سبق وأن كانت منطقتي عين طاية وبرج البحري محط زيارات العديد من المستثمرين الخليجيين من كبار المديرين التنفيذيين لمجموعات الصناعة والترويج السياحي على امتداد السنوات الأربع الماضية خصوصا بعد أن أعلنت وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة حينذاك مناطق في الخليج الشرقي بالعاصمة كفضاءات للتوسع السياحي وقد كللت ذات الزيارات باتفاقات مبدئية حول عديد المشاريع السياحية والترفيهية في المنطقة لكن ما يزال الغموض يكتنف هده المبادرات إلى درجة أن مواطني المنطقة أصبحوا يتساءلون عن مصير المشاريع التي أعلنت ومنحتهم الأمل في انتعاش سوق العمل المباشر وغير المباشر . توصلت وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة في سنة 2005 قبل أن ينفصل القطاع السياحي لينفرد بوزارة مستقلة في التعديل الحكومي الأخير إلى ضبط خارطة وطنية تضم مناطق التوسع السياحي مؤهلة طبيعيا وجغرافيا وحتى ديموغرافيا لأن تحتضن المشاريع السياحية على اختلاف نشاطاتها. تهافت خليجي كبير للاستثمار السياحي بالجزائر وكان من ضمن هذه المناطق، الخليج الشرقي للعاصمة وتحديدا من شواطئ المرسى وتمنفوست إلى عين طاية وصولا إلى بحيرة الرغاية المصنفة كمحمية طبيعية. وقد أثارت هذه المنطقة بكل مؤهلاتها ومعطياتها المحفزة ، اهتمام الكثير من المجموعات السياحية الكبرى في الخليج العربي وتنشط أساسا في مجال الإنشاءات والترقية العقارية السياحية وقد التقى هؤلاء المستثمرين وعلى رأسهم رجال اعمال كويتيين وإماراتيين وسعوديين بالمسؤولين المحليين بعد مناقشات مستفيضة جمعتهم مسبقا بالوزير شريف رحماني بمقر دائرته الوزارية على امتداد سنوات 2006 و2007 وتناقشوا سبل تفعيل خارطة المنشات بالمنطقة تشبه في تصاميمها إنشاءات المدن الجديدة وقد كللت هذه المحادثات بإعلان الموافقة المبدئية من كلا الطرفين في انتظار إعلان المناقصات الدولية مثلما هومعمول به في مجال الاستثمارات المباشرة الأجنبية والتي كان من المقرر أن يشرع في إعلانها مطلع سنة 2008 لكن ورغم مرور قرابة العامين عن الموعد المذكور يبدوان الملف ما يزال في الأدراج مما يوحي بان الوصاية تراجعت خصوصا لما نعلم أن المستثمرين الخليجيين سبق وأن أعلنوا في أكثر من مناسبة عبر بواباتهم الالكترونية على "النت" أن الكرة حاليا هي بحوزة السلطات العمومية في الجزائر وهم من جانبهم مستعدون لبدأ الأشغال حين يلمسون إرادة حقيقية من طرفها . مشاريع رائدة ما تزال رهينة البيروقراطية وحسب العديد من الدراسات التي أعدت بخصوص منطقة التوسع السياحي شرقي العاصمة فان هذه المنطقة لها مميزات وتتمتع بمؤهلات ترشحها لأن تنافس منتجعات "شرم الشيخ" بمصر ومركبات جزيرة "جربة" السياحية في تونس وكورنيش "الدارالبيضاء" في المملكة المغربية لكن" تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن" كما يقول المثل الشعبي لان البيروقراطية ما تزال ضاربة بأطنابها في عمق الإدارة المحلية والتي تبقى محل اتهام ليس من طرف المستثمرين الأجانب فحسب بل حتى من طرف المستثمرين السياحيين المحليين الذين سبق وأن تقدموا بملفات وطلبات للاستثمار في السياحة الفندقية بالمنطقة قبل سنوات لكن لا رد على ملفاتهم حتى اليوم لا بالسلب ولا بالإيجاب مثلما كشف لنا العديد من المتعاميين السياحيين خلال كل المعارض السياحية وصالونات الخدمات