أصبحت الحرڤة ظاهرة اجتماعية وجب معالجتها نظرا لانعكاساتها السلبية على كيان المجتمع وتركيبته. ''المستقبل'' اقتربت من رضا سلواتجي، رئيس ممثلية الفيدرالية الاوروبية للجمعيات الجزائرية بالجزائر، وفتحت معه الموضوع حول نشاطات الفيدرالية والمشاكل التي تواجه الحراڤة خاصة المفقودين منهم. متى تأسست الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين وما هو عملها؟ تأسست الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين عام 2005 بعد أن كانت عدة جمعيات جزائرية تنشط في أوروبا بصفة منفصلة ومنها جمعية المهاجرين الجزائريين في جزر البليار، والتي كان يرأسها بلمداح نور الدين الذي صار بدوره رئيس هذه الفيدرالية، وكنت ممثلا لها في الجزائر مكلفا بالإتصال مع السلطات الجزائرية، ولما رأينا أن أوروبا أصبحت تفكر بنظرة شاملة من خلال تجميع الكل في تكتّل واحد سمي الإتحاد الأروبي، فكرنا نحن بدورنا في تنظيم أنفسنا في فيدرالية واحدة للدفاع عن الجزائريين المغتربين. ففي سنة 2005 تم تنظيم مؤتمر كبير شاركت فيه حوالي 40 جمعية جزائرية وتأسست بذلك الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين والدفاع بغطاء موحّد عن الحقوق المادية والمعنوية للمهاجرين الجزائريين ومد جسر بينهم وبين البلد الأم الجزائر. وهل حققتم شيئا من هذه الأهداف التي تأسست من أجلها الفيدرالية؟ ليكن في علم الجزائريين أن الدول الأوروبية تقتطع نسبة 0.7 ٪ من أجور جميع العمال المؤمّنين سواء أكانوا مغتربين أو أوروبيين، وهذه النسبة تعود لصندوق خاص يسمى الصندوق الدولي للتعاون يعمل لصالح الاستثمارات الإنسانية في الدول الفقيرة والنامية من بينها الجزائر، وقد استغلت الجاليات المغتربة هذه الأموال لصالح بلدانها من خلال تقديم ملفات عن مشاريع، إلا الجالية الجزائرية كانت غائبة لعدم وجود هيئة أو فيدرالية تتحدث باسمهم في إطار رسمي منظم وهو ما حدث بعد تأسيس الفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين. إذن تقدمتم بمشاريع للاستفادة من أموال الصندوق الدولي للتعاون؟ بالفعل، بعد تأسيس الفيدرالية تقدمنا مباشرة بعدة ملفات لمشاريع إنسانية لصالح الجزائر في محاولة لتدارك التأخر السابق والاستفادة كغيرنا من الجاليات. ما هو أول مشروع تمت الموافقة عليه من طرف اللجنة المسيّرة؟ أول مشروع للفيدرالية الأوروبية لجمعيات الجزائريين تمت الموافقة عليه وهذا بعد استوفاء شروط اللجنة كان لصالح جمعية تعنى بالمعوقين ذهنيا بالشلف وتمثل في بناء مركز لهم مجهز بكل لوازمه وبطاقة استيعاب تصل 06 طفلا. وهل تتمّ عملية التمويل مباشرة ؟ التعامل مع السلطات الإسبانية يتم بشفافية تامة، فالتمويل يكون عن طريق تقديم الفواتير المؤكدة للمقاولين المكلفين بإنهاء المشروع وتكون المراقبة دورية من طرف مسؤولين من السفارة الإسبانية بالجزائر، وهذا لغاية تسليم المشروع حفاظا على مصداقية الصندوق وحماية للجمعية المستفيدة. هل هناك مشاريع أخرى لصالح الجمعيات؟ هناك مشروع مع جمعية من البليدة ''كافل اليتيم'' وتسير العملية في ظروف مواتية، وهذا دون أن ننسى التضامن مع ضحايا زلزال بومرداس الذي شاركنا فيه بتقديم المساعدات المموّلة من طرف هذا الصندوق. ؟ وهل ساهمت الفيدرالية في حل مشكل رخصة السياقة الجزائرية لدى السلطات الإسبانية؟ المشكل قد حلّ نهائيا وأصبحت رخصة السياقة الجزائرية معترفا بها لدى السلطات الإسبانية بعدما قامت الفيدرالية بالعمل مع وزارة النقل ووزارة الخارجية اللتين ساعدانا كثيرا لتسوية هذا المشكل الذي عانت منه الجالية الجزائرية في إسبانيا، وأصبح الانشغال من الماضي. وماذا عن ظاهرة الحراڤة التي أصبحت تشغل بال الجميع؟ إن ظاهرة الحرڤة أصبحت ظاهرة إقليمية، وتمس كلتا الضفتين من المتوسط. وتحركات الأوروبيين في هذا الموضوع كانت لصالحها دون مراعاة الجهة الجنوبية بعد أن أصبحت هي الأخرى تعاني من البطالة والمشاكل الاجتماعية وغيرها. إن مشكل الحرڤة مشكل عميق يتطلب إيجاد حل عميق، لذا فإنسانيا وجب علينا التحرك بعد أن تلقينا عدة اتصالات من عائلات تبحث عن أبنائها، والذين أبحروا ذات يوم نحو إسبانيا، إنها عائلات تبكي بحرقة عن هذا الفقدان وخاصة خلال الأعياد الدينية، ''نريد أن نعرف مصير أبنائنا ليهدأ بالنا'' هذا هو نداؤهم؟ وعن المفقودين من الحراڤة؟ من وجهة نظرنا وحسب تجربتنا فإن الشخص الذي يبحر نحو أروبا وتنقطع الاتصالات مع ذويه لأكثر من سنة فلا نظن أنه من عداد الأحياء، إلا إذا كان في السجن ومنع عليه الإتصال وهي حالات قليلة لأن أغلب السجون في أوروبا تسمح بالاتصال ولو مرة في الشهر. وكيف تصرفت الفيدرالية في هذا الملف أي الحراڤة المفقودين والذين في أغلب الظن توجد جثثهم في المستشفيات؟ لقد اتصلت الفيدرالية الأوروبية عبر رئيسها بلمداح نور الدين بالسلطات الإسبانية في هذا الموضوع وذلك بعد مفاوضات وتهديدات بتنظيم مسيرات احتجاجية في المدن الاسبانية لقبول السماع لإنشغالاتنا، وهذا من أجل مساعدة العائلات على استرجاع جثث أبنائها، ومن أجل شبابنا وكرامتنا، وقد أدت المفاوضات مع السلطات الإسبانية إلى إنشاء لجنة أوروبية تهتم بالقضية سميت ''لجنة فينكس'' تتكون من أطباء شرعيين وقضاة ومحامين وتشارك الفيدرالية كعضو فعال عبر رئيسها بتقديم قائمة اسمية مرفوقة بالتفاصيل عن المفقود لتسهيل عملية البحث في مصالح حفظ الجثث، وتشدد لجنة فينكس وبقوة على ضرورة تقديم نتائج فحص الحمض النووي ''ADN'' لتعفن أغلب الجثث وصعوبة التعرف عليها. وماذا تنتظر الفيدرالية لبداية العمل بتقنية الحمض النووي ''ADN''؟ إن أكبر مشكلة لنا في الجزائر هي تحاليل الحمض النووي لأنه لا توجد مخابر خاصة بذلك ولا حتى المستشفيات ووجدنا أنفسنا أمام حلين؛ إما أن نقوم بالتحاليل في أوروبا وهذا غير ممكن للحالة الاجتماعية لأغلب عائلات المفقودين أو التعامل مع مديرية الأمن الوطني الوحيدة التي تملك مخابر خاصة بتحاليل ''ADN'' وهو ما نسعى الوصول إليه عبر وزارة التضامن الوطني أو وزارة الخارجية اللتين وجدنا لديهما تفهما كبيرا. ؟ لماذا لا يوجد مكتب خاص في أي وزارة يهتم بمشكل الحرڤة؟ لقد طلبنا من الوزارتين تعيين مسؤول يهتم بهذا الموضوع وقد أطلق عليه اسم السيد حراڤة، يقوم بنقل انشغالاتنا بمسؤولية إلى الحكومة، أو تعيين لجنة خاصة لتشريع العمل وإنهاء مشكلة عائلات الحراڤة المفقودين ونحن ننتظر الرد على طلبنا هذا. بعد التفهم الذي وجدته الفيدرالية عند وزارة التضامن هل هناك ما نبشر به العائلات؟ نبشر عائلات الحراڤة المفقودين أنه تم ليلة عيد الأضحى الإتفاق مع وزارة التضامن الوطني والمرصد المتوسطي لمكافحة الهجرة غير الشرعية على بداية العمل بتقنية ''ADN'' بداية الشهر القادم أي بعد 20 يوما بعد ترتيب الأمور الرسمية، وفي هذا الصدد نقدم الشكر لرئيس الجمهورية على ذلك بالإضافة إلى الوزير ولد عباس. هل نستطيع أن نقول أن ظاهرة الحرڤة بدأت تأخذ نصيبها من الإهتمام؟ بدأت حقيقة تأخذ نصيبها من الاهتمام خاصة بعد ترسيم العمل مع المرصد المتوسطي لمكافحة الحرڤة، وكان برنامح عملنا مستقبليا يبدأ بحملات توعية وسط المجتمع وعبر مختلف الوسائل السمعية والبصرية ودراسة مشاكل الشباب الحراڤ بجدية كبيرة والإصغاء لهم عبر وضع مكاتب خاصة وإعطاء حلول جذرية من طرف المختصين، وهذا ملخص الاجتماع والاتفاق المنعقد ليلة عيد الأضحى المبارك. كيف تنظرون للظاهرة؟ من غير الممكن أن تترك الجزائر تخسر قلبها النابض وهم الشباب والذي يهاجر بطريقة غير شرعية، هجرت الأدمغة من قبل ولازالت وأصبحت العضلات تهاجر الآن، فماذا يبقى في هذا الوطن. لذا ننادي بصوت عال بوجوب الالتفات لهذه الفئة للحد من الظاهرة والحفاظ على الجزائر، لأن استمرار الوضع يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. هل تجريم الحراڤ يقضي على الظاهرة حسب رأيكم؟ الهدف هو إنساني للمساعدة في حل هذه الظاهرة، ونحن نرى أن تجريم الحراڤ ليس الهدف منه قضائيا بمفهوم القانون وإنما الهدف تخويف بالدرجة الأولى، ولكن باقي التشريع الخاص بتجار الموت فهو مشجع ويجب التصدي لهؤلاء بقوة وصرامة وبأقصى العقوبات. إننا ضد تجريم الحراڤ مباشرة، يجب أن يطبق القانون بدراسة حالة كل حراڤ. نظرتكم لما نادت به أوروبا بفتح مراكز الإحتجاز في المغرب العربي؟ نحن ضد إقامة مراكز الاحتجاز في الجزائر، لأننا نرفض تحويل المشكل إلى الجزائر، لأن المشكل يمكن اعتباره تاريخيا مادامت دول الشمال ساهمت بشكل وآخر في تفقير دول الجنوب عبر الاستعمار والاستدمار، لذا فهي تدفع ثمن ما زرعت، نحن نطالب بالعمل بالشراكة وفي نفس المستوى مع هذه الدول في كل الميادين في القضاء على الحرڤة كما في التنمية، وبدون قيود تجعل دول الجنوب تعاني من مشاكل أخرى. ويجب الإشادة بموقف الحكومة الجزائرية برفض إقامة تلك المراكز في الجزائر. هل بإمكاننا معرفة عدد الجثث الموجودة في إسبانيا، وكيف تتعامل معها بعد طول المدة؟ حسب إحصاءات الفيدرالية هناك حوالي 004 جثة موجودة في مصالح حفظ الجثث، وهنا يجب الإشارة إلى أن السلطات الاسبانية تتعامل بالمدة المحددة، أي أنه بعد إنقضاء مدة الحفظ تحرق الجثة أو تدفن وهذا إذا لم تظهر معلومات عنها، وأغلب الحالات تحرق لأن تكاليف الدفن باهضة، في إسبانيا حوالي 0003 أورو، وترفض أي جهة رسمية من السلطات إلى البلدية دفع هذه التكاليف، لذا فالحرق أسهل وسيلة للتعامل مع هذه الجثث، ونحن جد قلقين، إنها إهانة يجب إيقافها، والرد الإيجابي من الوزارة لبداية العمل هذه الأيام بتقنية ''ADN'' أثلج صدرنا لوضع حد لهذا المشكل. هل تتصورون أن مشكل جثث الحراڤة سوف يتم القضاء عليه؟ بمشاركة كل الفاعلين من شرطة الحدود ودرك وطني وجمارك وحراس السواحل وباستراتيجية مدروسة كما سوف يحدث خلال الأيام القادمة، أعد جميع العائلات أنه خلال شهرين أو ثلاثة أشهر نقضي على مشكل الحراڤة المفقودين. بعد الاتفاق وتشكيل لجان عمل ليلة عيد الأضحى المبارك ماهي استراتجيتكم لتحريك المجتمع للتصدي للظاهرة؟ نحن في اتصال مع التلفزيون الجزائري لبداية مشروع ضمن حصة ''وكل شيء ممكن''، لإدراج ركن خاص بالحراڤة المفقودين أو تخصيص حصة كاملة لهم ولذويهم، وقوبل هذا المشروع بصدر رحب من طرف التلفزيون الجزائري. بعد موافقة وزارة التضامن على العمل بتقنية ''ADN'' ومصاريف الجثث التي سوف تحدد هويتها، من سيتكفل بمصاريف نقلها للجزائر؟ السلطات الجزائرية هي التي تتحمل تلك التكاليف، ونطالب أيضا وزارة التضامن بتحمل المصاريف لأن أغلب العائلات ليس بمقدورها ذلك للحالة الاجتماعية التي تعاني منها. البطاقة الزرقاء في أوروبا والبطاقة الخضراء بأمريكا، ما هو الهدف من استحداث البطاقة الزرقاء مؤخرا في أوروبا؟ تحركات أوروبا مشبوهة، فهم يتحركون بإيجابية لبلدانهم على ظهور شبابنا، وليكن في علم الجزائريين أن سلطات عدة بلدان أوروبية أصبحت تبعث بما يسمى ''قناصي الأدمغة'' لاستدراج الإطارات الجزائرية الكفؤة إلى البلدان الأوروبية بتقديم عدة امتيازات خيالية ومناصب شغل وغير ذلك من الامتيازات. هل أنتم مستعدون لتحمل ثقة العائلات في الفيدرالية؟ نحن مستعدون لحل مشاكل عائلات الحراڤة المفقودين إلى أقصى حد وقد وصلنا إلى نقطة اللارجوع، إننا نعمل بكل إخلاص ونبذل أقصى جهودنا مع جميع السلطات لبلوغ أهدافنا.