خلافا لما كان متوقعا، لم تشهد الجزائر هذه الصَائفة موجة لحرائق الغابات، كتلك التي عصفت بها العام الماضي وتسببت في إتلاف 9 ألاف هكتار جراء ثلاثة آلاف حريق. وبعدما كانت الغابات عرضة لكم قياسي من الحرائق خلال السبع سنوات المنقضية، لم تحمل تقارير الحماية المدنية وكذا المديرية العامة للغابات أرقاما مضاهية إلى خسائر التي تم تسجيلها سابقا ، وهو ما يجد تفسيرا له في نجاعة التدابير التي دخلت حيز التنفيذ بصورة مبكّرة منذ نهاية شهر ماي الماضي. ورصدت الوزارة الأولى غلافا ماليا ضخما تربو قيمته عن 8.1 مليار دينار، لإنجاح مخطط حماية الغابات، وتتضمن الخطة التي شُرع في تطبيقها منذ العام الفارط، وضع 1400 نقطة ماء وتجنيد ستة آلاف عون، ناهيك عن تشكيل 380 فرقة متنقلة ستعنى بمكافحة الحرائق. وقد كشف نسيم برناوي المسؤول في جهاز الحماية المدنية، أول أمس، أنّه جرى إحصاء ما يربو عن 260 حريقا في غضون الشهرين الماضيين، ما أدى إلى إتلاف 3.7 آلاف هكتار من المساحات الغابية منذ الفاتح جوان الماضي. و أفاد برناوي أنّ تدخلات فرق الحماية المدنية سمحت بالحيلولة دون احتراق 33 ألف هكتار من الغابات عبر الوطن، مسجّلا 181 حريقا في الأدغال، ما تسبب في إتلاف 2500 هكتار. في حين تواصل الفرق المتنقلة بمديرية الغابات بولاية باتنة إخماد ألسنة النيران التي شبت أول أمس بغابة متليلي، ونجم عنها احتراق أكثر من ألفي هكتار من المساحة الغابية إلى حد الآن، فيما نجحت الفرق في إخماد هذه النيران بنسبة 90 في المائة حسبما علم من رئيس مصلحة توسيع الثروة الغابية وحماية الأراضي بمحافظة الغابات ياسين قاروني. وأضاف قاروني أن 19 حريقا أتلف حوالي 38 هكتارا من الغابات وهي مساحة جدَُ ضئيلة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية مشيرا إلى أن الموسم الجاري شهد إعادة تهيئة واستغلال 6 أبراج للمراقبة و الإبلاغ المبكر بوجود الحرائق. وفي ذات السياق تم تسجيل خلال اليومين المنصرمين اندلاع أربعة حرائق بولاية تيزي وزو، أتت على 35.5 هكتار من الغطاء النباتي منها 7 هكتارات من الأشجار المثمرة حسبما أكده المسؤول عن الغطاء النباتي و الحيواني لدى مديرية الغابات لتيزي وزو. وفي تقييمه لحصيلة شهر جويلية لولاية تيزي وزو، كشف عن اندلاع 38 حريق أسفر عن إتلاف 116 هكتار من الغطاء النباتي مؤكدا أنه خلال نفس الفترة من السنة الفارطة تم إحصاء 95 حريقا تسببت في إتلاف أكثر من 623 هكتار من الغطاء النباتي "أي ست مرات المساحة المسجلة خلال جويلية الجاري". وأرجع ذات المسؤول هذا الانخفاض المعتبر في أعداد الحرائق و الخسائر المسجلة إلى لطافة الجو الذي تعرفه المنطقة في الآونة الأخيرة مما يمنع اشتعال الأعشاب اليابسة بالأحراش و الغابات. كما أضاف ذات المصدر أن مشاريع التنمية المحلية الجوارية سمحت بفتح المسالك الغابية الوعرة مما مكن رجال الإطفاء من التدخل في الوقت المناسب لإخماد النيران في مراحلها الأولى قبل أن تخرج عن السيطرة. وقد عرفت ولاية تيسمسيلت هي الأخرى انخفاضا محسوسا في عدد حرائق الغابات والمساحات المتضررة منذ بداية الصائفة الجارية مقارنة بنفس الفترة من السَنة الماضية حسبما أفاد به محافظ الغابات طالب عبد الرحمان مشيرا أن الانخفاض يخص شهري جوان و جويلية حيث سجل اندلاع 18 حريقا مما أدى إلى إتلاف 48 هكتار من الغابات بينما شهدت نفس الفترة من العام المنصرم 33 حريقا التهم 148 هكتار أي بانخفاض يقدر ب 32 بالمائة. ويرجع أسباب هذا الانخفاض إلى الإجراءات العملية المتخذة من طرف إدارة الغابات بالتنسيق مع عدة هيئات كالمصالح الفلاحية والحماية المدنية حيث تم وضع مع حلول فصل الحر برنامجا وقائيا يتضمن توفير مختلف الإمكانيات البشرية والمادية. وتعد أشغال تنظيف الغابات من بقايا الحشائش اليابسة وإعادة فتح المسالك الغابية وتطهير حافة الطرقات المحاذية للغابات بالإضافة إلى التدخل السريع ويقظة أعوان الغابات من العوامل التي ساهمت في تراجع عدد الحرائق بمختلف مناطق الوطن. وتسعى الدولة لترسيخ الثقافة الغابية وتعزيزها عند المواطن وتدعو إلى تضافر المزيد من الجهود بين مختلف الأطراف المعنية لاسيما قطاع الغابات والحماية المدنية وكذا البلديات المجاورة للغابات للمحافظة على الغابات وحصر الحرائق المندلعة للتقليل من الخسائر. حيث يرتقب تخصيص رتل متنقل لكل ولاية غابية هامة على المستوى الوطني لمكافحة حرائق الغابات ضمن الإستراتيجية المستقبلية لقطاع الحماية المدنية حسب ما أكده بباتنة المدير الفرعي للإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية. بمناسبة حلول موسم الاصطياف 2009 حضرت مصالح الحماية المدنية برنامجا ثريا للحد من الكوارث التي تؤدي إلى خسائر جسدية و مادية سواء في الطرقات أو الشواطئ و كذلك في الغابات المعرضة للحرائق.