاولة تكوينهم في بعض التخصصات كالترصيص أوالاعلام الآلي. وأكد هنا على أهمية تمكين طالبي التكوين من شعبة آداب من الاستفادة من التكوين في تخصص الاعلام الآلي الذي يوجه حاليا لطالبي التكوين من الشعبة العلمية فقط . ولحل مشكل المستوى التعليمي الذي تشترطه بعض التخصصات كالترصيص وميكانيك السيارات دعا نفس المسؤول الى فتح تخصصات اضافية تسمى على سبيل المثال "مساعد في الترصيص" أو "مساعد في ميكانيك" السيارات بالنسبة لطالبي التكوين الذين لا يتوفر فيهم شرط المستوى. وبدوره سجل مركز التكوين المهني بحي البدر (القبة) هو الآخر اقبالا معتبرا لطالبي التكوين في تخصص "مستعمل الاعلام الآلي" الذي يشترط فيه مستوى الثانية من التعليم الثانوي حسبما أكده مدير المركز السيد مناصرية يوسف . ولهذا الغرض عرفت التسجيلات الاخيرة --يضيف نفس المسؤول--صعوبات في تلبية الرغبات التى لا يتوفر أصحابها على المستوى التعليمي المطلوب في هذا التخصص(مستعمل الاعلام الآلي) بحيث تم توجيه بعضهم نحو تخصصات أخرى من بينها المحاسبة. كما تعتبر الخياطة الجاهزة من بين التخصصات التى شهدت نقصا ملحوظا من حيث طلبات التكوين بهذا المركز --يقول السيد مناصرية-- مرجعا بعض الاسباب الى ميل عدد كبير لاقتناء الألبسة الجاهزة التى تحمل بعضها ماركات عالمية. وأجمع هؤلاء المسؤولين على التراجع الذي شهدته التسجيلات الاخيرة في التكوين المهني من حيث عدد المترشحين مقارنة مع السنوات الماضية. و في هذا الجانب أرجع السيد مناصرية السبب الى الاجراءات التى اتخذتها وزارة التربية الوطنية ازاء التلاميذ الراسبين باعطائهم فرص أخرى تسمح لهم باعادة السنة الدراسية علاوة على النجاحات المعتبرة المحققة في امتحانات نهاية التعليم المتوسط والتعليم الثانوي. ومن جهة أخرى أشار الى أنه رغم المجهودات المبذولة من طرف وزارتي التربية الوطنية والتكوين المهني من حيث التبادل و التشاور والتعليمات بخصوص مجال توجيه التلاميذ والمتربصين لا يزال التنسيق بين القطاعين "يحتاج الى تدعيم أكثر". ولهذا الغرض دعا مسؤولوا بعض المؤسسات التكوينية نظرائهم في المؤسسات التربوية الى تعميق التنسيق عن طريق ايفادهم مع نهاية كل سنة بقوائم التلاميذ الذين لا يسعفهم الحظ لمزاولة تعليمهم الدراسي وذلك بغية الاتصال بهم ومرافقتهم بتوجيههم نحو التكوين المهني.