لا يمر يوم على الفتنة السورية إلا وتتكشف فيه حقائق مرة و مثيرة عن الوقائع الميدانية ، وأمريكا التي تتزعم الدول المشاركة بالقتال تحت أشكال مختلفة هي مَن خَطط ومَول ونفَّذ ، وإن الأسلحة التي تمت مصادرتها في القصير وهي من حيث الكم والنوع والتطور تشهد بأن امريكا هي من تقود ومن تسلح ولكنها كانت تتلاعب وتكابر وتراوغ وتمكر وهذا هو دأبها ، وهي التي وضعت كذبا وزورا تنظيم النصرة على قائمة الإرهاب في الوقت الذي يعرف العالم أنه التنظيم الوحيد وصاحب القوة في الحرب السورية وقد أعلن صراحة انتماءه لتنظيم القاعدة الذي تدعي أمريكا مقاومتها له بعد ما أسسته ، وهي اليوم وبعد القصير وقد فقدت أعصابها ونفذ صبرها مع شقيقتيها الذيلين فرنسا وبريطانيا تعلن عن عزمها على تزويد المعارضة المسلحة بأسلحة نوعية ومختلفة ونحن حتى الساعة لانفهم القصد من هذا التنوع في الكلام ولا هذا التنوع بالأسلحة كما لا يمكن أن نفهم المقصود بالمحافظة على التوازنات وماذا تعني هذه التوازنات بين دولة عضو في هيئة الأممالمتحدة وهي ذات سيادة ، وقوى متمردة عليها لا تحظى بأي نوع من أنواع الشرعية و أمريكا التي كانت تحافظ بزعمها على التوازن بين الدول العربية مجتمعة وهي في حدود ال400 مليون بني آدم زعموا وبين الدولة الباغية المعتدية المحتلة إسرائيل واستطاعت أمريكا أن تمنع التسلح عن هذه الدول مجتمعة حتى لا يتهدد أمن إسرائيل ، و نفهم أيضا الغزو الثلاثي لمصر عندما أراد عبد الناصر إخراج بلاده من عنق الزجاجة لتتنسم نسائم الحرية وتدافع عن حدود بلادها ونفهم كذلك حرب ال67 على أنها حرب استباقية للدفاع عن إسرائيل ونفهم كذلك الانقلاب على عبد الكريم قاسم كما نفهم عملية احتلال العراق واحتلال الكويت ومحاربة إيران ونفهم كل هذا على أنه من المنظور الأمريكي للحفاظ على "التوازن" بل على ما هو دون التوازن للحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل ، ونفهم كل التحركات ولكن الذي لا نفهمه ولا يمكن أن نفهمه هو ما تدعو إليه أمريكا للحفاظ على التوازن بين مقاتل متمرد وجندي رسمي يحافظ على أمن بلاده ، ثم لا نفهم كيف أن أمريكا تدعي بأنها أدرجت جبهة النصرة التكفيرية على قائمة الإرهاب ومن ثم تعمل جهارا نهارا على تزويدها بالأسلحة النوعية والعالم كله بات يدرك أن ما يسمى بجبهة النصرة هي المجموعة الرئيسية التي تقاتل النظام في سوريا وكل الشواهد تقود إلى مثل هذا الاعتقاد كما أننا لانفهم كيف فهمت أمريكا أخيرا بأن الأوضاع في سوريا قد تدهورت بعدما مني المقاتلون المتمردون بالهزيمة على مستوى حمص والقصير وكلمة لا بد من قولها وهي أن التناقضات الأمريكية قد تجاوزت كل الحدود كما تجاوزت كل الخطوط الحمر وبالتالي فكل القرائن تدل على أن أمريكا هي من يحارب الدولة السورية ومعها إسرائيل فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ .