أتم مكتب البرلمان تعديلات في مقترح قانون تجريم الاستعمار، طالت مسودة الأهداف والأسباب والمادة 18 قبل إحالته للجهاز التنفيذي للنظر فيه في أجل لا يتعدى الشهرين، حيث تمت إحالة المشروع مباشرة من مكتب المجلس الشعبي الوطني، إلى الحكومة دون المرور على لجنة الشؤون القانونية والحريات. يكشف تصريح رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، عن نقاط ظل كثيرة قد تواجه المشروع لاحقا، وهو صرح أول أمس ''إن المصادقة على هذا القانون أو عدم المصادقة عليه ستتوقف على الظرف الذي سنكون فيه حينها''. وصرح زياري بأن اقتراح القانون أحيل على الحكومة ''للإدلاء برأيها... لقد عقدنا منذ بضعة أيام قبل استئناف الدورة الربيعية اجتماعا لمكتب المجلس الشعبي الوطني الذي فصل في المسألة طبقا للقانون''. وأضاف ''ننتظر الآن رأي الحكومة، إلا أن هذا الاقتراح غير مدرج في جدول أعمال الدورة الربيعية''. وحين افتتح البرلمان دورته العادية الربيعية، الأسبوع الماضي، وضع أمامه الفصل في مشروع قانون تجريم الاستعمار الذي تتجه أنظار السياسيين نحوه، ولم يعد أمام تمرير مشروع القانون إلا موافقة الحكومة، ولعل تصريحات نائب رئيس مجلس الأمة والعضو القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرزاق بوحارة، قد أزالت بعضا من اللبس بخصوص موقف الحكومة، وأعطى انطباعا أن البرلمان الجزائري بغرفتيه سيصادق على المقترح، رغم تأكيده على دور السلطات العليا للبلد في المصادقة على القانون وتمريره. وأعطى بوحارة الانطباع بأن البرلمان عازم على تمرير القانون والمصادقة عليه، حين وصف مبادرة النواب بالشرعية والمعقولة، وقال في هذا الشأن إن ''القانون سيكون مبرمجا خلال الدورة الربيعية المقبلة، وستتم المصادقة عليه''، مضيفا أن القانون يحظى باهتمام كبير من السلطات العمومية، وأعلنت دوائر حزبية عن اجتماع رفيع المستوى سيجمع البرلمان بغرفتيه مع الوزير الأول، إضافة إلى وزارة العلاقات مع البرلمان، بخصوص مشروع القانون المذكور.. ولا تبدي الحكومة الجزائرية تفاؤلا بنهاية قريبة لبوادر الأزمة، سيما بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، التي أشار فيها إلى إمكانية تحسن علاقات الجزائر بباريس، برحيل جيل الاستقلال، وقد أثارت هذه التصريحات موجة من الاستياء حكوميا ولدى الطبقة السياسية، وثارت أحزاب كبرى سواء القريبة من الحكومة أو المعارضة. وترى الجزائر أن الضجة الفرنسية جاءت تبعا لمشروع قانون يجرم الاستعمار الفرنسي، واستغربت أحزاب جزائرية كثيرة الردود الواردة من داخل الجهاز التنفيذي أو البرلمان في فرنسا، وألغت الجزائر زيارة لوزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، شهر فيفري الفارط، كما أحجم رئيس البرلمان عبد العزيز زياري عن أداء زيارة لباريس لعقد قمة عادية للجنة الصداقة البرلمانية بين الدولتين، كما توالت بيانات نواب يعلن أصحابها عن الانسحاب من هذه اللجنة المشتركة، ويدعو مشروع قانون تجريم الاستعمار (الفرنسي) إلى ''تجريم الاستعمار الفرنسي عن كامل الأعمال الإجرامية التي قام بها في الجزائر خلال الفترة ما بين 1830 و1962 وما نتج عنها من آثار سلبية إلى يومنا هذا''، مع نعت جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسائية ك ''أعمال إجرامية''، ويسقط المشروع مبدأ التقادم ويصبح ''لا يسري على الأعمال الإجرامية''. ويتيح المشروع القانوني ''إنشاء محكمة جنائية جزائرية خاصة مهمتها محاكمة مجرمي الحروب والجرائم ضد الإنسانية''، ويلفت إلى ''يحاكم كل من قام أو شارك أو ساهم بأي فعل من الأفعال السابقة ضد الشعب الجزائري أمام المحكمة الجنائية الجزائرية''. لكنه في نفس الوقت يشير إلى ''تضمن الدولة الجزائرية كامل حقوق المتهمين في الدفاع أمام المحكمة الجنائية الجزائرية''.