تعنى الأناة في لغة العرب عددا من المعاني مثل: الحِلْم، العقل، الرزانة، الوقار. واصطلاحا: هي الروية والتفكير قبل الحكم، لتضاد بذلك معنى "العجلة" في الإقدام على قرار أو حكم قبل التبصر والتثبت.وتتفاوت درجات الناس في استجابتهم للمثيرات حولهم، فمنهم من يستثار لأتفه الأسباب فيطيش ويخطئ على عجل، ومنهم من تستثيره الشدائد فيتعامل معها بعقل وحكمة وأناة، فيخرج من شدتها مأجورا مشكورا، ومع هذا التفاوت فهناك علاقة وثيقة بين ثقة الفرد في نفسه وبين أناته مع الآخرين، وتجاوزه عن خطئهم، فكلما سما دينه وخلقه اتسع صدره، ووسع غيره بعلمه،وعذر من أخطأ، وتسامح مع من سفه عليه.وقد كانت الأناة أو الحِلْم صفة لازمة للأنبياء، مارسوها مع الناس، ونبهوا على أهميتها في حياة الإنسان، لذا كان رد الأنبياء على أقوامهم المكذبين والمتهمين لهم معلما للبشرية، فنبي الله هود عليه السلام يقول لمن قالوا: (إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين) (الأعراف: 66-68). وما موقف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي قال له: اعدل فإنك لم تعدل حين رد الرسول الكريم: (ويحك فمن يعدل إذا أنا لم أعدل) إلا شاهد على أناته.والأناة صفة ممدوحة إلا أن تكون تأخرا عن واجب شرعي فامتداحها في مثل قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة) أخرجه مسلم عن ابن عباس ومن المذموم قول الرسول لمن تأخر عن الصلاة وجاء يتخطى رقاب الناس: (اجلس فقد آذيت وآنيت) رواه ابن ماجه.