العرب يهيمنون على 55 بالمائة من النشاط التجاري الأجنبي في الجزائر وتدل هذه الأرقام على الحضور الهامشي للأجانب في المجال التجاري داخل البلاد، حيث لا يمثل هذا الحضور سوى 0.53 بالمائة من إجمالي النشاطات التجارية المسجلة. وفي الوقت الذي تمثل فيه المؤسسات الأجنبية 4.56 بالمائة من مجمل المؤسسات الناشطة، فإن هذه النسبة لا تتعدى 0.13 بالمائة، فيما يتعلق بالنشاطات التجارية الفردية. الفرنسيون الأكثر حضورا في الساحة الاقتصادية الوطنية وتحتل "فرنسا" المرتبة الأولى في عدد التجار والمؤسسات الأجنبية الناشطة بالجزائر، بما يعادل 984 تسجيل، متبوعة بتونس بحوالي 857 تسجيل، وسوريا ب 808 تسجيل. وإذا نظرنا إلى عدد المؤسسات الأجنبية لوحدها (الأشخاص المعنويون فقط)، فإننا نجد أن "الفرنسيين" ينشطون من خلال 956 مؤسسة، وهو ما يمنحهم المركز الريادي بين الأجانب في البلاد. وتمثل مكاتب الهندسة والدراسات، البنوك، الاستيراد في مجال المعلوماتية أهم مجالات النشاط لدى الفرنسيين في البلاد. ويحتل "السوريون" المركز الثاني ب63 مؤسسة. ويعتبر استيراد الأقمشة وصناعة النسيج أهم أنشطة السوريين في الجزائر. لتأتي "الصين" في المركز الثالث، ب567 مؤسسة. ويزداد حضور الصينيين قوة، عاما بعد عام، بفضل نشاطات الاستيراد في مجالات العقاقير، التجهيزات، الألبسة، وغيرها. كما تحتل "مصر" المركز الرابع ب393 مؤسسة، عن طريق جملة من المؤسسات الصناعية والخدماتية.غير أن الجيران المغاربة، يهيمنون على النشاطات التجارية الفردية، حيث يبلغ عدد التجار "التونسيين" 515 تاجر، كما يبلغ عدد التجار "المغربيين" 397 تاجر، موزعة عبر مجالات الحلويات التقليدية، المأكولات السريعة، تجارة التجزئة، والمواد الغذائية العامة. ويمثل النشاط التجاري العربي حوالي 55 بالمائة، من إجمالي التواجد الأجنبي في الجزائر. ويبلغ عدد المؤسسات العربية الناشطة بالسوق الوطني حوالي 45 بالمائة، من مجمل المؤسسات الأجنبية، فيما يمثل العرب 88 بالمائة من النشاط التجاري الفردي الأجنبي. ويمكن ملاحظة من خلال نوعية النشاطات الاقتصادية العربية في الجزائر، أنها ترتكز على القطاعات الانتاجية والخدماتية، مقابل النشاط الاستيرادي المحوري لدى الصينين، والفرنسيين نسبيا. وتوجهنا هذه المعطيات إلى ضرورة تعميق تطوير العلاقات العربية البينية، لاسيما في مجال الاستثمار، بعد أن أثبت جديته، وإن كان بشكل نسبي، أمام الأوربيين والصينيين، الذين لا يبحثون بمنطقهم البراغماتي، سوى عن فتح نقاط لتصدير منتجاهم التي أرهقت فاتورة التجارة الخارجية للجزائر. المغاربة يمثلون 62 بالمائة من النشاط التجاري الفردي و"الأكل السريع" على رأس النشاطاتيمثل المغاربة لوحدهم، من تونس، المغرب، ليبيا وموريطانيا، حوالي 22 بالمائة من التواجد الأجنبي، على الساحة التجارية. وتؤكد هذه الأرقام ضعف التواجد المغاربي في الجزائر، مقارنة بالإمكانيات التي تحويها المنطقة. ففي الوقت الذي يمثل المغاربة 62 بالمائة من النشاط التجاري الفردي، فإنهم لا يمثلون سوى 10 بالمائة من المؤسسات الأجنبية. وهو ما يدفع للقول بأن القطاعات التي تعرف كثافة في النشاط المغاربي، ليست بتلك التي يمكنها إرساء أسس كتلة اقتصادية موحدة. فصناعة "الخفاف" و"الزلابية" ومحلات "الفاست فود"، وإن كانت كثيفة، لا يمكنها أن تبني سوقا مغاربية مشتركة، ليبقى بذلك "الحلم المغاربي" مؤجلا إلى حين.