أعرب مربو البقر الحلوب بتيبازة عن تذمّرهم واستيائهم من الواقع المعيش الذي ألقى بهم في دوامة من المشاكل العويصة المتعلقة بالغلاء الفاحش للأعلاف إلى درجة لا تطاق، ناهيك عن شحّ الأبقار المستوردة لهذا الغرض في توفير كميات معقولة من الحليب تتناسب مع تصنيفها التقني. فيما كشف مدير الفلاحة بالولاية عن تسطير مصالحه لتحد على شاكلة برنامج تعاقدي مع الوزارة الوصية يقضي ببلوغ سقف 24 مليون لتر من الحليب سنويا، في حين أنّ هذه الكمية المحصلة حاليا لا تتجاوز 13 مليون لتر سنويا. وفي السياق ذاته، قد أكّد مربو البقر الحلوب في حديثهم ل" المستقبل" على أنّ العديد منهم ينتهز فرص ارتفاع أسعار الماشية بالسوق المحلية لتسويق أبقاره والتخلّص منها بالنظر إلى الارتفاع الجنوني للأعلاف المستعملة على اختلاف أشكالها وأنماطها، وعدم قدرتهم على التوفيق بين نفقات تكاليف التربية ومحصول الحليب، لاسيما وأنّ العديد من الأبقار المستوردة أضحت شحيحة ولا تقدّم كميات الحليب التي كانت مرتقبة، فيما تعرّض بعضها لأمراض خطيرة لا تسمح بإنتاج الحليب، مع الإشارة إلى أن معظمها حصل عليها المربون في إطار عمليات الدعم التي تسيّرها الوصاية، ومن ثمّ فقد طالب هؤلاء بإيفاد متخصصين لهم علاقة مباشرة بالمهنة لانتقاء أجوَد الأبقار مستقبلا قبل اقتنائها من الخارج، الأمر الذي لمّح بشأنه مدير الفلاحة بأنّه وارد ضمن أولويات الوزارة في طابعها الجديد وفقا للتقارير المرفوعة إليها بهذا الشأن. أمّا بشأن الأعلاف فقد أشار بعض المربين إلى أن مادة النخالة المستعملة بكثرة لتغذية الأبقار كانت تقتنى سنة 2004 ب700 دج للقنطار وارتفع سعرها سنة 2008 إلى 1800 دج للقنطار وارتفع سعر الذرى من 1500 دج إلى 3500 دج وسعر الصوجا من 2000 دج إلى 4400 دج وحزمة التبن من 150 دج إلى 300 دج، وارتفع حليب رضع البقر من 1500 دج إلى 3500 دج هذه السنة، ليخلص هؤلاء إلى وجود ارتفاع فاحش في تكاليف الإنتاج وتربية البقر، في حين أنّ سعر الحليب بقي مستقرا لسنوات طويلة، مع الإشارة إلى أن سعر الدعم المباشر الذي تقدمه الدولة بمقدار 7 دج للتر الواحد لا يغطي بدوره مجمل التكاليف بحيث يتقاضى المربون حاليا ما يعادل 31 دج للتر الواحد عند الاستهلاك، في حين أنّ هذا الحجم يكلّف أكثر من 50 دينارا، ومن ثمّ فقد طالب هؤلاء بضرورة تقديم دعم مباشر للمربين عن طريق خفض أسعار الأعلاف. وللتأكيد على سعي مصالح الفلاحة لاستدراك الخلل الحاصل فقد أشارت رئيسة مصلحة التنظيم والإنتاج بمديرية الفلاحة إلى أن البقر المستورد اعتاد على نمط غذائي محدّد ومنتظم قبل استيراده، غير أنّ الفلاحين في بلادنا لا يولّون اهتماما لهذا النمط الغذائي باعتبارهم يلجأون غالبا إلى الاقتصاد من جهة وعدم ضبط نمط غذائي صارم يستجيب لحاجيات التخصص من جهة ثانية. ويبقى غلاء الأعلاف بذلك يشكّل هاجسا مرعبا يحدّ من عزيمة المربين إلا أن مدير الفلاحة بالولاية أشار من جهته إلى أن الوزارة الوصية لجأت مؤخرا إلى إلغاء عديد الرسوم التي كانت مفروضة على هذه المنتوجات، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى انخفاض أسعارها. وبالنظر إلى تشعّب مشاكل المربين واعترافهم صراحة بعدم قدرتهم على الانخراط في برنامج تعاقدي جديد فقد شكّلت مديرية الفلاحة لجنة ولائية خاصة على مستوى المديرية لجرد مجمل انشغالات المربين مع اقتراح الحلول المجدية لترقية القطاع باعتباره استراتيجيا ويندرج ضمن روافد الأمن الغذائي، كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن ولاية تيبازة استقر بها عدد الأبقار في حدود 10 آلاف رأس منذ سنوات منها 5700 رأس حلوب.