الكتاب يستوجب حسن القراءة ويستدعي فكرا واستعدادا نفسيا لما يبديه من نفاسة مضامينه ومؤلفه الذي كان في يوم ما رئيسا للولايات المتحدة (7791 1891). ويتألف الكتاب من سبعة عشر فصلا طبع لأول مرة عام 5002 وأعيد طبعه هذا العام، تناول كارتر فيه معتقدات أمريكا واختلافاتها وموضوعات أخرى ذات حساسية مثل انحراف السياسة الأمريكية الخارجية، الاعدام، الطلاق.. ويعود بنا من خلالها إلى ذكرياته ومحطات مهمة في العلاقات والحروب الأمريكية. في ديباجة الكتاب يشير جيمي كارتر إلى اعتزاز الأمريكيين بعظمة بلادهم وما خربشه الكتاب والمؤرخون في دفاترهم وكتبهم غير أن كثيرين منهم لا يدكون حجم وعمق التحويلات التي يشهدها قيم أمتهم الأخلاقية. وتحدث كارتر عن محاور كثيرة، عن قيم امريكا في العدالة والحرية وحماية البيئة وتخفيف المعاناة البشرية كلها التي باتت في خطر. ويتساءل لماذا هذا الابتعاد عن تلك القيم؟ يناقش كارتر بعد ذلك ما أسماه المسائل الخلافية في أمريكا ويرى أن أمريكا منقسمة سياسيا أكثر من وقت مضى (بعيدا عن النظريات والمسطرات السياسية) وهذا واقع تفسره الانتخابات الرئاسية عام 0002 بين بوش وكلينتون، بالإضافة إلى تخريب العراق المستمر حتى الآن بتعارض جدي في الأراء بين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث يرى غالبية الحزب الجمهوري أن الحل العسكري هو المناسب والأنجع. وبعد محطات توقف المؤلف فيها عند ايران، أفعانستان.. يتوقف مؤلف الكتاب للحديث عن موضوع عقوبة الاعدام في الولاياتالمتحدة منطلقا من تجربته الشخصية (وهو أمر مفيد يدخل في سير الرؤساء ويعد وثيقة تاريخية) عندما كان حاكما لولاية جورجيا فقد بذل -كما يقول- جهودا كبيرة للإصلاح، مستعينا بخبراء لإعداد وتعليم وتدريب مهني للسجناء وإعادة تأهيلهم نفسيا. قال كارتر ''لقد تخلينا عن تلك السياسة بل أصبح تركيز الولاياتالمتحدة الآن على العقوبة وليس إعادة التأهيل ونحو سبعة بالألف من الأمريكيين الآن في السجون وهذه أعلى نسبة احتجاز في العالم، وفي نظرة أكثر تعمقا يمكننا أن نلاحظ هذا في سياسات أمريكا الخارجية. نترك القارىء الغوص في أعماق الكتاب وأملنا الوحيد أن تكثر ألسن الرؤساء التي تقول الحق ولو كان مرا، لكن ليس بعد ولايتهم، الأمر الذي يتطلب بالتأكيد تغيير الكثير من السياسات الأمريكية الموجودة الآن ولعله يجد جوابا للتساؤل الذي وضعه مؤلف الكتاب ''لماذا هذا الابتعاد عن تلك القيم؟ وهو تساؤل ثمين يضعه القارىء كما هو.