عاد العاهل المغربي بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش لتوجيه سيل من الانتقادات الى الجزائر بسبب الحدود المغلقة منذ 1994، وكذا بسبب دعمها للشرعية الدولية في الصحراء الغربية. الملك محمد السادس تحدث مرة أخرى عن "تطبيع" العلاقات بين البلدين، بالإشارة وبوضوح الى الحدود البرية، معتبرا أن الجزائر تقف حجر عثرة في ترقية العلاقات الثنائية من خلال الإبقاء عليها مغلقة رغم نداء الفتح من قبل الرباط. ومرة أخرى راح يكرر نفس العبارات، ويروج لنفس الطروحات التي تجعل من المغرب الضحية ومن الجزائر المتهم والمتحمل للمسؤولية. ويبرز خطاب العرش أن الأعياد الوطنية المغربية، وكل المناسبات الرسمية أصبحت تمثل محطة بالنسبة للنظام كي يتحامل على الجزائر متناسين أسباب الإغلاق وكيفية معاجلة هذا الوضع والذي لا يتم حسب الأعراف الدبلوماسية عبر اتخاذا قرارات انفرادية، كما حدث مع إغلاق الحدود سنة 1994، قبل أن تتخذ الجزائر نفس الإجراء، وكذا في فرض التأشيرة على الرعايا الجزائريين المتوجهين الى المغرب، ثم في إلغاء التأشيرة في جويلية 2004، كما لم يتوان النظام المغربي في اختيار الإعلام لتسوية الملفات الدبلوماسية مع الجزائر رغم أن العرف يلزم أن يتم ذلك عبر القنوات المعروفة عبر التمثيليات والسفارات. وفي كل مرة يتحامل الرباط على الجزائر باسم "الأخوة والصداقة " إلا وربط مسألة الصحراء الغربية بالعلاقات الثنائية رغم اتفاق الطرفين على ترك الملف على مستوى الاممالمتحدة باعتبارها الجهة المخولة بايجاد حل للقضية والمسجلة في اطار تصفية الاستعمار وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة. والسؤال الذي يبقى مطروحا لماذا يرفض المغرب الى حد الآن معالجة المسائل العالقة بين البلدين في إطار التشاور الثنائي والجلوس الى طاولة الحوار مع الطرف الجزائري لاستعراض جميع المسائل على حدة بما في ذلك محاربة الإرهاب وتهريب المخدرات، والى غاية اليوم يتحاشى النظام المغربي إثارة تلك الملفات في الإطار الثنائي بل يفضل دوما اللجوء الى التصريحات الإعلامية، واستغلال المناسبات الرسمية لذلك، مما يشكك في النوايا ويجعلها تصب في خانة التحامل وتصفية الحسابات. ولم يكن خطاب محمد السادس في الذكرى العاشرة لتوليه العرش إلا نسخة طبق الأصل لما دأب النظام المغربي على ممارسته في عهد الملك الشاب، فحصيلة أدائه في المجال الاقتصادي والاجتماعي كارثية بشهادة جميع المتتبعين. فالفقر في المغرب يزداد حدة، حيث تشير أرقام رسمية ان أكثر من 5 ملايين مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر أي بدخل لا يصل دولارا واحدا في اليوم، والإصلاحات المعلن عنها في خطابه ما هي في الأصل الا ذر للرماد في العيون كونه يلتزم بمواصلة مسار التجديد بنفس المشرفين الذين فشلوا طيلة العشر سنوات الماضية وهم من أصدقائه وزملائه في الدارسة. ويبرز خطابه أيضا ان النظام الحالي بلغ مرحلة الانسداد وان مختلف المشاكل التي يعاني منها تزداد تفاقما مع استشراء الفساد، وتزايد التأثيرات السلبية للازمة المالية العالمية على المغرب، ويحاول الملك الشاب ايجاد مخرج حول تجديد التعهدات، وتحميل الجزائر لمسؤولية تدهور الوضع الاجتماعي للمواطنين المغربيين على الحدود الشرقية.