هل كان من الضروري أن يحدث الانقسام والحصار ومجزرة غزة، لنكتشف أهمية وضرورة المصالحة والوحدة الوطنية؟وهل كان من الضروري المراهنة مجددا على العالم الخارجي بكل أبعاده الإقليمية والدولية الرسمية والشعبية، لنكتشف أن ما حك جلدك مثل ضفرك ولن يكون أحد أكثر فلسطينية من الفلسطينيين؟ وهل كان الأمر يحتاج لكل هذه المعاناة المباشرة من تقتيل واستيطان واعتقالات وتصفيات وتحريض وتخوين وتكفير لأهلنا في غزة والضفة والمعاناة غير المباشرة لأهلنا في الشتات، وهم يبكون ويتألمون على ما وصلت إليه أمورنا في الداخل، لنكتشف أن لا بديل عن الوطن إلا الوطن ولا بديل عن المشروع الوطني إلا المشروع الوطني التحرري، ولنكتشف أن الوطن ليس حكومة وسلطة وأن غزة ليست فلسطين؟ وهل كنا بحاجة للانتظار حتى يصل اليمين الصهيوني للحكم في إسرائيل الذي لا يؤمن بالسلام ولا يعترف بأي مواثيق واتفاقات مع الفلسطينيين، لنكتشف أن المفاوضات عبثية وأن ما جنته إسرائيل منها أكثر بكثير مما جناه الفلسطينيون، ولنكتشف أن المشروع الوطني مهدد بالضياع والقضية الوطنية برمتها أصبحت في مهب الريح؟ لقد انفض الموسم، الموسم الذي صاحب العدوان على غزة، إلا ممن يصرون على توظيف المشهد المأساوي لأغراض ليس لها علاقة بفلسطين، سواء أكان هؤلاء قوى سياسية أو فضائيات. خرجت الجماهير العربية والإسلامية والأجنبية في مسيرات ومظاهرات.. احتجوا ولعنوا وهددوا وبكوا، ثم عادوا إلى بيوتهم في انتظار مجزرة صهيونية جديدة ومظاهرات جديدة، ربما التحرك الشعبي يبلغ رسالة مهمة للأنظمة، وخصوصا العربية والإسلامية التي لها مشاكل مع الجماعات الإسلامية، ومع جمهورها بشكل عام، وربما يُبنى على هذا التفاعل الجماهيري مع القضية للمستقبل إن أحسنا كفلسطينيين توظيفه للمصلحة الوطنية وليس لحسابات حزبية، ولكن لا يمكن لهذه الجماهير تقديم مدد حقيقي الآن للفلسطينيين لمواجهة العدوان الصهيوني، ونحن نقدر الظروف التي تعيشها الجماهير مع أنظمة الحكم، جمعت ملايين الدولارات وآلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية.. ألخ ودخل منها القليل والكثير ينتظر إذنا من العدو. عُقدت قمة الممانعة في الدوحة ولم ينتج عنها إلا قرارات هروب للأمام ومزيد من انقسام الحالة العربية، واجتمعت دول الاعتدال ولم يخرج عنها إلا تأكيد مواقف سابقة وإحساس متزايد بالخوف على أنظمتهم ووجودهم. الفلسطينيون وحدهم بقوا في الميدان في مواجهة الدمار والحصار وعذابات الآلاف من أسر الشهداء والجرحى، وفي مواجهة الاعتداءات والاستيطان وفي مواجهة حكومة إسرائيلية يمينية قادمة لا تهدد فقط حركة حماس والمقاومة، بل تهدد مشروع السلام الفلسطيني وتعلن بوضوح أن الضفة جزء من أرض إسرائيل ولا تقسيم للقدس، فماذا نحن فاعلون؟ مع أنه ليس اللقاء الأول للحوار الذي يجري في القاهرة، فهناك ماراثون طويل من الحوارات التي عمقت الشرخ أكثر مما جسرت الهوة، ومع ذلك كلنا أمل أن أطراف المعادلة من الفلسطينيين، وخصوصا حركتي فتح وحماس، أصبحوا أكثر إدراكا لخطورة المرحلة ولثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأكثر إدراكا لمعادلة جديدة للصراع في المنطقة تُطبخ على نار هادئة سيكون وقودها كل الحالة النضالية الفلسطينية والتاريخ الوطني، معادلة ستتجاوز منظمة التحرير وحركة فتح وحركة حماس وكل من ينتمي لنهج الثورة والجهاد، وكلنا أمل أن يدرك الذاهبون للقاهرة للمصالحة بأن الانقسام الداخلي حوَّلنا إلى لاعبين صغار في قضية هي قضيتنا الوطنية. ومع ذلك، فإننا نؤمن أنه لا يمكن أن يمر أي مخطط تصفوي لقضيتنا إلا إذا وجد المخططون أدوات فلسطينية لتمريره، ومن هنا تأتي أهمية المصالحة الوطنية. حتى ندرك أهمية المصالحة الوطنية، علينا أن نتصور ما سيكون عليه حالنا لو فشلت جهود المصالحة الوطنية؟ ما هو مستقبل قطاع غزة؟ ما هو حال ومصير الضفة والقدس؟ وما هو مصير الشعب الفلسطيني بالشتات؟ ما هو مصير القضية الفلسطينية برمتها؟ فلنفترض أن الحصار قد رُُفع عن القطاع، وأن التهدئة قد ثبتت وأن المعابر، خصوصا معبر رفح، قد فُتحت بدون مصالحة، فماذا بعد؟ هل ستكون غزة دولة قائمة بذاتها؟ وما العلاقة التي ستربطها بالضفة؟ وهل ستتحوّل غزة قاعدة للانطلاق لتحرير الضفة، فيما فصائل المقاومة ملتزمة بالتهدئة؟ وهل سيعترف العالم بدولة غزة كبديل عن الدولة الفلسطينية؟ وهل سيكون لدولة غزة جواز سفر وبطاقة هوية ومناهج تعليم وسفارات خاصة بها؟ أيضا التساؤلات تفرض نفسها بالنسبة للضفة الفلسطينية، ذلك أن فصل غزة عن الضفة معناه أن تتفرد إسرائيل بالضفة استيطانا وتهويدا، وأن ينتهي وجود المشروع الوطني هناك، حيث العدوان القادم سيكون على الضفة بعد أن تؤمّن إسرائيل حدودها مع غزة بالتهدئة، وحيث الحكومة الفلسطينية هناك مجرد مسيّرة لأعمال الحياة اليومية للمواطنين دون حول ولا قوة لها لوقف الاستيطان وحملات الاغتيال والاعتقال التي يقوم بها العدو. فشل المصالحة الوطنية معناه تكريس الانقسام واختزال فلسطينبغزة، وقد لا تمانع دول كثيرة بالاعتراف بحكومة غزة إن كان ثمن هذا الاعتراف تخلي الفلسطينيين عن المقاومة والضفة والقدس وحق العودة، أو تركها للمجهول، وأسئلة كثيرة مقلقة ستفرض نفسها فيما لو فشلت المصالحة الوطنية. وأخيرا، نناشد القادة الذاهبين للقاهرة أن لا تخذلوا شعبكم. فالشعب وبالرغم من المرارة التي أصابته نتيجة ممارساتكم الخاطئة، ما زال يراهن عليكم لإخراج الشعب والقضية من الحالة المدمرة التي يمر بها، ما زال الشعب يراهن على الحس الوطني عندكم ويراهن أنكم لا يمكن أن تخذلوا دماء الشهداء وعذابات الأسرى والجرحى والأرامل واليتامى، الشعب يمكنه أن ينسى كل أخطائكم وخطاياكم إن تصالحتم من أجل المصلحة الوطنية والمشروع الوطني، والذي سيقدم منكم تنازلات أكثر للطرف الوطني الآخر، سيحترمه الشعب أكثر، لأن من يتنازل للمصلحة الوطنية هو الأكثر وطنية وليس الذي يكابر ويعاند ويتمسك بمصالحه الحزبية. بديل المصالحة هو نهاية المشروع الوطني التحرري، وآنذاك لن يُحمِّل الشعب والأجيال القادمة إسرائيل المسؤولية عن ذلك، بل سيحملها