باتت جسور مدينة قسنطينة تشكل نقمة بالنسبة لساكنيها وأصبح وادي الرمال تمساح يفتح فاه ليلتهم أرواح العديد من الذين يئسوا من الحياة، وفضلوا الموت ولو بطرق بشعة، بسبب ما مياه الوادي منة أرواح، معظمهم شباب وفتيات في عمر الزهور، إلى حد أن أصبحوا يطلقون عليها اسم "بوّابة" الموت. انتشلت مصالح الحماية المدنية لولاية قسنطينة جثة رجل من أسفل جسر باب القنطرة، ويتعلق الأمر بالمدعو "ب.ر" البالغ من العمر 54 سنة، الذي عثر عليه جثة هادمة في حدود الساعة الثامنة من صبيحة أمس الأحد 26 جوان 2011 أسفل الجسر. وحسب شهود عيان، فإن الضحية ألقى بنفسه من أعلى جسر باب القنطرة الواقع باتجاه محطة السكك الحديدية ولا أحد يعرف الأسباب، الضحية نقله من طرف الحماية المدنية إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى ابن باديس الجامعي، في الوقت الذي فتحت فيها المصالح الأمنية تحقيقا لمعرفة أسباب الوفاة، وتركت هذه الحوادث أثرا كبيرا في نفوس من شهدوا الحادثة التي اعتاد عليها سكان قسنطينة، وأضحت عندهم عادية جدا. وهي تعتبر ثالث حالة انتحار تشهدها ولاية قسنطينة في ظرف 48 ساعة، بعد تلك التي وقعت يوم الخميس في الصباح وفي مساء نفس اليوم، أحد الضحايا مجهول الهوية، و كانت هذه الجسور نقمة على سكانها من خلال ما تلتهمه من أرواح، رغم ما تتميز به هذه الجسور من طابع جمالي، ولم تعد حالات الانتحار غريبة أو مفاجئة بالنسبة لسكان مدينة قسنطينة، التي أصبحت لا تستقبل زوارها ليس من أجل التسوق و السياحة أو الدراسة فحسب، بل من أجل الإلقاء بأنفسهم من أعلى جسورها. كما لم تتوقف حالات الانتحار على الشباب البطال أو الفتيات فقط بل شملت حتى المثقفين منهم، فكثيرة هي الحالات التي سجلتها الجهات المختصة التي ثبت أن المنتحرين أحيانا ليسوا من سكان المدينة، و هذا لسبب واحد هو أن جسور المدينة عالية أو بالأحرى مرتفعة جدا، وأن الذي يلقي بنفسه تكون نهايته الموت لا محالة، كما أن الضحايا معظمهم مجهولو الهوية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المنتحرين عادة ما لا يحملون معهم وثائق هويتهم حتى لا يتم التعرف عليهم. كما أن انتشار هذه الظاهرة أزال الفكرة الطاغية أن انتحار الفتيات راجع إلى ارتكاب هذه الأخيرة فاحشة و خشيت من اكتشاف فضيحتها أمام أسرتها، طالما الانتحار مس الجنس الخشن، ولأسباب معروفة طبعا، تأتي في مقدمتها المشاكل الاجتماعية كالبطالة والسكن، وأخرى تتعلق بالخيانة الزوجية عند ضعاف النفوس، وهي ظواهر تحتاج إلى تحليل من طرف الأخصايين الاجتماعيين و الأطباء النفسانيين، لتقديم الحلول طبعا، لأنه لا يمنكن هدم هذه الجسور من أجل هذه الظاهرة.