نظرا لأهمية ترقية دور المرأة في الوسط الريفي وإدماجها في الاقتصاد الوطني، التقت يومية "المستقبل" رئيسة الجمعية الوطنية "المرأة والتنمية الريفية" في هذا الحوار للتطرق إلى الجهود المبذولة في هذا الميدان، والتعرف على الإنجازات التي حققتها هذه الجمعية. *بودنا أن نتعرف على الجمعية الوطنية "المرأة والتنمية الريفية" هلا قدمتم نبذة عنها؟ - الجمعية الوطنية "المرأة والتنمية الريفية" تعمل في الوسط الريفي خاصة، ولها عدة مهام كمحاولة إدماج المرأة في التنمية الريفية، وتحديد مشاكلها والاستماع لانشغالاتها، وهذا بإعطاء أولوية كبيرة للجانب التنموي. * كيف يكون تدخلكم في الوسط الريفي مع المرأة؟ - تتدخل الجمعية الوطنية "المرأة والتنمية الريفية" عبر التوعية من خلال تقديم وشرح مختلف السبل الموجودة للمشاركة في برامج الدولة والمخصصة للمرأة في الوسط الريفي، وهو ما يعتبر من حقوقها، بالإضافة إلى الوقوف بجانبها في المرحلة الأولى في إعداد برامج تنموية ومرافقتها لتحقيقها، وهذا بعد تصنيف الإقليم بإحصاء العائلات الريفية، وتحديد مشاكلها، لذا فالبداية تكون عبر العمل الجواري. * وفي حالة ما إذا كانت الانشغالات غير تنموية؛ أي مشاكل نفسية كالأمية أو الحڤرة داخل وسطها الاجتماعي، كيف تتصرف الجمعية؟ - هناك انشغالات نفسية وجدناها من خلال احتكاكنا بالوسط الريفي ومعاناة المرأة فيه، وهي أمور لا يجب الهروب منها لعدة اعتبارات صادفت المرأة الريفية وما زالت تعرقل حريتها، لذا كانت للجمعية الوطنية "المرأة والتنمية الريفية" القوة للاستماع لكل المشاكل النفسية، رغم أن الجمعية ليس من مهامها ذلك، لكن نظرا لما عايشناه في الوسط الريفي قدمنا وما زلنا نقدم للمرأة الريفية نصائح، وربط اتصالات مع الجهات المختصة والمعنية لحل تلك المعاناة النفسية. * من بين المعاناة الموجودة لدى المرأة بصفة عامة في الجزائر قضية الاغتصاب، كيف تعلقون على الرقم 100 حالة اغتصاب في 08 أشهر الأولى من 2008؟ - هذا الرقم لا يعبر عن الواقع، لسبب بسيط وهو أن الاغتصاب في الجزائر ما زال يعتبر من الطابوهات، وما حالات الاغتصاب التي تقع داخل العائلات إلا دليلا على ذلك، فهل يبلغ عنها؟ لذا فالرقم بعيد جدا عما هو حاصل، ربما عدد المغتصبات اللواتي اشتكين للمصالح المعنية هو المقصود، وما خفي أعظم، خاصة في الريف. * إذن توافقون عن ما طالب به قسنطيني، رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان، والذي شدد على رفع العقوبات على الذي يوقع العنف بالمرأة؟ - نحن عضو في لجنة حقوق الإنسان، لذا فنحن موافقون فيما يطالب به قسنطيني، كما أن العدالة هي المخول لها تطبيق القانون والحقوقيون لهم رأيهم في هذا، أما من ناحية تشديد العقوبات على من يوقع العنف بالمرأة فالجمعية تساند مطلب قسنطيني في هذا. * لكن هل أنتم مقتنعون بما تحقق لحد الآن؟ - القوانين الجزائرية في مجال حقوق المرأة مقبولة في كثير من الأحيان ولا بأس بها، ولكن يبقى المشكل الكبير عندنا هو في تطبيق القوانين الحالية، إذ ما الفائدة من سن القوانين على الورق دون تطبيقها في الميدان، لذا نطالب بمزيد من الصرامة في التطبيق وهذا من أجل حماية المرأة فقط. وإذا كانت هناك قوانين أخرى لصالح المرأة مستقبلا فأهلا وسهلا. فنحن دائما ننتظر المزيد من الحقوق. إذن المشكل في تطبيق القانون؟ نعم يوجد نقص كبير في تطبيق القوانين الحالية في مجال المرأة، لكن مقارنة مع بعض الدول فنحن أحسن حالا. فخلال وجودنا في أديس أبابا لحضور ندوة التنمية الإفريقية والمرأة، لاحظنا عدة بلدان تعاني فيها المرأة من العنف بجميع أشكاله بالإضافة لعدم وجود قوانين في بلدانها لحماية المرأة عامة، لذا وبصراحة فوجود قوانين في الجزائر لحماية المرأة يبقى أمرا مهما. كيف وجدتم المستوى التعليمي لدى المرأة الريفية؟ إن المرأة تساهم في كبح تمدرس البنات إلى النهاية. ففي البداية لا يكون هناك إشكال لكن فيما بعد يقع غير المنتظر وهو توقيف البنت عن إتمام دراستها مقابل السماح للولد بذلك، هذا التفضيل ينقص من قيمة البنت. والأولياء يظنون أن هذا التوقيف لمصلحة ولحماية بنتهم، وهذا خطأ وأمر خطير لأن تفشي الأمية فيما بعد وسط الريف لا يخدم التنمية في المستقبل لذا وجب على الجميع التجند للتكفل بحل هذا الإشكال. ألا ترون أن الفقر والمشاكل الريفية من بين الأسباب التي تؤدي إلى توقيف البنات عن الدراسة مبكرا في الريف؟ بطبيعة الحال مشاكل الوسط الريفي في الجزائر رغم تحسينها إلا أنها تساهم في ابتعاد المرأة الريفية عن الدراسة؛ فالهياكل في بعض المناطق غير متوفرة وانعدام وسائل النقل والإنارة في الطرقات خاصة في فصل الشتاء، إضافة إلى الظروف الإجتماعية الأخرى كالفقر وغياب مداخيل مادية لأغلب العائلات، ونحن نعمل في الجمعية على القضاء على هذه المسببات بالتعاون مع مختلف الجهات. إذن التقاليد والعادات في الريف الجزائري مازالت تعرقل المرأة؟ نعم التقاليد الريفية تعمل ضد المرأة رغم ظهور بعض التقدم في بعض هذه المناطق والذي سمح بتطور الحياة ورجوع الأمل في نفوس النساء، لكن يبقى من واجبنا مواصلة الجهود لمحو هذه الصورة في المناطق التي لازالت تعاني من قيود التقاليد. وماذا عن قانون الأسرة وترقية المرأة في الحياة السياسية؟ التعديلات حسنت أحوال المرأة بصفة عامة، لكن أظن أن المسيرة لازالت طويلة نوعا ما، وما حدث في التعديل الأخير للدستور في مسألة ترقية المرأة في الحياة السياسية شيء إيجابي، يضاف إلى المكتسبات المحققة ولكن كما ذكرت يبقى التطبيق الميداني هو المشكل، وعليه يجب إثراء النقاش في هذا الموضوع وفسح المجال للمختصين للخروج بنتائج في المستوى. ماذا تقولون عن لويزة حنون التي يعتبرها المتتبعون واجهة المرأة الجزائرية؟ نعم هي مثال للمرأة الجزائرية ونحن نساندها في هذا المسعى، فقد فتحت الطريق على مصراعيه للمرأة ولكن طريقة تعاطيها مع بعض المواضيع نرفضها في الجمعية الوطنية، "المرأة والتنمية الريفية". كيف تتعاطون مع المرأة الريفية التي تأثرت كثيرا بالإرهاب؟ حقيقة الإرهاب أثر كثيرا على المرأة الريفية مقارنة بأختها في المدينة. لقد قمنا بعدة جولات في الوطن ومثال جيجل باعتبارها من أكثر المناطق المؤثرة على المرأة، واتصلنا ببعض ضحايا الإرهاب من النساء واستمعنا لهن واتضح لنا أن المرأة الريفية عانت كثيرا من الإرهاب على جميع المستويات،، ولكن بالشجاعة والإيمان بالقدرات الذاتية صمدت في تلك التضاريس للإرهاب بعدما فر أغلب الرجال لعدة أسباب إقتصادية وإجتماعية، لقد جعلت المرأة الحياة تستمر وما النساء اللواتي رفعن السلاح في تلك الفترة في مختلف مناطق الريف الجزائري إلا خير دليل على صمود المرأة. لقد عانت من ويلات الإرهاب بمرارة كبيرة. وهل تقدمتم بمشاريع لرفع الغبن عنهن؟ كانت لنا عدة مشاريع معهن، فقد قمنا بترميم بعض الهياكل الإجتماعية والإقتصادية من أجل تشجيع العائلات على الرجوع إلى مناطقهم التي هجروها ذات مرة بالإضافة إلى غرس أكثر من 15 ألف شجرة للفواكه وترميم قاعات علاج ومدارس خربها الإرهاب، وفتح مركز تكويني للنساء وهذا في مختلف الأماكن من الوطن. ..وفي مجال العمل والتشغيل؟ في هذا المجال قما بتكوين النسوة في المناطق الريفية على تربية النحل لمدة سنة وبعدها قمنا بشراء التجهيزات اللازمة لبداية العمل في الميدان وهن الآن يواصلن عملهن، وتقوم الجمعية من حين لاخر بمرافقتهن وأصبحن يطمحن لتكوين أو إنشاء تعاونيات خاصة بهن . كيف تنظرون لمستقبل المرأة؟ إذا بقيت الحركة الجمعوية واقفة بنضالها في الميدان وتعمل بالتسنيق مع الدولة، فإننا نرى مستقبلا مشرقا للمرأة والجزائر وسوف تتحسن وضعية المرأة الجزائرية. كيف تقارنون واقع المرأة الجزائرية مع المرأة العربية عامة؟ بعد جولات وتجارب في عدة دول عربية وجدنا أن المرأة الجزائرية وضعيتها أحسن بكثير من عدة دول عربية، ولكن هذا غير كاف، فنحن لازلنا نواصل مسيرتنا لبلوغ أهدافنا في تحسين قانون الأسرة ومكافحة العنف ضد المرأة وترقية وحماية الطفل، وبهذا فإن عملا كبيرا ينتظرنا لتقوية صفوفنا، إن وضعية المرأة الجزائرية حسنة مقارنة بالدول العربية بصفة عامة. هل هناك تنسيق بينكم والجمعيات النسائية العربية؟ إننا نحاول إقامة علاقات مع أخواتنا في الدول العربية للتنسيق والعمل، وقد بدأنا مع أخوات من تونس، ونحن في إتصالات متقدمة ولقاءات بيننا من حين لآخر لرفع مستوى التنسيق إلى أعلى درجة. هل المرأة الجزائرية مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في إتمام الإصلاحات؟ المرأة الجزائرية كانت دائما مع الرئيس وتدعم برنامجه ولدينا الثقة الكاملة فيه. إن تعديل قانون الجنسية خير دليل على شجاعته التي جعلتنا نبقى وراءه في المسيرة، فهذا القانون غير موجود لدى البلدان المجاورة وهو قرار شجاع، إننا نطلب منه إكمال مسيرته رغم وجود عدة عراقيل تضعها بعض الجهات والتي تعمل على مخالفة طريقه ولا توافقه على قراراته إلا أن خبرته وحنكته صنعتا الفارق.