يعتبر الأديب الشهيد 'أحمد رضا حوحو' علم من أعلام الجزائر وأحد رواد النهضة الأدبية في الأراضي الحجازية، فهوذلك الكاتب القاص، الشاعر، المسرحي، المترجم، الإعلامي، السياسي والمفكر المصلح الذي جاب حقول المعرفة فكان عطاؤه سخيا من خلال العديد من المؤلفات التي أصبحت أحد أهم المراجع الأساسية في المكتبة الجزائرية، ومن أشهرها 'مع حمار الحكيم'، و'غادة أم القرى' التي تعد أول محاولة روائية باللغة العربية في تاريخ الكتابة الأدبية في الجزائر، وغيرها من الأعمال في القصة والاجتماع والمسرح المبعثرة هنا وهناك، والتي تؤكد أن 'أحمد رضا حوحو' كان يولي أهمية كبيرة للثقافة لأنه يعتبرها رهان مستقبل الأجيال القادمة وبواسطتها يمكن الحفاظ على تراث هذه الأمة. وهوذات الدرب الذي يسلكه اليوم حفيده 'أسامة حوحو' الذي يعمل كل ما في وسعه لجمع وحفظ ما تركه جده من مخطوطات قيمة، إذ يعبر بكل إخلاص من خلال حديثه ل 'الأمة العربية' عن سعيه الحثيث في إصدار أربعة مجلدات تخص مسار وكتابات الشهيد، باعتبارها رسالة وطنية تراثية ذات بعد حضاري يجب أن تخرج للنور لترصين الأجيال في هويتها. الأمة العربية: بداية، هل لك أن تطلعنا على أهم ما خلفه الشهيد أحمد رضا حوحومن إرث فكري، وما حال مؤلفاته المخطوطة؟ الأستاذ أسامة حوحو: للأديب 'أحمد رضا حوحو' مؤلفات مطبوعة مختلفة في القصة الطويلة منها 'غادة أم القرى' والتي كتبها اثناء إقامته بمكة المكرمة في الفترة الممتدة بين 1940-1945م، والتي طبعت في تونس سنة 1947، إضافة إلى المقالات الأدبية والاجتماعية ذات الأسلوب النقدي الساخر والمعنونة 'مع حمار الحكيم'، وكذا مؤلف 'نماذج بشرية' الذي نشره في مجلة المنهل السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي والتي كان يرأسها عبد القدوس الأنصاري، هناك أيضا مسرحيات أغلبها لم تنشر بالرغم من أن بعضها جسد على ركح المسرح، وأشهرها 'ملكة غرناطة' وهي دراما تاريخية تحتوي على أربعة فصول، 'صنيعة البرامكة'، وهي مأساة تاريخية تقع في ثلاثة فصول، 'بائعة الورد' وهي دراما اجتماعية تتكون من خمسة فصول، 'سي عاشور والمتمدن' وهي عبارة عن ملهاة كتبت في ثلاثة فصول، ومسرحيات أخرى غير منشورة كان يعيد صياغتها من اللغة الدارجة إلى العربية الفصحى بعد أن عرضت إلى عامة الناس، ولكن للأسف استشهد قبل انهائها من ضمنها 'دار الشرع أوداء الخصومة'، وهي مسرحية اجتماعية ذات ثلاثة فصول، والتي تدور أحداثها عن امرأة مولعة بالمحاكم بحيث لا تتوانى عن خلق المشاكل. وبالمقابل، هناك قاضي متقاعد مهووس بالقضاء يلجأ إلى تنصيب المحاكم والمقاضاة فيها. هل تعرضت أعمال الشهيد رضا حوحوإلى الإتلاف أوالقرصنة؟ نعم، هناك ثماني مسرحيات مخطوطة ومجلد خاص بالكتابات التي كان ينشرها في أسبوعية الشعلة 'والتي أسسها في 15 ديسمبر من عام 1949، وهي جريدة موجهة لشباب العلماء وعامة الناس مختلفة في ذلك عن البصائر لسان حال العلماء المسلمين الجزائريين في الأسلوب واللغة، والتي صدرت منها كتاباته وتعليقاته تارة تحت ركن مسامير ومقال أخر بعنوان 'تحت السياط نغني'. وحسب وصل الاستناد الذي بحوزتي، فإن هذه المؤلفات سلمت للشركة الوطنية للنشر والتوزيع 'لاسناد' في سنة 1974لإعادة طبعها ولكنها اختفت تماما اوتمت سرقتها، فلقد حاولت البحث في اواخر الثمانينات وبداية التسعينات لكن دون جدوى، وجدت 'لاسناد' انقسمت إلى فرعين المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية التي نفت امتلاكها للمؤلفات المخطوطة والمؤسسة الوطنية للكتاب التي بدورها