الحركة الجديدة في سلك الولاة، ستعود على البعض بالخير العميم، أما البعض ممن خسروا عطايا السيد الوالي فإنها كارثة بكل المقاييس لا تظاهيها سوى كارثة سقوط غرناطة إن لم تكن أكثر، لذا التحالفات في الديوان على أوجها لنسج الخيوط العنكبوتية حول الوالي الجديد ومحاولة توجيهه حسب ما تقتضيه مصلحة الشلة، وصراع الزمر في الولايات التي عرفت تغييرات على مستوى الرؤوس تعرف تكتلات. أما البعض الآخر، فما يزال يحاول اقتناص فرصة لتضعه الأقدار وجها لوجه أمام الوالي، ليقول له "أنت أيها الوالي إنك شمس وما حولك كواكب، إذا طلعت لم يبدُ منهن كوكب". وبلا شك ستصل طقوس التزلف و"التشيات" لدرجة تقديم الهدايا لحرم الوالي المصون وأطفاله المباركين، وستفرش لساكن الولاية الجديدة سجاد أحمر ويستقبل بالزرنة والبندير، ويرقص له الراقصون في ولايته، وبعدها قد فاز من رضي عنه الوالي في دخلته وخاب من أشاح عليه بوجهه. وبعد هذه الطلعة المباركة، ستبدأ خيوط العنكبوت تحكم قبضتها على الوالي وتعاد نفس الحكاية مع الوالي السابق والوالي الأسبق، لأن الولاة تغيروا والطفيليات من حوله لا تتغير، وهي إحدى عجائب الدنيا الثماني بعدما أضيف لها حكاية الوالي في الجزائر والأربعين من الحاشية الذين يعتبرون حرس مغارة الولاية وأمناء سرها، يعصرون الوالي إلى آخر هبة منه لهم، وفي التغيير التالي، سيقولون للوالي القادم "ما أنجبت الأمهات في الولاية كوكب مثلكم، ولا نلنا من قبلك الكرم وقبلكم كان كل شيء عدم، فجئت فعم الخير والنعم، أنت والي وقبلكم والو"، مع خالص اعتذاري للمتنبي.