وضع، أمس، وزراء الخارجية العرب اللمسات النهائية لتحضيرات القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثانية التي تنطلق، اليوم، بشرم الشيخ بمصر. وأشار نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، الشيخ محمد صباح السالم الصباح الذي ترأست بلاده القمة الأولى، إلى أن القمة الحالية تنعقد فى ظل معطيات سياسية واقتصادية تحتم على الجميع التعاون والعمل سويا من أجل النهوض بشعوب العربية وتنميتها. غلاء الغذاء وهاجس توريضه لأمة لا تنتج أكلها رمت موجة الارتفاع المتسارع لأسعار المواد الغذائية عالميا، بظلها على المشهد الاجتماعي العربي، مشكلة بذلك هواجس غير مسبوقة على مسارات القيادة في العالم العربي، مما دفعها إلى إعلان مبادرات استباقية، يمكن أن تضمن قليلا من الاستقرار لشعوب المنطقة ويجنب المنطقة العربية ما لا يحمد عقباه في المرحلة القادمة. منح تحفيزية للمواطنين بالكويت في الكويت، أعلن العاهل الكويتي أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، قرارا يقضي بمنح كل مواطن كويتي 3572 دولار مع امتياز مجانية الغذاء على مدار 14 شهرا. ويستثني هذا القرار المواطنين المقيمين. سوريا: صندوق لدعم التدفئة وفي سوريا، أعلنت الحكومة السورية عن إنشاء صندوق لدعم التدفئة، مما كلفها حوالي 250 مليون دورلار، وفي موريطانيا تظاهر الآلاف من المواطنين مطالبين بفرص للشغل، وهو ما حدث في اليمن السودان ومصر والجزائر، وإن كان ذلك بأشكال متباينة. ومهما تكن من طبيعة لهذه المبادرات وفاعليتها في صيانة الحد الأدنى للمسيرة المعيشية للإنسان في المنطقة العربية كإجراء استباقي اجتنابي لما يمكن أن يوصف بكونه محظورا في الساحة العربية، فإن القول بأهميتها شيء لا بد منه، خصوصا مع الأخذ بعين الاعتبار مأساوية المشهد الذي قد تشكله الفوضى الناجمة عن عدم استقرار الأسعار، والتي ستأتي على أمن المنطقة العربية لتغيبه كليا، أو تؤول بما آل إليه الوضع في تونس، فتركها مفتوحة لاستقبال الكثير من الأقدار، لا علم بها لأحد. خوف وتوجس من المستقبل القريب والمستقرأ من المشهد الاقتصادي، يوحي بشيء من الخوف يصل اتصالا شديدا بالمستقبل القريب، ويدعو قادة الدول في المنطقة العربية والإفريقية إلى مزيد من التركيز في ما يمكن أن يكون مهددا لاستقرارها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ونصب أعينهم على أصل المشكلة التي يتفق الجميع على أنها لا تتصل بهم مباشرة، بل تتجاوزهم إلى طبيعة البرتوكولات الاقتصادية التي برزت في العقد الأخير من الزمن، والتي ساهمت في تعقيدها الشركات العابرة للقارات، حيث لا يخفى على المتتبع دورها في صناعة الأزمات، التي تأتي المالية العالمية الأخيرة في مقدمتها، هذا فضلا عن اضطلاعها عن قصد أو غير قصد بما يوصف أن يكون بأنه إضرار باستقرار الأسواق العالمية واستقرار أسعارها، وتوسيعا للفجوة بين من يملك، ومن لا يملك. هاجس الأسعار مصدر قلق للمواطن بعد الحكومات لم يظل شبح الأسعار هاجسا قياديا يضطلع به القادة في البلاد العربية وخبرائهم فحسب، بل تجاوزهم لينزل إلى الحياة اليومية المواطنين العرب بمختلف ألوانهم وأطيافهم الثقافية والاقتصادية، وأصبح يشكل جوهر محاوراتهم اليومية في مختلف القنوات، بداية من الوسائط الإعلامية المتعددة، ومرورا إلى سياقات الاحتكاك المباشر لمختلف الأفراد بعضهم ببعض، ووصولا على الجلسات العائلية الخاصة، مما أوجد وضعا انتقاديا مقلقا مر أصبح يشكّل هموم المواطن العربي اليومية. دعوة إلى إنشاء منطقة لوجستية لتجار المواد الغذائية يذهب عبد الرحمن عبدالله الأنصاري المدير العام لشركة القطرية للصناعات التحويلية، إلى أن الوضع الراهن يتطلب إعادة النظر بشكل عاجل في قيام أو إنشاء منطقة لوجستية تعطى لتجار المواد الغذائية أسوة بالمواد الصناعية، التي خصصت لها أراض صناعية مميزة في الدولة. وأضاف الأنصاري في تصريح له لصحيفة العرب القطرية ونقله موقعها الإلكتروني، إنه يجب توفير مثل هذه المنطقة لتوفير المواد الغذائية والاستهلاكية بسعر مناسب وتوفير مساحات للتخزين، مشددا في الآن ذاته على موضوع الأمن الغذائي الذي يتجاوز في حساسيته موضوع التجارة بمختلف أطيافها. وأوعز المتحدث ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الفترة الأخيرة، إلى سببين رئيسيين، الأول منهما يتعلق بالتضخم الخارجي، وهو مما لا يمكن معالجته إلا في إطار دولي، وهذا مستحيل، والسبب الثاني يتعلق بالتضخم الداخلي، وهذا يتطلب بعض الإجراءات الفورية، وإن كان من الصعوبة بمكان الحفاظ من خلالها على مستوى دعم القدرة الشرائية للمواطن العالمي. إجماع على تسهيل الإجراءات لحل أزمة الأسعار من جهته، يرى سعيد محمد سيف الخيارين، رئيس مجلس إدارة "ساتكو" العالمية للتجارة والمقاولات بقطر، أن تكملة برنامج الأمن الغذائي في قطر بصورة كاملة، يتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات، فضلا عن تسهيل إجراءات منح الأراضي للأغراض التجارية والصناعية وغيرها، مشيرا إلى أن هذا الموضوع قد تمت مناقشته باستفاضة من قبل. وأكد الخيارين في تصريح له لذات الصحيفة، أنه يتطلب أن تقوم الدولة بتشجيع المستثمرين في قطاع التجارة العامة، وعدم ربط المسائل التطويرية الأخرى بارتفاع الإيجارات وغيرها، مضيفا "إنه لا شك في أن موضوع الأمن الغذائي العربي بما يعنيه من ضرورة تأمين الغذاء الكافي للمواطن العربي، هو أمر ضروري ومهم". وأضاف ذات المتحدث إنه من أجل الوصول إلى اكتفاء إنتاجي ذاتي، فإن هذا الأمر يتطلب أن يأخذ موقعا ملموسا في تقارير المنظمات التابعة للجامعة العربية، وفي تقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من أجل إدخال التحديثات اللازمة لتطوير البنيات التجارية والغذائية للدول. وأضاف إنه في ظل تقارير تتحدث عن نقص حقيقي في الغذاء، وحصول مجاعات في بعض الدول العربية، بل تسجيل مستويات مرتفعة من سكان العالم العربي الذين يعيشون تحت مستوى الفقر، فإن الوضع يفضي إلى ضرورة اتخاذ خطوات علاجية سريعة لتفادي أي مخلفات لآثار ارتفاعات أسعار المواد الأساسية في الدول العربية. دعوة الشركات إلى دخول استثمارات الأمن الغذائي يتخذ دخول استثمارات الأمن الغذائي خصوصا من طرف الدول الغنية أولوية، وأهمية قصوى تكمن توفير الغذاء الصحي الآمن بشكل مستدام لصالح الشعوب الفقيرة المضيفة للاستثمارات، ففي هذا الباب يذهب الدكتور محمد بن سليمان الراجحي، الرئيس التنفيذي لشركة الراجحي الدولية للاستثمار، أن قطاع الزراعة يتعاظم وتزداد أهميته نتيجة الزيادة السكانية بمرور الزمن، وما تفضي إليه من زيادة الطلب على الغذاء، مشيرا إلى أنه لا يمكن الاستغناء عن الغذاء، وبالتالي فإن جميع الدول تحرص على تنمية الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي. كما يؤكد الدكتور في تصريح له للشرق الأوسط على أن تلك القضية يتفق الجميع على أنها لا تتحقق إلا بالتكامل بين الدول، التي تمتلك رؤوس الأموال، وتمتلك التقنيات المتقدمة، والمقومات الزراعية على مبدأ تحقيق المصالح المشتركة من دون تغليب مصلحة طرف على آخر. وفي هذا السياق، يمكن للشركات أن تبادر إلى ما تملكه الدول الفقيرة من مقومات زراعية فتساهم في تنمية هذا القطاع بما يجعلها قادرة على استثمار مواردها وتعزيز قدراتها الاقتصادية، وتوفير الغذاء الصحي المستدام المتناول سعريا لأسواقها والأسواق العالمية، وهذا ما يجب أن يدركه المستثمرون الذين يرغبون في علاقة شراكة إستراتيجية تضمن لهم حقوقهم، كما تضمن حقوق الدول المضيفة لتلك الاستثمارات.