تشهد تربية الخيول بولاية الأغواط خلال السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا مما أدى إلى تناقص في عددها لأسباب ترتبط حسب المعنيين بالمربين من جهة و بالبرامج الموجهة لهذا النوع من النشاط من جهة أخرى. وذكر رئيس الرابطة الولائية للفروسية التقليدية والعصرية شتيح عبد الرحمان أن ولاية الأغواط أحصت قبل عشر سنوات نحو 1.200 حصان غير أن هذا العدد تقلص إلى 900 حصان حاليا "مع تسجيل اهتمام متزايد من قبل شركات الخيول للاستثمار في أحصنة السباقات على حساب باقي الأصناف." وأوضح نفس المتحدث أن المنطقة تتوفر على جل الأصناف وغالبية مربيها متواجدون بجبل العمور ( الجهة الشمالية للأغواط ) وهي الحصان العربي الأصيل والعربي- البربري الذي هو هجين الصنفين والحصان الإنجليزي المولد والإنجليزي المستورد والموحد بالإضافة إلى الأحصنة العادية وغير المصنفة. وقد قطعت مسيرة تربية الخيول بالأغواط عدة مراحل حيث كانت تتوفر على محطتين إحداهما بآفلو والثانية بعاصمة الولاية إلى أن تعرضتا للغلق وحلت محلهما سنة 2004 محطة "الصفاد" التابعة الديوان الوطني للخيول ثم تم التوجه إلى منح الترخيص بتوليد نماذج الأحصنة لفائدة الخواص لتبدأ مرحلة تحويل كل تكاليف التربية إلى المربي ومنها التذبذب التدريجي للنشاط ككل. وأوضح رئيس الرابطة الولائية للفروسية التقليدية والعصرية بالأغواط في هذا الصدد أنه من بين أحد الأسباب الرئيسية لتراجع هذا النشاط "اكتساؤه طابع التوارث بدل وجود مرافق متخصصة وبرامج مسطرة لتربية الخيول" بالإضافة إلى "غلاء الأحصنة" التي بلغت أسعارا خيالية تراوحت في كثير من الأحيان بين 200 ألف و600 ألف وهو ما أدى إلى اقتصار امتلاكها وتربيتها على فئة معينة دون غيرها فضلا عن "صعوبة تسويقها وتلبية حاجيات الحصان" في حد ذاته. ومما زاد في حدة تقلص نشاط تربية الخيول عموما وصعوبة الحفاظ على الأصناف الجيدة منها خصوصا سيما العربي الأصيل والبربري اعتماد سكان الأرياف وهو الفضاء الطبيعي لتواجد الخيول على الأحصنة العادية وغير المصنفة لمسايرتها لحاجياتهم بالإضافة إلى نقص الرعاية البيطرية والأغذية الطبية حسب نفس المصدر.ويرى نفس المتحدث أنه "ما زالت هناك فرصة قائمة" لإنقاذ نشاط تربية الخيول بالأغواط وذلك من خلال إنشاء مرافق عمومية و فضاءات سياحية وترفيهية خاصة بهذا النشاط والعمل على جلب المهتمين به وتشجيع المربين بتوفير الوسائل المادية ( العلف الأدوية مستلزمات التربية والتوليد ) وإشراك المعنيين في وضع المخططات والبرامج الخاصة بتربية الخيول وتطويرها. كما يدعو رئيس الرابطة الولائية للفروسية التقليدية والعصرية إلى "الاستغلال الأمثل لهذه الثروة الحيوانية" في شقيها "الاستعراضي والنفعي "على اعتبار أنها تشكل "موروثا ثقافيا" مشيرا إلى توفر ولاية الأغواط على أكثر من 32 فرقة متخصصة في الفانتازيا عبر 20 بلدية بما مجموعه 130 فارسا "لكن إحياءها للمناسبات وتنشيط الاحتفالات يفتقد للتنظيم المطلوب". وقد شاركت هذه الفرق في مختلف المناسبات على الصعيدين المحلي والوطني كان آخرها في الصالون الدولي للفروسية بولاية تيارت أين نالت الكثير من الجوائز وساهمت أيضا في الاحتفالات الولائية خلال المناسبات والأعياد الوطنية فضلا عن المشاركات الاستعراضية في مختلف الوعدات التي تقام عبر مناطق الولاية. وذكر نفس المسؤول أنه محاولة منها لانتشال نشاط تربية الخيول من الزوال ومن أجل النهوض به بادرت الرابطة الولائية للفروسية بتقديم ملف حمل عنوان " تجربة فرسان مهد الأرباع " حازت بموجبه على دعم من الإتحاد الأوروبي سنة 2004 بقيمة 3.6 مليون دج ضمن برنامج دعم الحركة الجمعوية والذي صرف في اقتناء بعض الأحصنة وتجهيزات لمكتب الرابطة قصد تحسين ظروف العمل "غير أن المبادرة سرعان ما فشلت لكثرة مصاريف تربية الخيول وصعوبة المواصلة على نفس النهج". ومن جهتها أكدت مديرية المصالح الفلاحية بالأغواط "انعدام البرامج" الموجهة لفائدة نشاط تربية الخيول بالمنطقة باستثناء المنح التحفيزية التي تقدم للمربين عن كل حالة ولادة جديدة والمقدرة ب20 ألف دج وكذا الإستفادة من الخدمات البيطرية والتي تنظم في شكل حملات موسمية كالتلقيح من الأمراض والمتابعة الصحية الدورية. تجدر الإشارة إلى أن الخيول في منطقة الأغواط لا زالت تحظى بمكانتها المتميزة لدى المواطنين غير أن متطلبات تربيتها أو امتلاكها رسخت فكرة ارتباطها بأصحاب المال والأثرياء وقلص تواجدها على نطاق أوسع مما يهدد بزوال هذا النشاط على المدى القريب حسب المختصين .