في عام 1779 كتب آدم سميت - العالم الاقتصادي صاحب نظرية '' دعه يعمل دعه يمر '' - خطابا الى اللورد كارليسل رئيس المجلس البريطاني للتجارة ، يقول فيه '' إذا بلغت الصناعة في إيرلندا ، بسبب الحرية والحكومة الرشيدة ، ما بلغته التجارة والصناعة في أنجلترا ، فسوف يعم الخير ليس فقط على الأمبراطورية البريطانية بأسرها بل على أنجلترا بالأخص لأن ثروة وصناعة '' لانكشاير '' لا تعوق أو تنافس مثيلتها في '' يوركشاير '' بل على العكس تؤدي الى ترويجها ومن ثم فإن ثروة وصناعة أيرلندا ليست منافسة لمثيلتها في أنجلترا ، بل تساعد على ترويجها وتسويتها ، الشيء الذي تحقق فيما بعد على الرغم من أن الثورة الصناعية لم تقم لها قائمة بعد. الاقتصاد المخاطر هو عنوان لكتاب أصدره الدكتور '' أمار بهايد '' الذي شغل منصب أستاذ كرسي إدارة الأعمال في كلية هارفارد لإدارة الأعمال من عام 1988 حتى سنة 2000 ، عمل كذلك في قسم الدراسات العليا في كلية إدارة الأعمال بجامعة شيكاغو،وكان مستشارا وخبيرا من مستوى رفيع في شركة '' ماكنزي '' للإستشارات ، كما أجرى الكاتب العديد من التحقيقات العلمية والموضوعية في أسباب وتداعيات انهيار البورصات وبالتالي يعتقد أن الاقتصاد المخاطر أي الذي يحمل مخاطر ضروري للإقلاع الاقتصادي الذي سيؤدي لا محالة الى تعميم الرخاء والرفاهية في اقتصاديات الدول المتنافسة، ويطرح إشكالية من خلال السؤال التالي كيف يحافظ الابتكار على الإزدهار في عالم مترابط ؟ يقول الكاتب أن الفكر الاقتصادي التقليدي وصل إلى نهايته، وبدأ العالم يتجه نحو التكامل المتنامي للإقتصاد العالمي بشكل عام والإسهام المتزايد لكل من الصين والهند في التجارة الدولية بشكل خاص ، حيث يعتقد الاقتصاد التقليدي أن هذا التصاعد المذهل لكل من الصين والهند سيؤدي لا محالة الى انهيار اقتصاديات الدول الغربية والواقع أكد أن هذه الاقتصاديات هي التي أنقذت العالم من الانهيار الاقتصادي العالمي بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية وانهيار البورصات، ويؤكد الكاتب أن هذا التطور المذهل يرجع بالدرجة الأولى الى الاستخدام الجيد للتكنولوجيات الحديثة لوسائل الاتصال، وتخلي الدولتين عن النظرة التقليدية للاقتصاد الذي يعتمد البعد الجغرافي والمناخ السائد . كما تكمن أهمية الاقتصاد العالمي الحديث في وجود شركات مبتكرة التي تفضل الأسواق التي يستطيع مستهلكوها اختيار وشراء المنتجات الجديدة، فمثلا قد تكون الأسواق في الصين والهند أكبر وتنمو اقتصادياتها بمعدل أكبر من اقتصاديات الغرب، لكن الشركات المبتكرة تفضل التركيز على الولاياتالمتحدة وأوروبا ن حيث يتوقّعون أن تثمر جهودهم في البيع والتسويق وتحقق إيرادات كبيرة ، إذ يؤثر ما تتميز به السوق الأمريكية من استجابة سريعة للابتكارات بشكل عميق على ازدهار الابتكارات ، لكن هذا قد يتغير إذا ما انخفضت القوة الشرائية و الاستهلاكية للسوق الأمريكية والأوروبية، بحيث تبدأ الشركات المبتكرة بالخروج والبحث عن الأسواق الأسرع نموا والأكثر استهلاكا . وفي هذا الصدد يؤكد الكاتب أن أمريكا تواجه مشكلة تراجعها عن الصدارة في مجال المعرفة عالية المستوى بعد أن احتلت الصدارة على مدى نصف قرن ،ويرجع ذلك الى أن الدول الأخرى خصوصا الصين والهند زادت من جهود البحث لديها ، مما أدى الى زيادة ناتجها المعرفي ومن الطبيعي أن تكون النتائج هي تناقص حصة الولاياتالمتحدةالأمريكية من المعرفة المتطورة ... ولقد أدى التراجع في صدارة أمريكا الى نوبات متكررة من القلق وتوقعات بانخفاض المستوى المعيشي ، لكن ذلك لم يتحقق ، بل إن أغلب المفكرين يقولون بأن النهضة المحققة في اليابان وأوروبا سابقا ساهمت الى حد كبير في تطور المستوى المعيشي العالمي ، كما أن التطور الهائل الحاصل في الصيين والهند ستؤدي لا محالة الى تحسن المستوى المعيشي في العالم والدليل على ذلك هو استفادة مثلا القارة الإفريقية من التطورات التكنولوجية الحاصلة في الصين حيث تغلغلت هذه الأخيرة في الأسواق العالمية وتمكنت من فرض نفسها وسمحت للشركات المبتكرة عالميا من النشاط في الأراضي الصينية وخارج الأراضي الصينية وهو ما يعني أن الاقتصاد المخاطر في نهاية المطاف جيد للإنسانية وبالتالي فإن العولمة من جانبها الاقتصادي تبدو جيدة .