من بين الأسئلة التي تطرحها صيرورة الثورات في بعض البلدان العربية: هل يعني نجاح بعض الحركات الإسلامية في القيام بدور "المعارضة" بالضرورة أنها ستنجح أيضا في ممارسة السلطة في صورة جلوسهم على كرسي الحكم منفردين أو بالإشتراك مع آخرين؟ هذا السؤال المعضلة يطرَح نفسه بقوّة، مع نجاح الثورات العربية في بعض الدول "تونس، مصر، ليبيا"، في الإطاحة بالنظم الحاكمة المستبِدّة في بلدانها، فيما لا تزال دول عربية أخرى حبْلى بالثورة مثل "سوريا اليمن". وفي محاولة للبحث عن إجابة عن هذا السؤال في الحاتلة المصرية، التقت سويس انفو في القاهرة كلاًّ من الدكتور كمال حبيب، الخبير المتخصّص في شؤون الحركات الإسلامية ورئيس حزب السلام والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية والناشط الحقوقي والخبير القانوني الدكتور السيد مصطفى أبو الخير، الباحث والمحلل السياسي هاني نسيرة، رئيس وحدة الدراسات الإستراتيجية في مركز "المجهر" بالإمارات والخبير والمحلِّل السياسي الدكتور عمرو عبد الكريم، الباحث السياسي بالمركز العالمي للوسطية بالكويت.. فكان هذا التحقيق.في البداية، يرى الدكتور كمال حبيب، الخبير المتخصِّص في شؤون الحركات الإسلامية أن "هذه مسألة تُثير الخوْف والقلَق معا، لأن الإسلاميين كقُوة معارضة، أثبتوا نجاحا، لكنهم كقوة في الحُكم، فإن الأمر لا يزال يُثير الخوْف والقلَق معا، وهنا، فنحن أمام تحدٍّ كبير جدا وسؤالٍ صعْب: هل سيستطيع الإسلاميون في مصر أن يعملوا كقوّة في الحكم؟".ويجيب قائلا: "أعتقد أن الإسلاميين ليسوا مؤهَّلين للحُكم، وسيكون اختبارا صعبا أن يحكموا هُم، وهو ما يُثير الخوف والقلق، كما ذكرت". وردّا على سؤال حول: هل تعتقِد أن فشلهم (الحركات الإسلامية في مصر) في تكوين تحالُف انتخابي إسلامي قوي، سيكون عاملاً من عوامل فشلِهم في حال وُصولهم إلى السلطة؟ ردّ حبيب، رئيس حزب السلام والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية في تصريح خاص"أعتقد أن هذا جزء من المشكلة والتحالف الإسلامي القوي مُهِم، ولكنه يعكِس عدم قدرة الإسلاميين على إدارة التحالفات".واختتم حبيب بقوله: "ولا تنْس أن جماعة الإخوان المسلمين فشلت في إدارة تحالُفاتها مع الوفْد أيضا"، معتبرا أن "فكرة أن يكون لدى الإسلاميين قُدُرات على تجاوُز العقْل التنظيمي، القادر على إدارة الجماعة، إلى العقل العام القادِر على إدارة الدولة، هو المُشكل الرئيسي الذي سيقِف عائقا أمام نجاحهم في إدارة شؤون البلاد"، إذا ما وصلوا إلى السلطة في مصر، بعد انتخابات حرّة ونزيهة متوقعة. ومن ناحيته، يقول الخبير القانوني الدكتور السيد مصطفى أبو الخير: "لا أتوقّع أن ينجح الإسلاميون في حالِ وصولِهم إلى السلطة، مثلما نجحوا في صفوف المعارضة، وذلك لعدّة أسباب، منها: أنهم ستتِم محاربتهم من كافة القِوى السياسية، في الداخل والخارج، لإثبات فشلِهم، كما حدَث في تجربة حماس، فضلا عن زيادة