أفلست واختفت. أشير كذلك إلى كتاب أعتبره من المخطوطات المفقودة تحت مسمى 'في الأدب والاجتماع' والذي ألفه خلال إقامته بمكة المكرمة، وهوعبارة عن مجموعة مقالات دراسية وتراجم أدبية واجتماعية لأدباء عرب وأوروبيين، وترجمات لأعمال فكتور ايغو، موليار وفولتير. ومؤلف آخر عن 'حاضر الثقافة في الجزائر' والذي يتناول الكتابة الأدبية وأعلامها، وأظن من خلال مراسلاته للمثقفين الجزائريين الموجودة لدي أنه اتصل بالأديب الراحل طاهر فضلاء وتوفيق المدني. إضافة إلى عمل مسرحي بعنوان 'سي عاشور والمتمدن' والذي جسد على ركح المسرح الجزائري، وأعتقد أنه تعرض للقرصنة بحيث ينسب لغير لصاحبه. كما ان للأديب أحمد رضا حوحوأعمال أخرى منشورة خارج الجزائر، خصوصا عندما كان متواجدا بأرض الحجاز، وبعض مقالاته المنشورة في جريدة "الصباح" التونسية. نفهم من خلال حديثك، أنك الوحيد المهتم بجمع مؤلفات الشهيد أحمد رضا حوحو.. للأسف قلما تجدين في العائلة أفرادا يهتمون بهذه الأمور، ربما يعود ذلك لغياب الميول الأدبية والتاريخية، وبالنسبة لي ورغم ضيق وقتي فأنا أسعى لجمع تراث جدي رحمه الله، ففي الوقت الحالي أفكر في عمل اتصالات ومراسلات لجريدة المنهل السعودية التي مازالت تصدر الى يومنا هذا، ولا أدري إن كانت ستأتي بنتيجة، أما فيما يخص جريدة الصباح التونسية فلم تعد موجودة او تغير اسمها. ألم تفكر في إنشاء مؤسسة أوجمعية تهتم بجمع تراث العلامة رضا حوحو؟ غالبا ما يقال لي ذلك، لكن بالنسبة لي المؤسسات أوالجمعيات لا تعني لي أي شيء لأنها تميع الفكرة وتخرج عن المسار الذي اسست من اجله، لاحظي اليوم كم من جمعية وكم من مؤسسة أنشئت، ولكن التساؤل الذي يبقى مطروح ماذا قدمت وأين هي انتاجاتها؟، لذلك أفضل أن أسعى بنفسي لجمع ونشر ما تيسر من أعمال، دون اطلب من غيري مساعدتي وهذا من مبادئي. هل التجربة التي مرت عليك سابقا بجمعية الجاحظية هي التي هزت ثقتك في التعامل مع باقي المؤسسات الثقافية؟ صحيح ، لقد مررت بتجربة هزت ثقتي في مؤسسات الثقافة لأنها تفتقد لثقافة النشر وصناعة الكتاب باحترافية. ففي الماضي قدمت للروائي الراحل الطاهر وطار رحمة الله عليه، كتاب 'حجازيات' يخص أعمال الشهيد رضا حوحوبأرض الحجاز، أملا من وراء ذلك تسهيل مهمة طبعه على نفقة وزارة الثقافة، لكن الذي حدث انني وجدت العمل منشورا لدى دار الإختلاف، فأصبت حينها بنوع من الصدمة، كأنه مشروع واحترق، لكن بعدها سويت الأمور بالتراضي، لكن هذا لم يثني من عزيمتي في التوجه لبعض دور النشر الجزائرية، ففي سنة 2007 في اطار الجزائر عاصمة للثقافة العربية اتفقت مع إحدى دور النشر من أجل نشر كتاب 'خواطر حائر' نسبة إلى عنوان أولى مقالاته بجريدة البصائر ولكن لم يتم ذلك لعدة أسباب، ثم طرقت باب دور نشر جزائرية أخرى لكنها أبدت عدم اهتمامها بنشر الإنتاج الأدبي، ومن ثم أنا في الوقت الحالي لست متحمسا لفكرة النشر. هل هناك مشروع أدبي تعكف على إنجازه في المدى القريب؟ نعم، مشروعي يتمثل في إنجاز أربعة مجلدات بعنوان الأديب الشهيد رضا حوحوحياته وأثاره، يتضمن المجلد الأول نشأته ومساره، من خلال توظيف القراءة التحليلية لفكر رضا حوحوالتي أنجزتها في رسالة الماجستير، أما المجلد الثاني فسيضم الإنتاج القصصي الذي كتبه في أوقات متفرقة، فيما سيشمل المجلد الثالث مقالاته الصحفية، والمجلد الأخير سيكون عن الأعمال المسرحية التي ألفها طيلة مساره النضالي. ختاما ماهي أمنيتك؟ أتمنى عملا مشتركا جزائريا سعوديا، لأن رضا حوحو يعد من رواد النهضة الأدبية السعودية والجزائرية.