"العمل التطوعي قائم في مجتمعنا، لكنه يحتاج إلى دعم أكبر من المؤسسات العمومية" أكد الأمين العام للهلال الأحمر الجزائري، لحسن بوشاقور، في حديث ل"المستقبل العربي" عن تسجيل ارتفاع في عدد المتطوعين العاملين في الميدان، إلى ما يزيد عن 12 ألف متطوع، إضافة إلى قفة رمضان، داعيا كل المشككين في نزاهة عمل الهلال الأحمر إلى متابعته ميدانيا، كما دعا أيضا الصحافة ومختلف المؤسسات العمومية، إلى دعم النشاط التطوعي الخيري، كل حسب دوره وإمكانياته. حميدة بوعيشة • كيف يسير برنامج عملكم خلال الشهر الفضيل، خاصة وأن عدد المتطوعين في صفوف الهلال الأحمر الجزائري قد عرف تزايدا كبيرا؟ نحن في الهلال الأحمر الجزائري نسعى ككل عام إلى تطوير برنامج عملنا، ليشمل اكبر عدد ممكن من ولايات الوطن، ولكل ولاية برنامجها الخاص، بالنظر إلى الاحتياجات المسجلة على مستواها، وهذا طبعا حسب الميزانية المتوفرة لدينا، والتي تقوم أساسا على تبرعات وإعانات المحسنين. وقد بدأنا العمل على برنامج شهر رمضان هذا قبل ما يزيد عن 15 يوما من بداية الشهر الفضيل، فهناك ولايات فتحنا بها 15 مطعم رحمة، لإفطار الصائمين، وهناك ولايات فتحت أعدادا أقل، فالعاصمة مثلا ومن بداية الشهر الى اليوم فتحت 21 مطعما، وهو عدد مرشح للارتفاع، خلال الأيام القليلة المقبلة، وهذا في انتظار استكمال التجهيزات الضرورية لإتمام العملية، وهو ما نسعى الى توفيره في أقرب وقت ممكن. ونفس الأمر بالنسبة للمتطوعين المتواجدون بالميدان، والذين هم على اهبة الاستعداد للقيام بدورهم على أكمل وجه من خلال الإشراف على سير عملية إفطار المحتاجين وعابري السبيل، حيث كان عددهم في العام الماضي 11 الف متطوع، بينما نتوقع أن يكون العدد هذا العام أكبر من 12 ألف، يتم تقسيمهم الى مجموعات تتناوب في عملها بين الفترة المسائية والصباحية، هذا بالإضافة طبعا إلى توزيع قفة رمضان، الذي يختلف أيضا من ولاية إلى أخرى، حسب الحالات المسجلة على مستوى كل ولاية. وإلى جانب الموائد وقفة رمضان، سيتم اقامة حفلات ختان جماعية لفائدة الأطفال المحتاجين، فخلال العام الماضي تمكنا من ختان 10 الاف طفل من كافة ولايات الوطن، وذلك بفضل المساعدات التي تلقيناها من المواطنين والمحسنين، كما لم ينسى برنامجنا الخاص بهذا العام، المرضى المتواجدين في المستشفيات، على غرار الأمهات المتواجدات في المستشفى برفقة ابنائهن المرضى. وأريد هنا أن أشير إلى أن برنامج عملنا ممتد على مدار السنة، فالجزائريون في كل مرة ومن مناسبة لأخرى يقدمون دروسا في الانسانية وحسن الأخلاق، والهلال الأحمر كمنظمة إنسانية تسعى جاهدة إلى مد يد العون لكل محتاج، مع مراعات مبدأ احترام انسانية المحتاجين وحفظ كرامتهم. وهنا أدعوا الموطنين الى استغلال الفرصة في الشهر الفضيل من أجل تقديم المساعدة التي من المفترض أن لا تكون مقتصرة على هذه الأيام، كما أدعوا كل المشكين في الدور الإنساني الذي يلعبه الهلال الأحمر الجزائري إلى التوجه نحو كافة نقاط تواجدنا ومراقبة عملنا. • من خلال نشاطكم في المجال الخيري، كيف تقيمون واقع العمل التطوعي في المجتمع الجزائري؟ هذا الأمر ليس بالجديد على الجزائريين، ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي يحاول أن يقدمه الشباب في مجال العمل التطوعي والخيري، كما لا يمكن لأحد أن يتحدث عن فعل الخير والعمل التطوعي بعيدا عن الجزائريين والمجتمع الجزائري، فهذا الأخير معروف ب"النيف" وإقباله على مساعدة الغير، فالصغير في مجتمعنا وعلى براءته يحب فعل الخير، وأعمال التطوع، تماما كما الكبير، فكل من يملك قطعة خبر تجد أنه يأكل نصفها ويتصدق بنصفها الآخر للمحتاجين، فالحديث عن واقع الاعمال التطوعية في بلادنا لا ينتهي، لأنه مستمد من أصالة هذا المجتمع، ففي حالة حدوث كوارث طبيعية أو ما شابهها، وقبل أن تقدم المساعدات من الخارج نجد الجزائريين يتأهبون، ويقفون وقفة رجل واحد للتبرع بكل ما بإمكانهم التبرع به، بل يصل الأمر بالبعض إلى التنافس حول من يستطيع أن يقدم الأحسن لغيره، ومن يتبرع أكثر من الآخرين، في صور مميزة من الغيرة الايجابية. فالأعمال الميدانية القائمة على أرض الواقع، خير دليل على ذلك، فمثل هذه المبادرات الشبابية ما هي الا دليل على بذرة الخير الموجودة في الجزائريين، والتي استقيناها اصلا من عاداتنا وقيمنا الأصيلة وديننا الحنيف، كما أن هذا ليس مقتصرا على شهر رمضان فحسب. • برأيكم ما هي سبل تدعيم ثقافة العمل التطوعي لدى شبابنا، لتكوين شخصيات اجتماعية منتجة؟ وماذا عن دور المجتمع المدني بمختلف هياكله ومؤسساته وجمعياته في ذلك؟ الحمد لله هذه الثقافة موجودة في مجتمعنا، كما ذكرت سابقا، لكن علينا العمل من أجل دعمها، حتى تكون مثل هذه الأعمال والنشاطات بكثافة وفعالية أكبر على مدار السنة، وليس في فترات ومناسبات معينة فقط، والمسؤولية هنا تقع على عاتق الجميع، خاصة الجهات الرسمية، لأنه ومهما كان الأفراد متشبعين بهذه الثقافة، ومهما حاولوا إقامة نشاطات وأعمال خيرية، فإنها تبقى مبادرات فردية، ليس باستطاعتها، لوحدها فعل الكثير، وإحداث تطوير نوعي بالنسبة لثقافة العمل الخيري في أوساط المجتمع العام، في حين أنه وإذا تدخلت مختلف الوزارات والمؤسسات العمومية التي تمتلك ميزانيات كبيرة، لتمويل هذا العمل النبيل والإنساني حتى ب1 بالمائة من أرباحها فإننا حتما سنتمكن من دعم العمل الخيري، وتوفير احتياجات كل، الفقراء. وهنا أركز أيضا على الدور المهم الذي تلعبه وسائل الإعلام في هذا الشأن، فهي حلقة رئيسية تربط بين القائمين والناشطين في هذا المجال، والمحسنين والمتبرعين، الذي يطلعون من خلال الصحافة على الإنجازات الحقيقية، للجمعيات والمنظمات الخيرية، وما تحققه على أرض الواقع، وهو ما يخلق الثقة بين الطرفين، فالمتبرع يرى بعينه أين ذهبت أمواله وتبرعاته التي تصدق بها، كما أنه يعرف من خلال الإعلام والصحافة أيضا احتياجات الفقراء، ومجالات عمل الجمعيات، وبالتالي تتوحد الجهود وتكون اليد في اليد، وهو أمر إن تحقق سنتمكن من القضاء على الفقر في مجتمعنا، فلن يبقى للفقير مكان في مجتمعنا.