يعرف نشاط تربية الخيول بولاية البيض خلال السنوات الأخيرة "تراجعا ملموسا" حسبما تفيد بذلك شهادات عدد من مربي المواشي وسكان الأرياف المهتمين بهذا النوع من النشاط المتوارث. و يفسر بعض مربي المواشي بالولاية هذا التراجع لعدة عوامل مرتبطة بالأساس بالظروف الإجتماعية المحيطة بأسر مربي الخيول سيما ما تعلق منها بارتفاع أسعار المواد العلفية أضف إلى ذلك موجات الجفاف التي ضربت المنطقة خلال السنوات الفارطة. و في ظل عدم توفر أحصائيات دقيقة حول الخيول بالنظر الى الحركية المستمرة لممارسي هذا النشاط الذين ينتمي أغلبهم الى عائلات البدو الرحل فان احصائيات قطاع الفلاحة تشير أن التعداد الإجمالي للخيل عبر كامل تراب ولاية البيض هو في حدود ال900 فرس. غير أن حقيقة الأمر تفيد -حسب أحد ممارسي نشاط تربية الخيول- أن عملية التراجع هي في تزايد مستمر في ظل عدم توفر إرادة واضحة لتدعيم هذا النوع من الحرف التي كانت بالأمس القريب تعبر عن دلالة إرتباط بالإنتماء و الأنفة والشهامة. وتجمع بعض الشهادات المحلية لعدد من سكان البراري بمحيط الأبيض سيدي الشيخ و البنود بأن الفرس كان يمثل رفيقا هاما للبدوي خلال مختلف رحلاته فيما كانت الخيمة تنصب وسط تلك الصحاري إلا و كان مربط الفرس موجودا بالقرب منها غير أن تعاقب السنين جعل من تربية الخيل مهنة تحمل معها الكثير من الأعباء و النفقات المرتبطة بالأساس بتوفير الزاد و العلف له و الذي غالبا ما يفوق سعر القنطار الواحد 2.200دج . هذه الوضعية -كما اضاف أحد مربي الخيول- أرهقت كاهل المربين وجعل من توديع الفرس حلا لا مناص عنه في ظل هذا الواقع فضلا "عن تقهقر صلة الإرتباط بالفرس كدلالة تراثية بالدرجة الأولى و ركض العديد من مربيه نحو النشاطات الأكثر مردودية و ذات الربح الإقتصادي كتربية الأغنام على وجه الخصوص". وفي المقابل تظل أقلية من سكان بوادي البيض محافظة على نشاط تربية الفرس و الذي يمثل بالنسبة إليهم رفيقا حميما في حياتهم يثابرون على عملية ترويضه خصوصا في مجالات الفروسية و الفنتازية التي غالبا ما تكون حاضرة في عدد من المواعيد المحلية سواء تلك المرتبطة بالإحتفالات الرسمية أو تلك التي تندرج في سياق المحافظة على الموروث الشعبي كالولائم أو ما يسمى بالوعدة وركب الأبيض سيدي الشيخ المعروف جهويا و وطنيا. وعادة ما تشارك فرق الفروسية في هذا النوع من المهرجانات أو المناسبات بشكل جماعي يطلق عليه محليا بالعلفة وهي مجموعة من الخيل التي غالبا ما يزيد عددها عن 10خيول يرتدي فرسانها لباسا موحدا يؤدون مجموعة من العروض الفنية والإستعراضات التي تحمل نكهة " المغامرة" حيث يكون فيها الفرس الحاضر الأكبر فيها من خلال ركضه وسط ساحة الملعب أو ميدان العرض و أيضا تناغمه مع ألحان مزمار القصبة المحلي و البندير التي عادة ما تكون حاضرة هي الأخرى في أفراح و مواسم المنطقة لتعيد نوعا من حميمية الإرتباط بعالم الفروسية و الحصان العربي الأصيل.