جدد العاهل المغربي محمد السادس تمسكه بما يسميه "مغربية الصحراء الغربية" ومقترح الحكم الذاتي الذي وصفه ب "الموسع". وجاء خطاب العاهل المغربي بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه سدة المملكة، أو ما يعرف محليا ب "عيد الجلوس". محمد السادس أعلن عن السعي إلى اتخاذ قرارات من شأنها دعم الحكم الجهوي والديمقراطية المحلية. وتأتي هذه التصريحات في وقت منيت فيه السياسة الخارجية المغربية بخسارة تأييد الموقف الأمريكي، الذي حاد عن الضبابية التي رافقته طيلة فترة حكم جورج بوش،وتحوّل إلى موقف يكاد يتضح دعمه إلى حل تقرير المصير. ملك المغرب دعا الجزائر إلى فتح الحدود وتطبيع العلاقات، وهو الأمر الذي يوحي بأن العلاقات الجزائرية المغربية متوقفة أو معطلة، وهو الأمر الذي نفاه منذ أيام مراد مدلسي،عندما تحدث عن علاقات طبيعية وتشاورية وعن لقاءات بين الرئيس الجزائري والملك المغربي، على هامش المواعيد واللقاءات الدولية والعربية. خطاب العاهل المغربي كان موجها بالأساس إلى الجزائر ودبلوماسيتها والدول الفاعلة، والرسالة الواضحة هي فتح الحدود وتطبيع العلاقات. أما الرسالة الضمنية، فهي استمالة الدول الكبرى لكي تراجع مواقفها، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي شهدت دعوة لجنة المالية بمجلس الشيوخ كتابة الدولة الأمريكية للخارجية، أن تقدم تقريرا عن مدى احترام المغرب لحقوق الإنسان بالصحراء الغربية، كشرط لدعمه اقتصاديا في ميزانية السنة القادمة. اللجنة منحت أجلا لا يتجاوز 45 يوما لتلقي التقرير، اللجنة اشترطت أن تتابع ما قام به المغرب خلال عام من ميزانية العمليات الخارجية الأمريكية للسنة المالية 2009، قبل أن تقرر إن كان المغرب معنيا بالدعم الاقتصادي، ويتعلق الأمر بمدى التقدم في مجال حقوق الإنسان ومدى حرية التعبير بشأن قضية الصحراء الغربية ومستقبلها. وتسعى اللجنة إلى الاطلاع على إتاحة توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب، دون تحرش أو مضايقة، هذا التقرير سيقدم في الوقت الذي عبّر فيه صراحة عدد من الفاعلين السياسيين والمتتبعين لشؤون المغرب، عن الخيبة الكبيرة التي مني بها النظام الملكي عشية مغادرة بوش البيت الأبيض، باعتباره أحد الرؤساء الأمريكيين الأكثر دعما لخيار الحكم الذاتي، عكس أوباما الذي جاء اهتمامه مناهضا لرؤى المغرب. من جهة أخرى، أكد كاتب الدولة في الخارجية الإيطالية إينزو سكوتي خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الإيطالي، أن إيطاليا تدعم إيجاد حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير،ومستعدة للتعاون مع الطرفين "المغربي وجبهة البوليساريو" من أجل تحقيق تقدم في المفاوضات. تصريح كاتب الخارجية الايطالي جاء إجابة عن سؤال تقدم به نواب من الحزب الديمقراطي الإيطالي حول الصحراء الغربية، واعتبر كاتب الدولة في الخارجية الإيطالية إينزو سكوتي أن "إيطاليا حافظت دائما على موقف متوازن ومحايد بخصوص قضية الصحراء الغربية. ولقد كنا دائما نؤكد بأن حلا عادلا ودائما للنزاع حول الصحراء الغربية، يمكن إيجاده فقط في فضاء من الحوار المباشر بين المغرب وجبهة البوليساريو تحت إشراف الأممالمتحدة، لإيجاد حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وفقا لما تنص عليه قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة". وكان الموقف الإيطالي قد بلغ إلى المسؤولين في الرباط أثناء زيارات متبادلة، وخلال لقاءات مع ممثلين لجبهة البوليساريو. وكانت وفود برلمانية أوروبية قد قامت بزيارات متكررة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، وتحدثت عن "الوضع الصعب الذي يعيشه اللاجئون الصحراويون وشح الدعم الإنساني لهم". المتتبعون لشؤون المغرب يقرأون خطاب العاهل المغربي في سياق البحث عن دعم انتقص وسعي إلى الخروج بأقل الخسائر من قضية عمّرت طويلا ولم تعرف الحل بعد.