للعمل مع الرياء حالات متنوعة، فهو: إما أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى لا رياء فيه ولا سمعة، فهذا سبب للرفعة والثواب، وإما أن يكون رياء محضاً، لا يقصد به صاحبه إلا مراءاة المخلوقين ونيل منزلة عندهم، فهذا من أعمال المنافقين، ولا يكاد يقع من مؤمن بالله العظيم، قال ابن رجب عنه: (وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة). وإما أن يشترك في باعثه إرادة الله تعالى ومحمدة الناس، فهو على الصحيح باطل وصاحبه معاقب؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ فمن عمل لي عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك)، قال ابن رجب: وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله، فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه. والحالة الثالثة أن يكون أصل العمل لله تعالى لكن طرأت نية الرياء عليه، فإن كان خاطراً ودفعه فلا يضره بغير خلاف، وإن استرسل معه ففي حبوط العمل خلاف بين علماء السلف، والظاهر بطلانه لقوله تعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي تركته وشركه). وإما أن يكون أصل العمل لغير الله لكن طرأ الإخلاص عليه، فهذا إن كانت العبادة متصلة لا يصح أولها إلا بصحة آخرها، فالعمل باطل للحديث السابق، وإن كان لا تعلق لأوله بآخره فهما كالعملين، الأول باطل والآخر صحيح، والله أعلم. فالموفق من ضمن أعماله كلها الإخلاص، وصار تحقيق مرضاة الله ومحبته، والطمع في ثوابه، وخشية عقابه هو باعثه للعمل ومراده منه.نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يرزقنا إخلاص القول والعمل.