رغم اعترافهن بأن ذلك حق شرعي للرجل إلا أن جدلية الزوجة الثانية مازالت قائمة ولم تهضمها الكثير من النساء بعد، فهن لا يقبلن في غالب الأحوال أن تشاركهن زوجة ثانية حياتهن الخاصة، ولا أن تمتلك امرأة أخرى قلب هذا الزوج الذي يظل بين أمرين أحلاهما مر كلما فكر في الزواج مرة ثانية، فإما أن يحقق رغبته في الزواج ويتحمل عواقبه التي قد تكون وخيمة في حال عدم رضا الزوجة الأولى، وإن كانت موافقتها واجبة حسب القانون، وإما أن يتخلى عن هذه الفكرة نهائيا دون تحقيق رغبته في الزواج ثانية، وهي الرغبة التي أحلها القرآن ولا تنكرها المرأة، لكنها لا تريد أن تكون ضحية لها كما تقول. وللغوص أكثر والوقوف عند هذه الظاهرة لدى بعض المتزوجين بزوجة واحدة أو بزوجتين اثنتين، كان لزاما علينا الحديث إلى المعنيين بهذا الموضوع مباشرة ومحاولة معرفة جانبا من حياتهم الخاصة. كان لقاؤنا في البداية مع أحد هؤلاء وهو السيد أحمد40 سنة-، موظف بأحد المؤسسات العمومية، مر على زواجه الأول ما يقارب 15 سنة، عاشها مع شريكة حياته وأم أولاده الأربعة في منتهى السعادة، إلا أن ظروفا خاصة جدا، لم يرد الكشف عنها، اضطرته قبل حوالي خمس سنوات إلى الزواج من امرأة ثانية، وبمجرد أن طرح الفكرة على زوجته الأولى حتى تحولت حياته إلى جحيم لا يطاق بسبب رفضها المطلق ودون أسباب. وبعد مد وجزر ومحاولات عديدة دامت طويلا، استطاع إقناع زوجته الأولى بالفكرة شرط أن تكون الزوجة الثانية في منزل مستقل، مما اضطره إلى اختيارها هذه المرة موظفة هي الأخرى حتى يتعاونا كما يقول على صعاب الحياة، الأمر الذي تم فعلا، وهو الآن يعيش رفقة زوجتيه في منزلين مستقلين، ولم يخف بعض المشاكل التي اعتبرها عادية تعترض حياته من حين لآخر.
حالة أخرى وقفنا عليها لأحد المواطنين الذي أراد الزواج ثانية، فكانت العقبة دائما الزوجة الأولى التي أقامت الدنيا ولم تقعدها حسبه بمجرد علمها بتفكير زوجها قبل أشهر في الزواج ثانية من زميلته في العمل، وهو ما أعاقه على إتمام مشروعه الذي قال أنه مازال يفكر فيه إلى اليوم، ولن يرتاح إلا بالزواج ثانية مهما كانت ردة فعل زوجته الأولى، ما دام ديننا كما يقول يسمح له بذلك. ومن خلال بحثنا وتعقبنا لمثل هذه الحالات التي تبقى كثيرة، رغم بداية انتشارها مؤخرا وقفنا على حالات نادرة جدا لأزواج فكروا في الزواج ثانية، فكانت الزوجة الأولى هي من تبحث لشريك حياتها عن زوجة ثانية، رغم أن فيهن من تعلم أنها ستعيش معها تحت سقف بيت واحد. وبما أن القانون لا يسمح للزوج بالزواج ثانية إلا بموافقة الزوجة الأولى، وعلم الزوجة الأخرى أن زوجها الجديد متزوج من امرأة قبلها، لجأ بعض الأزواج لطرق أخرى للتحايل على القانون من جهة وتجنب عدم موافقة الزوجة الأولى في حال عرض الموضوع عليها من جهة ثانية، وهي ما أصبح يعرف بالنعامة بحيلة الزواج العرفي، حيث يلجأ الزوج للارتباط وعقد القران بزوجة ثانية بطريقة عرفية والدخول بها وبعد ذلك يلجأ أحد هذين الزوجين برفع عريضة إلى رئيس المحكمة لإثبات. تعقد الزواج بطريقة رسمية، حيث يطلب رئيس المحكمة حضور شاهدين اثنين شهدا هذا الزواج العرفي، ليتم بعد ذلك ترسيم هذا الزواج قانونيا دون اللجوء في هذه الحالة إلى الزوجة الأولى وأخذ موافقتها لأن الزواج أصبح واقعا هذه المرة، وهي الحيلة التي أصبح يلعب على أوتارها الكثير من مريدي الزواج ثانية. وفي الأخير يجذر بنا أن نطرح هذا التساؤل الذي يبقى يحير الجميع لماذا ترفض المرأة بصفة عامة الزوجة الثانية، وفي الوقت ذاته لا تمانع أن تكون هي هذه الزوجة؟..