تعهد الحاكم العسكري في موريتانيا الجنرال محمد ولد عبد العزيز بالاستقالة من السلطة في غضون الأسابيع القادمة، وتسليم زمام الأمور في البلد لرئيس مجلس الشيوخ الموريتاني باممادو الملقب بامباري استعدادا للانتخابات الرئاسية. وينص الدستور الموريتاني على تولي رئيس مجلس الشيوخ للسلطة في حال عجز رئيس الدولة أو موته. وكشفت وثيقة وجهتها الحكومة الموريتانية إلى الأوروبيين وحملت توقيع وزير الخارجية محمد محمود ولد محمدو أن ولد عبد العزيز سيستقيل من رئاسة الدولة ومن عضوية المجلس العسكري قبل 45 يوما على الأقل من موعد الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها يوم 6 يونيو/حزيران القادم. وتعهد ولد عبد العزيز أيضا باستقالة الحكومة الحالية في نفس التاريخ أيضا، على أن تتولى مهمة تسيير الأعمال الجارية خلال فترة تنظيم الانتخابات الرئاسية وقبل أن تتسلم السلطات الجديدة المنبثقة من الانتخابات القادمة أعمالها. وبشأن مصير المجلس العسكري الحاكم تعهد ولد عبد العزيز بأن تبقى مهامه خلال الفترة الانتقالية القادمة محصورة في الأدوار والمهام العسكرية والأمنية، ما يعني أنه سيتنازل عن مهامه وصلاحياته في التشريع والمسؤولية عن تسيير شؤون البلاد بعد إطاحته بالرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله يوم 6 أغسطس/آب الماضي. وبينما امتنعت الحكومة عن تقديم إيضاحات بشأن هذه المبادرة، قالت مصادر مقربة من المجلس العسكري للجزيرة نت إن المبادرة سلمت للاتحادين الأوروبي والأفريقي ولجامعة الدول العربية. وقالت هذه المصادر إن قائد الجيش محمد ولد الغزواني هو من تولى تسليمها خلال الأيام الماضية للأوروبيين. كما أعلنت وسائل الإعلام الموريتانية أمس أن سفير موريتانيا في القاهرة محمد ولد الطلبة سلم رسالة خطية من وزير الخارجية الموريتاني إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى تتضمن -في ما يبدو- مبادرة العسكر للخروج من الأزمة الراهنة، والخطوات التي ينوون القيام بها لحلحلة الأوضاع المتأزمة في البلاد.وفي أول رد فعل على مبادرة العسكر أعلن حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه زعيم المعارضة أحمد ولد داداه رفضه لهذه المبادرة. وقال ولد داداه في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن عزم ولد عبد العزيز على الاستقالة لا يعدو أكثر من "خطوة تجميلية ومناورة غير مقبولة لتغطية نتائج قد تم حسمها مسبقا"، خصوصا بعدما وضع ولد عبد العزيز أهم رجال ثقته في كل المواقع المهمة والمناصب الحساسة. وشدد على أن هذه المبادرة تمثل مناورة مرفوضة وأن المسار الجاري في البلاد يتم تسييره بشكل انفرادي من قبل العسكر، فقد تم تشكيل الحكومة وإنشاء لجنة مستقلة للانتخابات وتحديد تاريخ محدد للانتخابات الرئاسية.. كل ذلك دون أي تشاور مع أحد. وخلص ولد داداه إلى أن كل تلك الإجراءات ستجعل باب التنافس النزيه مغلقا في حال ترشح الجنرال للانتخابات القادمة.كما اعتبرها النائب البرلماني والقيادي في الجبهة المناهضة للانقلاب السالك ولد سيدي محمود لعبا في الوقت الضائع، وبعيدة من أن تشكل حلا للأزمة القائمة يجب في نظره أن يمر حتما بعودة من يصفه بالرئيس الشرعي للبلاد إلى السلطة. ويوجد ولد سيدي محمود حاليا في أوروبا ضمن وفد من قادة الجبهة المناهضة للانقلاب من أجل دفع الأوروبيين إلى اتخاذ موقف صارم من الانقلابيين في اجتماعهم المقرر يوم العشرين من الشهر الجاري. وأوضح ولد سيدي محمود أن الأوروبيين أكدوا لهم أثناء لقاءات عدة معهم رفضهم لمبادرة العسكر، وقال إنهم وصفوها بغير الجادة لأنها تتضمن ترشح ولد عبد العزيز للانتخابات القادمة. وأضاف أن الأوروبيين شددوا على أنهم لن يقبلوا إلا حلا دستوريا يتضمن عودة الرئيس المخلوع للسلطة، أو حلا متفقا عليه من قبل جميع الأطراف السياسية. وتأتي هذه التطورات قبل يومين من اجتماع حاسم في باريس للجنة الاتصال الدولية بشأن موريتانيا يناقش موضوع العقوبات على قادة المجلس العسكري الحاكم.