كثيرا ما يتم تصنيف الجزائر في مستويات متدنية من خلال تقارير دولية سواء من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو المؤسسات الاقتصادية المتخصصة في التصنيفات، وبعض المؤسسات التي تحدد مستويات مخاطر الاستثمار . وفي الكثير من الحالات نستغرب نشر تلك التقارير رغم أنها غير موضوعية ولا أكاديمية ولم تستند الى تقارير رسمية محلية وإحصاءات حديثة . فتارة الجزائر تعتبر من بين أغلى دول العالم، وتارة أخرى من أسوأ الدول من حيث المستوى المعيشي، وفي تقارير أخرى تعتبر بعض المدن الجزائرية منها الجزائر في النظافة من بين الأسوأ عالميا . من المؤكد أن عملية الاتصال القائمة بين هذه المنظمات والمؤسسات مع الجهات الرسمية في الجزائر بعيدة كل البعد إن لم نقل أنها غير موجودة وبالتالي تعتمد هذه المؤسسات على مصادر أخرى غير جزائرية قد تكون دولا لنا خصومات معها سياسيا أو دولا تريد تلميع صورتها وتلطيخ صورة الجزائر لكي تستفيد من نتائج تلك التقارير على المدى المتوسط والبعيد من حيث الاستثمار والسياحة . وقد فوتت الجزائر على نفسها العديد من المشاريع الاقتصادية والسياحية نتيجة لهذا النوع من التقارير والكل يتذكر أنه خلال الأزمة الأمنية كانت الجزائر حبيسة تقارير مؤسسة كوفاس الفرنسية التي تعتمد عليها أغلب الدول الأوروبية للولوج الى الجزائر . إن هذه المعطيات والتقارير يجب أن تخضع لغربلة محلية ولرد هادئ مدعم بالأرقام وأحدث الإحصاءات . فمن غير المعقول أن تردد تلك المؤسسات أن البطالة في الجزائر لا زالت تدور في حدود 30 بالمائة في حين الواقع يؤكد أنها انخفضت الى حدود 11 بالمائة، كما أنه من غير المعقول أن يتحدث البعض عن سوء المستوى المعيشي ويقارنه بالمستوى في مالاوي أو زامبيا لأن تقريرا من مجلة '' أنترناشيونال ليفينغ '' الأمريكية صنف الجزائر في المرتبة 146 عالميا من حيث سوء المعيشة والمرتبة 16 عربيا في الوقت الذي تقر الاحصاءات الرسمية أن الدخل الفردي السنوي في الجزائر اقترب من 4000 دولار للفرد الواحد وتقارنه بمالاوي أو زامبيا حيث لا يتجاوز في أقصى الحالات رقم 500 دولار كدخل سنوي للفرد الواحد . صحيح أن مستوى المعيشة في الجزائر صعب بسبب الارتفاع المذهل لأسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع وغياب الرقابة الفعلية وتداخل الصلاحيات، فضلا عن أن الإجراءات الجديدة المتخذة في قانوني المالية التكميلي لسنة 2009 والعادي لسنة 2010 أخلط أوراق العديد من شركات الاستيراد، لكن هذه الحالة تبدو استثنائية والقاعدة تقول بأن كل المؤشرات تؤكد تحسن الوضع العام في ظل الوعود الحكومية بزيادة الأجور على مستوى الوظيف العمومي الذي يضم 6 , 1 مليون موظف وتكون الزيادة في المنح والتعويضات، فضلا عن زيادة أجور القطاع الاقتصادي كل حسب موقعه . وأكثر ما نستغربه هو الحديث عن هشاشة البنية القاعدية سواء تعلق الأمر بالطرقات أو السكن أو السكك الحديدية أو المطارات أو وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية . فرغم أن عدد المشتركين بلغ مستويات قياسية فاقت 30 مليون مشترك في الهواتف الخلوية ورغم أن الجزائر تمكنت من بناء مليون وحدة سكنية خلال الخماسي السابق ورغم تحديث خطوط السكك الحديدية وبناء السدود وتوفير المياه ورفع القدرات من الكهرباء الى غاية التصدير، إلا أن تقارير تلك المنظمات الدولية لا زالت تعتمد على إحصاءات سنوات 2000 - 2002 والسبب يعود الى عدم نجاعة المؤسسات المكلفة بتحديث المعلومات من خلال قاعدة بيانات حديثة يتم إرسالها إلى مختلف الهيئات الدولية والدبلوماسية والاقتصادية في إطار سياسة اتصالية واضحة تسعى من خلالها الجزائر الى تصحيح صورتها وتلميعها وفرض صوتها وسياستها التي تتجلى من خلال تلك التقارير . لا شك أن الجزائريين يعتبرون من بين الشعوب العربية الأكثر زيارة إلى البلدان الأخرى . وقد لا حظ الكثير مستوى معيشة المصريين أو اللبنانيين أو السوريين أو الإخوة في تونس والمغرب، ولاحظ الفرق الشاسع بين السائح الجزائري والسياح من الدول الأخرى . وهنا نتساءل كيف تمكنت هذه الدول من فرض تقاريرها على هذه الهيئات في حين لا زلنا في الجزائر نعتمد على تقارير تلك الهيئات ومعلوماتها غير حديثة وغير موضوعية وغير دقيقة لتتحول الى مصدر رئيس تتغذى منه الدول والهيئات الاقتصادية الدولية وتصنع من خلالها سياسة اقتصادية واستثمارية يستفيد منها الآخر وتبقى الجزائر خارج السباق . لقد تمكنت العديد من الدول من تحقيق نتائج هائلة لصالحها بمجرد أنها تمكنت من القيام بعملية اتصالية فعالة ودعاية سمعية بصرية جذابة .