بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس الأربعاء، رسالة تهنئة إلى الطلبة الناجحين بتفوق في امتحان البكالوريا لعام 2008، معربا لهم فيها عن سعادته لمشاطرتهم فرحتهم بهذا التفوق المتميز. وقال رئيس الجمهورية في هذه الرسالة، التي تمت تلاوتها في عدد من ولايات الوطن خلال حفلات تكريمية للمتفوقين بحضور أعضاء من الحكومة: "أتوجه إليكم باسمي الخاص ونيابة عن كافة الجزائريات والجزائريين بأحر التهاني وأصدقها بمناسبة نجاحكم في امتحان شهادة البكالوريا بتفوق وبما أظهرتموه من تميز في الدراسة وطلب العلم". وأكد لهؤلاء المتفوقين قائلا: "إنكم اليوم تقطفون ثمرة النجاح التي غرستم بذرتها بمثابرتكم وبجدكم واجتهادكم وتنعمون بالفرح والسعادة وتتذوقون حلاوة الفوز بالمراتب المتقدمة فيه بعد سنوات من التحصيل العلمي والاغتراف من معين المعرفة الذي لا ينضب". وأضاف الرئيس بوتفليقة "لقد برهنتم جليا على أن النجاح يكون دائما حليف الذين يدرسون بجد واجتهاد، كما عبرتم أيضا بتحليكم بهذا السلوك القويم عن إخلاصكم لوطنكم الساهر مسؤولوه على مصلحتكم" مؤكدا أنه "نجاح مستحق وتألق كنتم جديرين به". وتوجه رئيس الجمهورية في رسالته إلى المتفوقين بقوله: "هنيئا لكم أيتها التلميذات النجيبات والتلامذة النجباء على حصادكم الوفير" مشيرا أن "أفضل ما نرجوه لكم من العلي القدير أن يسدد خطاكم ويوفقكم فيما أنتم مقبلون عليه من الدراسة والتحصيل، وأن يجعل الفوز حليفكم على الدوام في معترك حياتكم المستقبلية". وأضاف "إن فوزكم هذا هو مكافأة لكم على كدكم ولأوليائكم على أخذهم بأيديكم ومرافقتكم طوال مساركم الدراسي ولأساتذتكم الذين أخلصوا في عملهم معكم بعزيمة وتفان"، وأضاف أن هذا التفوق هو أيضا "ثمرة الجهود التي ما فتئت تبذلها الدولة الجزائرية لتجسيد مبدأ ديمقراطية التعليم على أرض الواقع، وتسخر كل ما لديها من وسائل وإمكانيات لتطوير التربية والتعليم وإقامة مدرسة جزائرية متجذرة ومتطلعة إلى الحداثة تحدوها على ذلك طموحات أمة تواقة إلى الرقي الاجتماعي والازدهار الاقتصادي". "إننا حقا -يستطرد رئيس الجمهورية- سعداء بكم نشاطركم فرحتكم بهذا التفوق المتميز وأمتكم فخورة بكم أنتم ذخر الوطن العزيز المفدى لأنكم تمثلون حاضره النير ومستقبله المشرق، ولأن التقدم الذي يشهده العالم في كافة المجالات يبين لنا بما لا يدع مجالا للشك أن لا سبيل إلى التقدم إلا عن طريق التكوين والمدرسة التي تستثمر وترقي كل الأداءات في سبيل بناء الإنسان باعتباره الثروة المتجددة والمتنامية التي لا تنضب والتي هي صانعة لكل الثروات". وقد اعتبر الرئيس بوتفليقة في هذا السياق أن "المؤسسة التربوية -بعد الأسرة- هي الفضاء الأنسب والأمثال الذي يكتسب فيه المتعلمون المعارف والمهارات والسلوكات التي تبني شخصياتهم وتعدهم للعيش في عصرهم وتجعلهم مواطنين صالحين متمسكين بأصالتهم وقيم مجتمعهم وفي ذات الوقت متفتحين على القيم الإنسانية وقادرين على التكيف الايجابي والواعي مع المتغيرات المتسارعة الداخلية منها والخارجية وعلى كافة الصعد". وأبرز أن الغاية المتوخاة من الإصلاحات الجارية في المنظومة التربوية برمتها هو "إحداث التغيير المنشود في المدرسة الجزائرية من أجل تكوين مواطن قادر على التحكم في تكنولوجيات العصر لضمان تنمية مستدامة وتوظيفها في تحقيق الرخاء الاجتماعي ومواكبة العولمة". إن هذه الإصلاحات -يؤكد رئيس الجمهورية- تهدف أيضا إلى "ترسيخ القيم الثقافية والحضارية والتاريخية" في وجدان المواطن و"زيادة تشبعه بها" وذلك "بغرس روح المواطنة والوطنية في نفوس الناشئة والاعتزاز بماضيها العريق، وحثها على صون المكونات الأساسية للهوية الوطنية والإلمام المتبصر بتراث الجزائر الثقافي والحضاري والسهر على رعايته وحفظه مع التفتح على العالم". وخلص إلى أن هذا المسعى "لا يتحقق إلا في كنف الاستقرار والسلم ولا يتأتى إلا بالتآخي والوئام وإلا بالمصالحة الشاملة بالتصافي والتلاحم بين كافة أفراد المجتمع" مشيرا إلى أنه "لا كفاح في بلادنا إلا على التخلف ولا حرب إلا على التكاسل والتخاذل والجمود"...