عندما تسأل شخصا في خدمة فيرد عليك بقوله:"ليس لدي الوقت!"، تعتقد أن الشخص وقته مليء .. إلا أن المغالطة كبيرة، ذلك ما ستلاحظه، في قصة صديقي الأستاذ. جلس وراح يردد:" يستحيل أن نتقدم خطوة في طريق االتحضر..يستحيل! فقلت له: ما دهاك؟ فراح يعود بذاكرته إلى الزمن الذي كان فيه ناشطا:" كنا نعلّم التلاميذ احترام الوقت..ولا نتسامح في تأخر مدته دقيقة، واليوم يقننون للتأخر، بالتساهل لمن يبدأ عمله بربع ساعة وقد تتجعد هذه المدة إلى ساعة، ولا حرج في ذلك. وما نراه في مؤسسات التعليم قد يكون أرحم مما نراه في الإدارات المختلفة، التي أصبح فيها التأخر سمة من سمات النظام، وكأن من لا يتأخر من الموظفين، ليس ..ذا شخصية! سألت نفسي، ما الذي ربى في الناس هذا السلوك غير الحضاري، بإهدار الوقت الذي نعرف قيمته، بما ينسج حوله من أقوال وحكم، كنا نرسخها في أذهان التلاميذ، بطريقة أو أخرى من الطرق التربوية، مثل "الوقت من ذهب، الوقت كالسيف..إلخ وسألت نفسي كجواب على التساؤل الأول: أهي فطرتنا، ألاّ نحترم الوقت كما لا نحترم القانون.. إلا بالقوة ؟ لا أدري في الواقع، ما يحدث لنا، ولكن ما أنا متأكد منه، أن هناك ورما ما في مكان ما، يجب استئصاله... وفي هذه اللحظة، بلغ مسامعي صوت أحد رواد المقهى، يعتذر لصديقه المنتظر منذ فترة، وهو يلهث: تصوّر، عشرون كيلومترا.. استغرقت فيها ساعة نصف.. الممهلات.. الحفر.. ثم الحواجز الأمنية، تخلق طوابير غير منتهية..تستهلك الوقت والأعصاب والبنزين..كل ذلك بلا فائدة! التفتّ نحو صديقي قائلا: هذه مربية معارضة!