كشف محافظ مهرجان "إسني ن ورغ" أو"التاج الذهبي" للفيلم الأمازيغي لأغادير، "رشيد بوقسيم" في تصريحة ل"الأمة العربية"، أن لجنة تنظيم المهرجان قد اختارت كل من الفيلمين الجزائريين "البيت الأصفر"، و"ايروان" للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان المزمع تنظيمه في شهر ماي المقبل بمدينة أغادير بالمملكة المغربية. ويعبّر هذا الاختيار عن النقص الفادح المسجل في الأفلام الطويلة الناطقة بالأمازيغية في الجزائر، فمنذ إنجاز الفيلمين المذكورين في 2007، في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، لم تظهر إلى حد الآن أي محاولة جادة، في هذا الإطار، و هو ما جعل المشاركة الجزائرية في المهرجان التاسع للفيلم الأمازيغي الذي نظم الشهر الماضي في سيدي بلعباس، مشاركة محتشمة، ولم ترق إلى المستوى المطلوب، وهو ما كان سببا وجيها في دفع لجنة التحكيم إلى حجب جائزة المهرجان لأحسن فيلم أمازيغي. وتدور وقائع "البيت الأصفر" للمخرج المغترب عمر حكار، الناطق باللهجة الشاوية، في مرتفعات منطقة الأوراس وفي مناخ قروي معتم، نتعرّف على أسرة المزارع مولود، الذي فجع بفقدان نجله البكر، خلال أدائه الخدمة العسكرية وهو على متن دراجته الناريةّ. هي لحظة مأساوية تضاف إلى معاناة العائلة التي تعيش في وضع حياتي صعب، ثم تستعيد العائلة الحياة من جديد، فيكرّس مولود وفاطمة بمعية ابنتهما آية كل جهدهم لحرث قطعة أرض قاحلة، ليستعيد السكان المحليون ثقتهم بأنفسهم، ليحذوا حذو عائلة مولود، في دعوة صريحة من صاحب العمل لأفق مشرق، وغد واعد بالأمل. بينما تجري أحداث فيلم "ايروان" بمعنى "كان يا ما كان" الناطق باللهجة التارڤية (تماهق) في أعماق الصحراء الجزائرية وبالضبط منطقة جانت، حيث يرفع هذا العمل الغطاء ولأول مرة عن قضايا متعدّدة، هامة وخطيرة في آن واحد، وذلك في قالب شاعري تسيطر عليه مسحة الصمت التي تترك السيادة للصورة. قضية الحب المحرم، والعلاقة بين الشمال والجنوب، والفقر، وقهر الطبيعة للإنسان، هي المواضيع التي تنقلت كاميرا إبراهيم تساكي بينها، من خلال عرض قصة الحب التي دارت بين البطل "الترڤي" (أمياس) الذي يشتغل في الإرشاد السياحي وشقيقته في الرضاعة مينة (ياسمين المصري)، وهروبا من هذا الحب المحرم يلتحق أمياس بكلوديا (الممثلة الفرنسية مود ماير) الفتاة الأوروبية التي أغرمت به بعد أن جمعتهما الصحراء حيث يشتغل والدها كمنقب عن الماء، ويسافر معها إلى أوروبا بحثا عن مستقبل باهت في عالم الفن والموسيقى. وفي خلفية هذه القصة، التي تطرقت لها السينما الجزائرية لأول مرة، تظهر قضية أخطر وأعمق حين تنكشف الصفقات المشبوهة التي يعقدها والد كلوديا والتي تسمح لرجال الشمال بتحويل الجنوب إلى مفرغة لرمي المواد السامة، التي تنتقل إلى المياه الجوفية في المنطقة، وتؤدي إلى تسمم المئات من السكان، ومن بين هؤلاء يقع "أمياس" ضحية هده الجريمة. وهي رسالة واضحة من المخرج لتوخي الحذر عند التأسيس لأي علاقة مع الغرب، وإدراك تام من قبله أن هذه العلاقة لن تكون من دون مقابل. مشاركة الفيلمين في مهرجان دولي ليست الأولى من نوعها، فقد سبق للعملين وأن مثّلا الجزائر في عديد المهرجانات السينمائية في الخارج، ونالا الجوائز في الكثير من المرات، آخرها الجائزة الخاصة للجنة التحكيم بالنسبة لفيلم "ايروان" إثر مشاركته في مسابقة الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط الذي نظم في شهر أوت من العام الماضي، وجائزة "الصقر الذهبي" لأحسن تمثيل لفيلم "البيت الأصفر"، في الدورة العاشرة من مهرجان "أوشيان سيني فان" للسينما الآسيوية والعربية في الهند في جويلة 2008.