أصوات فرنسية كثيرة ارتفعت لتنتقد وبشدة فيلم ''الخارجون على القانون'' لمخرجه الجزائري الفرنسي رشيد بوشارب المشارك بالمنافسة الرسمية لمهرجان ''كان'' السينمائي في دورته التي ستنظم خلال الفترة من 21 الى 22 ماي القادم ومن أبرزها صوت النائب الفرنسي ليونال لوكا الذي شكك في المصداقية التاريخية للفيلم حتى من قبل مشاهدته له، مستندا في تهجمه هذا على ما جاء في تقرير الجنرال جيل روبار، رئيس مصلحة التاريخ في وزارة الدفاع الفرنسية الذي طلب منه معاينة سيناريو الفيلم المذكور وإبداء ملاحظاته حوله، وكان ذلك خلال شهر سبتمبر الماضي. والعجيب أن هذا التقرير انتقد وبشدة الرؤية والزاوية السينمائية والتاريخية التي انتهجها المخرج رشيد بوشارب للخوض في مراحل كثيرة من التاريخ المشترك بين الجزائر وفرنسا. وكان من ابرز محطاته مجازر 8 ماي 54 وفيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا والتي كان من بين المنتمين اليها فرنسيون معتدلون حيث اعتبرته -رشيد بوشارب- الانتقادات المذكورة غير مسؤول ومجحف في حق الفرنسيين إبان احتلالهم للجزائر، خاصة ما تعلق برؤية بوشارب لمجازر 8 ماي 5491 حيث ''اتهم'' بأنه يشوه الفرنسيين الذين حسب التقرير المذكور هم أول من عانى من ''ظلم'' الجزائريين لهم عندما اعتدوا -بحسب التقرير العسكري- على الأهالي من الأوروبيين خلال 8 ماي 54 فما كان على السلطات الفرنسية حينها إلا أن تتدخل وتضع حدا "للعصيان المدني'' و''الاعتداء'' على الفرنسيين العزل من طرف الجزائريين، ويقول التقرير ان هذه حقيقة تاريخية يشهد بها الكثير من المؤرخين، متناسين ان الحقيقة التاريخية التي يدركها الجزائريون وغيرهم أن مجازر 8 ماي 54 كانت من فعل الفرنسيين المدججين بأسلحة الحلف الأطلسي في حق الجزائريين العزل، وهي الرؤية التي يحاول رشيد بوشارب ابرازها من خلال فيلمه ''الخارجون على القانون'' ويبدو أنها تزعج الكثير من الفرنسيين. لم يقتصر انتقاد النائب الفرنسي والتقرير العسكري المذكور لسيناريو فيلم رشيد بوشارب على قضية مجازر 8 ماي ،54 بل أشار أيضا إلى قضية حاميلي الحقائب من الفرنسيين الذين اخذوا على عاتقهم مبدأ المقاومة إلى جانب جبهة التحرير الوطني بفرنسا إيمانا منهم بعدالة القضية وساهموا في عملية تنقل الملفات السرية والأموال بين الجزائر وفرنسا إبان سنوات الثورة التحريرية ويعرفون بحاملي الحقائب، وانتقد التقرير كيف أن رشيد بوشارب يجعل من هؤلاء ''الخونة'' في نظرهم أبطالا بفيلمه. تجدر الإشارة في الأخير إلى أنه، ومن شدة الانتقادات هذه، كان من المقرر عرض الفيلم على هذه اللجنة الوزارية قبل عرضه بمهرجان ''كان'' وذلك يوم 91 افريل ماضي، ولكن تراجع منتج الفيلم ومخرجه رشيد بوشارب في آخر لحظة عن هذا القرار في حين تبقى اللجنة المذكورة تترقب تاريخا آخر لرؤية الفيلم. الأكيد أن فيلم رشيد بوشارب قد استفاد من هذه الضجة السياسية والتاريخية التي اثيرت من حوله قبل عرضه للترويج له سينمائيا وتجاريا، علما انه من المقرر ان يتم توزيعه عبر قاعات العرض بباريس في المستقبل القريب، وأن يوم العرض العالمي له هناك سيكون في ذات تاريخ عرضه بالجزائر.