الملحقة التي أقيمت في الجزائر ووهران على امتداد السنوات الثلاث الماضية. مناطق التوسع السياحي قاعدة للانطلاق وكان موضوع الإنشاءات السياحية في الطنف الشرقي للعاصمة قد أثير من طرف الصحافة الوطنية خلال الجلسات الوطنية الثانية للسياحية التي نظمت العام الماضي تحت رعاية رئيس الجمهورية حيث استحوذ ملف "مناطق التوسع السياحي" على أغلب الورشات التطبيقية والملتقيات التقنية المتخصصة التي نظمت على هامش ذات الجلسات لكن جميع التساؤلات المركزية التي أثيرت حول الأسباب الكامنة وراء تأجيل مشاريع ليس منطقة المرسى وتمنفوست وعين طاية فحسب بل العديد من المشاريع التي برمجت في الكثير من مناطق التوسع السياحي شرق وغرب البلاد ضلت دون إجابة مقنعة حيث قال الوزير شريف رحماني وقتها أن الحكومة بصدد دراسة الملفات وستعلن عن " جديدها " لاحقا. الصناعة السياحة مصدر مهم للعملة الصعبة لو يحسن استغلالها ومعلوم أن الشريط الساحلي الوطني يتمتع بمؤهلات سياحية كبيرة من شأنه أن يستقطب الملايين من السياح الأجانب سنويا لوترافق الدولة المتعاملين في القطاع سيما أولئك الذين عبروا عن استعدادهم للنشاط وخصوصا في المناطق الشرقية والغربية في البلاد .وعلمت "الأمة العربية" أن عشرات من المستثمرين المحليين في القطاع السياحي كانوا قد تقدموا في وقت مضى بمقترحات بناء مدن سياحية خالصة على غرار ما هومعمول به في البلدين الجارين المغرب وتونس مؤكدين أن مناطق في ولايات سكيكدة وجيجل ومستغانم ووهران وتلمسان وتيزي وزو والطارف في أقصى الشرق وكلها من ضمن الولايات الساحلية الأربع عشر تتمتع بخاصيات جغرافية وموارد طبيعية وبشرية تجعل من الإنشاءات السياحية بها ذات ربحية ومردودية على أكثر من صعيد لتكون بالتالي مصدر إضافي ثان للدولة من العملة الصعبة بعد المحروقات وأيضا امتصاص حتى 70 بالمائة من البطالة في كل الولايات المعنية على اعتبار أن فندق سياحي واحد من 120 سرير يمنك أن يستحدث 200 منضب شغل مباشر و400 منصب شغل غير مباشر ومنتجع ترفيهي بسعة 300 شخص يمكن أن يستحدث 150 منصب عمل مباشروالعشرات من المناصب غير المباشرة . نقص البنى والهياكل القاعدية ..محفز اضافي كما أن نقص البنى القاعدية والهياكل التحتية في المجال السياحي في البلاد يبقى أيضا من المحفزات الأساسية للعمل لأن وتيرة بناء الفنادق في الجزائر وخصوصا تلك المصنفة في خانة 4 و5 نجوم تسير ببطء كبير مقارنة بالبلدين الجارين المغرب وتونس واللذان يستحدثان من 8 إلى 15 فندق فخم سنويا الى جانب العديد من المركبات الترفيهية والمحطات العلاجية .وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد شدد منذ توليه زمام السلطة في البلاد سنة 1999على ضرورة إيلاء هذا القطاع الأهمية اللازمة في سياق التفكير في مرحلة ما بعد النفط لأنه فقط قطاع السياحة والصناعات التقليدية الذي بإمكانه أن يضمن المداخيل اللازمة من العملة الصعبة لتمويل التنمية والإنفاق العمومي ولذات السبب ونزولا عند تعليمات رئيس الجمهورية قررت وزارة السياحة الشروع في تنفيذ المخطط الوطني يهدف إلى تنمية القطاع ودعمه لبلوغ رقم 10 ملايين سائح في غضون سنة 2025 كما انطلقت الوزارة الوصية في تفعيل نشاط الهيئات والملحقات الاقتصادية على مستوى سفاراتنا بالخارج للترويج للوجهة الجزائرية التي انتعشت تدريجيا خلال السنوات العشر الماضية .