سيعرض اليوم بقاعة الموڤار بالعاصمة، على الساعة السادسة مساء، فيلم ''خارجون عن القانون''، للمخرج الجزائري رشيد بوشارب، كما سيكون رشيد بوشارب حاضرا رفقة الممثلين المشاركين في الفيلم . يعود المخرج رشيد بوشارب في فيلمه الجديد '' الخارجون عن القانون الذي دخل المنافسة في مهرجان كان لنيل السعفة الذهبية لكنه خرج خال الوفاض،'' لطرح موضوع الثورة الجزائرية من خلال أحداث قصة عائلة جزائرية فرقتها الأقدار في وطنها الأم لتلتقي من جديد على أرض فرنسا، لقد اختار المخرج رشيد بوشارب الموضوع الذي كان قد طرحه في فيلمه '' انديجان ''، حتى أنه اختار الممثليين أنفسهم وهم جمال دبوز، رشدي زام و سامي بوعجيلة. صدفة غريبة ، لكن الواقع أن المخرج رشيد بوشارب يسير على الفكرة السابقة، إنه يريد أن يواصل غرس فكرة واحدة عن الجزائر وثورتها وقادتها وشعبها، وهي أن الثورة الجزائرية ورغم أنه كان لها صدى كبير في الخارج ، إلا أن قادتها رجال ظالمون، ومتسلطون، ديكتاتوريون، إنها النتيجة التي يتوصل إليها المشاهد المتمعن، بعد أن ينتهي من متابعة أحدث قصة استطاع رشيد بوشارب أن يجعلها مؤثرة، ويشحن المشاهد بالعواطف، يلغي عقله، لكن القصة ملغمة بافكار مزيفة عن الثورة الجزائرية . عرض الفيلم لأول مرة بقاعة الموڤار يوم 21 ماي على الساعة التاسعة صباحا، حيث بُث بمهرجان كان الدولي بالتوقيت ذاته، وهذا نزولا عند طلب وزارة الثقافة الجزائرية التي اشترطت ذلك على المخرج رشيد بوشارب باعتبار الجزائر من بين الدول التي موّلت الفيلم، تعود أحداث الفيلم إلى 1925 بإحدى المداشر في منطقة ''سطيف'' ، حيث يخبر قائد المنطقة وهو جزائري عميل لفرنسا عائلة جزائرية بضرورة مغادرة أرضها لأن السلطات الفرنسية أمرت بمصادرتها، إنها فاجعة الأب وكل أفراد عائلته ( الأم: تمثيل الممثلة الجزائرية شافية بودراع، الأبناء الثلاث : عبد القادر تمثيل سامي بوعجيلة، والابن مسعود تمثيل رشدي زام، والابن الأصغر تمثيل جمال دبوز)، ويقتل الوالد خلال مجازر 8 ماي ,1945 وهي الأحداث التي خرج فيها آلاف الجزائريين في مظاهرات سلمية تعبيرا عن فرحتهم لنهاية الحرب، وتذكير فرنسا بوعودها التي قطعتها للجزائريين بمنحهم الاستقلال بمجرد نهاية الحرب ، لم تحترم فرنسا وعودها بل ردت بوحشية على تلك المظاهرات، بإطلاق النار على المتظاهرين، وقتلت الآلاف منهم، ثم امتدت الأحداث إلى ولايات أخرى '' ڤالمة ''و''خراطة ''، وكان رد فعل البوليس الفرنسي وبعض المعمرين عنيفا، يسجن الابن عبد القادر ، فيما يتم إلحاق الابن مسعود بالجيش الفرنسي ويتم إرساله إلى الهند الصينية للقتال في صفوف الجيش الفرنسي، ولا يبقى للأم سوى ابنها الصغير، الذي يثار لمقتل والده في 1954 إذ يغتال قائد المنطقة (الخائن )، ويطلب من والدته أن ترافقه في السفر إلى فرنسا لأن حياتهما في خطر، وتوافق الأم بعد أن يقنعها ابنها الصغير بإمكانية التقائها بعبد القادر ومسعود في فرنسا، ويصلان في شتاء ,1955 وككل الجزائريين يجدان مسكنا في تجمع سكني قصديري. يجتمع الإخوة الثلاث من جديد مع والدتهم، يخرج عبدالقادر من السجن ويعود مسعود من الحرب، ليشرعا في تعبئة مشاعر الجزائريين العاملين في مصنع رونو لمساندة حزب جبهة التحرير الوطني، وضرورة الانتفاضة، في حين أن الأخ الأصغر اتخذ طريقا آخر، حيث اضطر بعد وصوله إلى فرنسا للعمل كحارس ليلي لعصابة تتاجر في الدعارة، حيث صور المخرج فتاة جزائرية تعمل عاهرة لقاء قطعة خبز، وبالمقابل يصور فتاة فرنسية تدعى :'' كاثرين '' لتقوم بدور بطولي، حيث تساعد حزب جبهة التحرير الوطني، وتوصل النقود إلى جماعة مكونة من فرنسيين لإرسال مبالغ مالية لجبهة لتحرير الوطني إلى سويسرا ومناطق أخرى لشراء الأسلحة وهنا نتساءل عن المغزى من هذا التزييف للوقائع ؟، فلماذا لم يعتمد المخرج على سيرة العائلات الجزائرية اللواتي غادرن سطيف للاستقرار في فرنسا، وكان ضمن أفرادهن فتيات أصبحن مناضلات في حزب جبهة التحرير الوطني وليس عاهرات...؟ النقطة الأخرى التي اعتمدها رشيد بوشارب هي تصويره لقادة الثورة الجزائرية بأنهم قساة القلوب، ففي مشهد مؤثر يقوم مسعود بقتل رجل ينتمي لحزب جبهة التحرير الوطني بخيط بلاستيكي، لأنه أخذ من أموال حزب جبهة التحرير واشترى ثلاجة لأبنائه . المخرج صور في فيلمه أيضا قادة الثورة الجزائرية بأنهم كانوا قساة مع أفراد عائلتهم، تشويه آخر وهو أن المخرج صور أن قادة الثورة الجزائرية كانوا يستعملون المال الذي يجمعونه من المتبرعين لفتح كباريهات، فعبدالقادر ومسعود فتحا كباريها لأخيهما الأصغر وأجبراه على أن يتحصلا على نصف الأرباح لتمويل الثورة الجزائرية، أية قذارة هذه ؟ وهل حدث هذا؟ لا أعتقد وأجزم بذلك أنه لم يحدث أن مولت الثورة الجزائرية من أموال وسخة. كل هذه الجوانب السلبية عن قادة الثورة الجزائرية وعن سلوكا تهم اللا إنسانية يحاول المخرج رشيد بوشارب تغطيتها وتجميلها مع تسارع الأحداث، محاولة منه إعطاء فيلمه شكلا آخر لاستمالة الطرف الذي شوه كثيرا من تاريخه '' أي الجزائريين ''، فعبد القادر يصبح بطلا يعترف بذلك الكولونال الفرنسي الذي شارك في الحرب الهند الصينية، إذ يقول بعد مقتل عبدالقادر على يد الشرطة الفرنسية خلال مظاهرات 17 أكتوبر ''1961 لقد فزت ''، لكن هل فازت الثورة الجزائرية في فيلم رشيد بوشارب ؟