تستعد الجزائر لاستقبال الطبعة الثانية من المهرجان الثقافي الافريقي ابتداء من 5 جويلية المقبل و لكن هذه المرة في غياب الابنة الفذة لإفريقيا مريام ماكيبا التي توفيت في شهر نوفمبر الماضي. ستكون النجمة الجنوب إفريقية التي طالما سطعت فوق سماء الأغنية الإفريقية كرمز حي للكفاح من أجل استرجاع الكرامة الانسانية الغائبة الكبيرة عن هذا العرس القاري. غياب سيترك لا محال فراغا كبيرا سيلمسه الجميع لكن ذكراها ستطل على المهرجان مدة انعقاده و تبقى محفوظة لدى الجميع الى الأبد. ستغني الجزائر لابنة إفريقيا على امتداد اسبوعين من عمر المهرجان لهذه النبيلة التي لفظت أنفاسها الأخيرة بعد لحظات فقط من حفل تضامني مع ضحايا الظلم بايطاليا التي حلت بها لتدعم الكاتب الايطالي روبيرتو سافيانو المهدد من طرف المافيا. و قد كتب رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة غداة وفاتها في رسالة التعزية التي بعث بها الى نظيره بجنوب افريقيا "أن تاريخ مريام ماكيبا كشخص هو خلاصة لتاريخ إفريقيا الطافح بأشكال الظلم والمعاناة ونكران الانسانية. وفي تاريخها كشخص تتجسد هامة إفريقيا الابية الشامخة المكافحة والصانعة لمصيرها". وذكر الرئيس بوتفليقة بأن الفقيدة "شاركت خلال المهرجان الثقافي الافريقي الاول الذي احتضنته الجزائر العاصمة سنة 1969 بكل حماس وإعتزاز وشغف وإبتهاج في ذلك العرس الافريقي في وقت لم تكن فيه إفريقيا قد تحررت بالكامل وحيث مثلت حركات التحرير الوطني العديد من شعوبها". أربعة عقود من الزمن مرت على تلك الحقبة و مع شديد الأسف مازالت القارة السمراء تتجرع الأمرين جراء المحن التي تصيبها من تخلف و نزاعات داخلية و أوبئة و غيرها. و سيحوم ظل تلك التي أصبحت " صوت إفريقيا و صورتها"--من دون أن تدرك ذلك كما كانت تقول-- على مهرجان الجزائر العاصمة. كما سيحاول العديد من المغنين و المغنيات الافارقة بالجزائر العاصمة أداء أغانيها تخليدا لجمالها و أناقتها و صراحتها و قال الرئيس بوتفليقة "في الوقت الذي يجري فيه الاعداد للمهرجان الافريقي الثاني بالجزائر ستكون مريام ماكيبا حاضرة اكثر وأثيرة أكثر في قلوب الجزائريين". و بدورها كتبت وزيرة الثقافة خليدة تومي غداة وفاة ماكيبا أن شوارع العاصمة "ستهتز خلال العرس الافريقي المقبل على وقع أنغام "الباتا باتا" و "أفريكا" (أي افريقيا) التي تغنى بها هذا الصوت الحر والدافئ و العذب و المتحمس". و أضافت تومي "شوارع العاصمة سترن في شهر جويلية المقبل على أنغام أغانيها التي لايمكن تقليدها و كذلك على الايقاعات الافريقية". عالم أفضل للجميع و قال رئيس جنوب افريقيا أثناء الحداد الوطني الذي أعلن بالبلد عقب وفاة المغنية الشهيرة أن "فقيدة أفريقيا ستبقى حية في قلب كل واحد و أن العالم سيحتفظ بذكراها و يكرمها لاسهامها المعتبر في جعل افريقيا الجنوبية و العالم مكانا أفضل للجميع". بعد شهر جاء دور الجزائر لتحتضن في مقر الاذاعة الجزائرية هذا الرمز بين ذراعيها بدفء و أسى ليبعث ذكراها عدد من الفنانين الذين حضروا الطبعة الاولى للمهرجان بالجزائر العاصمة قبل 40 سنة مضت. هكذا حضر المغني الجزائري محمد لعماري ليحدثنا عنها بتواضع و يتذكر كيف أدى حينها "أفريكا" مع هذه بالحضور القوي للرئيس الراحل هواري بومدين. و كان هناك أيضا المؤلف مصطفى تومي الذي وقع على الورق "ماما أفريكا" (أمنا افريقيا) شاهدة على حقبة مجيدة ولا حاجة للقول بأن الأغنية دغدغت مشاعر الحنين لدى الجيل الذي صنع الأمجاد و كثيرا من الاحترام لدى الشباب . نجم إفريقيا لن تحضر عرس الجزائر و إفريقيا لكن انوارها ستسطع لا محالة في سماء المهرجان.