الضغوط الخارجية، التي ستكثِّف جهودها لإثبات أن الإسلام ذاته وليس رجاله، هو الذي فشل، وأنه لا يصلح أن يكون نموذجا للحُكم في العالم العربي، وتجربتيْ الجزائر 1990 وحماس 2006، خير شاهِد ودليل". ويضيف أبو الخير، في تصريح خاص "القِوى السياسية الداخلية في مصر، ستعمَل لإثبات أن الإسلام لا يصلح للحُكم، ولإعادة نحْت العِبارة القديمة، (لا سياسة في الدِّين ولا دِين في السياسة)، لذلك ستكون الصُّعوبات شديدة والعراقيل ضخْمة، وهو ما يجب أن ينتبِه إليه إسلاميو مصر، كما يجب أن تكون لديْهم مُرونة ومهارة وخِبرة، لتلافي صعوبات الداخل والهروب من ضغوطات الخارج"، منبِّهًا لأهمية "دراسة التجربة الإيرانية، لتقدير ضغوطات الخارج، والتجربة التركية، لتقدير عراقيل الداخل".وردّا على سؤال حول: هل تعتقد أن الإسلاميين مؤهَّلون للحُكم؟ وهل لديهم برأيِك أدوات النجاح في حال وصولهم إلى الحكم؟ قال أبو الخير: "لا أعتقد أنهم مؤهّلون للحكم الآن، فللأسف الشديد، ليست لديهم حِنكة سياسية تمكِّنهم من النجاح ولا توجد لديهم خِبرة، مع التأكيد على أنهم أمَناء ولديهم حِسٌّ وطني عالٍ ونية صادقة للإصلاح، لكن الخِبرة والممارسة غيْر موجودتان، ولُعبة السياسة تتطلّب مهارات وحِنكة، لا أعتقد أنهم يملكونهما"ويختتم أبو الخير ناصحا إسلاميي مصر أن "يبقوا لفترة في المعارضة الحقيقية، خاصة بعد زوال الحُكم الديكتاتوري، حتى يتعلّموا ويتقنوا مهارات لُعبة السياسة، وإلا، فالنتيجة ستكون خطيرة على الإسلام والمسلمين وعلى المنطقة كلها، لأن مصر هي قلْب العالم العربي، والعالم من حولنا ينظر: ماذا ستصنع؟ وإلى أين ستصل؟". الباحث والمحلل السياسي هاني نسيرة متّفقا مع أبو الخير وحبيب، يقول الباحث والمحلِّل السياسي هاني نسيرة: "يبدو أن تحالُفات أخرى كثيرة تتشكّل، شأن تحالف الإسلاميين، غيْر أن الإخوان والقوائم الائتلافية التي قد تضُم جهاديين أفرادا، فشلوا في إنشاء أحزاب سياسية أو الأحزاب التي لم يرخّص لها بعدُ، وغيْر ذلك... وهو أمر طبيعي حين تتغلّب الجدارة السياسية على الجدارة الفكرية، والقوة التنظيمية على التوافق الأيديولوجي بين كثير من الإسلاميين".ويضيف، نسيرة، رئيس وحدة الدراسات الإستراتيجية في مركز "المجهر" بالإمارات في تصريح خاص"أما بخصوص الإسلاميين وفُرصة النجاح في الحُكم، كما نجحوا في المعارضة، فأنا شخصيا لا أعتقد أنهم سينجَحون. فقد فشل الإسلاميون في تجربة الحُكم فشلاً ذريعًا في عددٍ من البلدان، حين انفردوا بالسلطة أو كانت لهم حِصّة واضحة فيها، من قبيل السودان أو اليمن أو حتى النموذج الإيراني الماثل".ويختتم نسيرة بالقول: "ويتّضح من المشاكل التي أشرْنا إليها، أن الاسلاميين العرب، ربما باستثناء حركة النهضة الإسلامية في تونس، بدرجة ما هُم أقرب للنموذج الإيراني منهم للنموذج التركي، الذي لا يعدم التعالي عليه، نظرا لتأثر الإسلامية التركية بالإسلامية العربية، الأقْدَم وليس العكس".