للنخب السياسية التي شاركت بالانقسام وتهربت من المصالحة. عن نوبلزنيوز ".. فصل غزة عن الضفة معناه أن تتفرد إسرائيل بالضفة استيطانا وتهويدا وأن ينتهي وجود المشروع الوطني هناك، حيث العدوان القادم سيكون على الضفة بعد أن تؤمّن إسرائيل حدودها مع غزة بالتهدئة، وحيث الحكومة الفلسطينية هناك مجرد مسيّرة لأعمال الحياة اليومية للمواطنين دون حول ولا قوة.." في "الوقت الضائع"، وفي "المنطقة الرمادية"، وعلى "حافة الهاوية"، يلعب الفلسطينيون الآن، ويتحرَّكون، ويقفون، فالرسالة التي وصلتهم من نتائج انتخابات الكنيست الثامنة عشرة، والتي وقَّعها نتنياهو وليبرمان على وجه الخصوص، إنَّما تنبئهم بأنَّ الآتي أعظم، وبأنَّ عليهم، بالتالي، أن يتغيَّروا، سريعاً، وبما يمكِّنهم من مواجهته، إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. مفاوِض "حماس"، في القاهرة، فَقَدَ، إذ ظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، بعضاً من قوَّته التفاوضية، فأصبحت "العجلة"، ولو كانت من الشيطان، هي خياره الآن لمواجهة "الشيطان الإسرائيلي الأكبر"، أي نتنياهو، و"الشيطان الإسرائيلي الأصغر"، أي ليبرمان. وهذا الخيار إنَّما يعني تشجيع "الوسيط المصري" على استعجال التوصُّل إلى اتفاقية ل "تثبيت وقف إطلاق النار"، مع "الأفعى"، أي ليفني، وتذليل العقبات من طريق التوصُّل إليها، ف "الممكن" اليوم قد يغدو مستحيلاً غداً؛ ذلك لأن نتنياهو، الغني عن الوصف والتعريف السياسيين والإيديولوجيين، هو الذي سيرأس الحكومة الإسرائيلية الائتلافية الجديدة، أشارك فيها حزب "كاديما" برئاسة ليفني أم لم يشارك. نَعْلَم أنَّ ثمَّة إمكانيات أخرى؛ ولكن هذه الإمكانية هي وحدها التي توشك أن تتحوَّل إلى واقع. فلسطينياً، إنَّ من الأهمية والضرورة بمكان أن تُوْلَد تلك الاتفاقية قبل ولادة حكومة نتنياهو، وبصرف النظر عن بنيتها الحزبية الائتلافية، فالفرق في منسوب عدائها للفلسطينيين من مقاومين ومفاوضين، والمتأتي من الفرق في بنيتها تلك لن يكون كبيراً، أو لن يكون في حجم يسمح لمفاوِض "حماس"، في القاهرة" بتعليل نفسه بوهم أنَّ الآتي إسرائيلياً لن يكون على هذه الدركة من السوء فلسطينياً. أمَّا العامة من الفلسطينيين في الضفة الغربيةالمحتلة من الداخل في المقام الأوَّل، وفي قطاع غزة المحتل من الخارج في المقام الأوَّل، فيهيئون أنفسهم لمواجهة "إسرائيل الجديدة"، أي إسرائيل التي جاء جديدها على هيئة تجديد للأسوأ في "إسرائيل القديمة"، وهُمْ يحاولون استكشاف طريق ثالثة، فما بذلوه من جهد في المفاضلة بين خياري "التفاوض" و"المقاومة" انتهى بهم إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّهم في التفاوض "باعوا" لإسرائيل الغالي بثمن بخس، وفي المقاومة "اشتروا" منها الرخيص بثمن باهظ؛ ولقد حان لهم أن يمارسوا "التفاوض" و"المقاومة" بشيء، أو بمزيد، من "الذكاء التجاري". ولا شكَّ في أن انتفاء "الدافع الانتخابي" لدى ليفني وباراك الآن يشحن "الدافع إلى الاستعجال" لدى مفاوِض "حماس"، في القاهرة، بمزيد من القوَّة، ف "أفعى" إسرائيل، و"نابليونها"، ليس لديهما الآن ما يخسرناه إذا لم يُبْدِ مفاوض "حماس" من "المرونة" ما يكفي للتوصُّل إلى اتفاقية ل "تثبيت وقف إطلاق النار"، ولتسوية "النزاع" في بعضٍ من أوجهه، قبل أن يصيح ديك نتنياهو، ويتوقَّفا، بالتالي، عن "الكلام المباح". وليفني، على وجه الخصوص، والتي ذاقت نصراً انتخابياً يشبه بمذاقه الهزيمة، تَعْرِف أنَّ ما يُمْكنها الآن فعله من أجل التوصُّل إلى تلك الاتفاقية، لن تستطيعه إذا ما اضطَّرها "ضعفها التحالفي" إلى الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو. الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي يرأسها "الشيطان"، على ما يدعونا "الواقع" إلى توقُّعه، وبصرف النظر عن بنيتها الحزبية الائتلافية، إنَّما تدعو الفلسطينيين جميعاً إلى الإيمان بأنَّ الكفر بعينه الآن، أو من الآن وصاعداً، هو الإيمان بخيار التفاوض، متحدِّيةً إيَّاهم، في الوقت نفسه، أن يقاوموا بما يعود عليهم بالنفع، أو، على الأقل، بما لا ينفع "إسرائيل نتنياهو ليبرمان". لن نتحدَّث الآن عن "المحظورات"، فلسطينياً، فليس لنا موقف سلبي أو إيجابي منها إلاَّ بعد تمثُّل "الضرورات الفلسطينية"، والتي في مقدَّمها: درء مخاطر آلة الحرب الإسرائيلية عن قطاع غزة من خلال التوصُّل إلى "هدنة" مدتها 18 شهراً على الأقل، وتذليل كل عقبة من طريق إعادة بناء ما دمَّرته تلك الآلة هناك، و"تطبيع" الحياة الاقتصادية للقطاع، فأهله يجب ألاَّ يظلوا في عيش اقتصادي "إنساني"، تُفْتَح لهم المعابر بما يكفي لتزويدهم قليلاً من الغذاء والدواء. ويكفي أن يتمثَّل الفلسطينيون تلك "الضرورات"، وأن يقرِّروا ويعملوا بما يوافقها، وليس بما يوافق مصالح منفصلة عن المصالح الفلسطينية العامة، ومتعارضة معها، حتى "يفاوضوا" بما يؤدِّي إلى اتفاقية للهدنة، تقيهم شرَّ آلة الحرب الإسرائيلية، التي ستنتقل قيادتها السياسية من "الأفعى" و"نابليون" إلى "الشيطانين الأكبر والأصغر"، وتسمح لهم ب "إعادة البناء" وب "تطبيع" الحياة الاقتصادية، في قطاع غزة؛ وحتى "يتحاوروا" بما يوافق تلك "الضرورات"، وبما يمكِّنهم من إنهاء "تنازُع الشرعية والقيادة والتمثيل" ب "الانتخاب الحر الديمقراطي" لممثِّليهم في "السلطة مجلساً تشريعياً ورئاسةً"، وفي منظمة التحرير الفلسطينية، بصفة كونها الممثِّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ومن أجل أن تبقى الممثِّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ليتشبَّهوا بالإسرائيليين في احتكامهم إلى "صندوق الاقتراع الديمقراطي الشفَّاف"، وفي احترامهم لنتائج الانتخابات، ولما تتمخَّض عنه هذه النتائج من "نتائج سياسية"، فهذا "التشبُّه" هو خير مقاومة يمكن أن يمارسها الفلسطينيون الآن. الغربي والصهيوني أم العربي والإسلامي؟ ما يجري من مواجهات في العلاقات التركية الإسرائيلية، انتصار من تركيا لقضية فلسطين، يبدو مراجعة إيجابية وواعية من أنصار "العدالة" و "أحفاد العثمانيين" المسلمين للموقع التركي في العلاقة عموما ما بين الشرق والغرب، ينبئ عن بداية تصحيح تاريخي للعلاقة التركية العربية وللموقف التركي بين العرب وإسرائيل. فما يجمع بين المسلمين والمسلمين من رسالة توحيدية سماوية واحدة وقيم موِحدة لا مفرقة، أكبر بكثير مما يمكن أن تفرقه الاختلافات العرقية والمذهبية والسياسية، وما يجمع بين العرب والعرب من ثقافة واحدة وحضارة موحدة أكبر بكثير مما يمكن أن تفرقه التمايزات الطائفية أو المذهبية أو السياسية، وما يجمع بين العرب خصوصا والإسلام عموما أكبر بكثير مما يجمع بين أي من القوميات الأخرى وبين الإسلام. وقد سعى الغرب الاستعماري بالقوة العسكرية لتفكيك آخر أشكال الوحدة الإسلامية تحت الخلافة العثمانية بالحرب العالمية الأولى، واحتل بلاد العرب والمسلمين التي كان لا يفصلها حدود سياسية. وزرع في قلبها قاعدته العسكرية الصهيونية في فلسطين، وقسم النفوذ فيما بين المستعمرين الإنجليز والفرنسيين في "سايكس بيكو"، وأيقظ القوميات العرقية العلمانية للفصل بين الطورانية في تركيا، والفارسية في إيران، والعربية في الشام بين القومية والدين، ولتكريس التناقض فيما بين القوميات الإسلامية، ولتعميد التقسيم الحدودي فيما بينها، وهو ما نشهد آثاره اليوم. ثم انتقل من حالة التقسيم الحدودي السياسي والفصل بين العربي والعربي والإسلامي، إلى حالة التقسيم الوطني، وذلك بإيقاظ وتأزيم التباينات الطائفية والعرقية والمذهبية والسياسية لإنهاك كل القوى الوطنية العربية والإسلامية بمواجهات جانبية، تنزلق بغضب يفقد الوعي الاستراتيجي، إلى إعلاء التناقضات الفرعية الصغيرة. فيما بينها على التناقضات الرئيسية الكبيرة مع أعدائها، بما يضع الشقيق في مواجهة الشقيق، والأشقاء في مواجهة الجيران والأصدقاء، سقوطا في شباك الأعداء، لتهيئة الفرصة لاستعادة السيطرة على كل المنطقة العربية والإسلامية من جديد بالأساطيل والأحابيل الأطلسية برأس حربتها الصهيونية. هذه التقسيمات والمخططات الاستعمارية التي غيبت وحدتنا فغيبت قوتنا وهيبتنا، وغيبت الإرادة الوطنية فصنعت الفراغ بما سمح لمشروعها الاستعماري الجديد بالتمدد والهيمنة والتبعية، أوصل الوضع العربي والإسلامي إلى أسوأ أوضاعه التاريخية. حيث أصبحت جميع أطرافه إما مهزومة أو مأزومة، وإما مرتهنة الإرادة السياسية بالاتفاقيات السياسية الأمنية والقواعد العسكرية، أو مرهونة الأرض والوطن بالاحتلال العسكري والعدوان والضغط السياسي والاقتصادي حتى تخضع الإرادة، أو متواجهة في محاور سياسية ومذهبية متناقضة! ولا مخرج من كل هذه التقسيمات والمخططات، ومن كل هذه المحاور والأزمات إلا بإعادة ترتيب الوضع العربي، وإعادة تمتين التكامل بين ما هو عربي وما هو إسلامي، وإعادة مراجعة المواقف التي تسمح لما هو أميركي وصهيوني بأن يعلو على ما هو عربي وإسلامي، وللمواقع التي يتخندق فيها بعض العرب وبعض المسلمين مع عدو العرب وعدو المسلمين في محور واحد ضد بعض العرب وبعض المسلمين لحساب عدوهما معا. والمطلوب دعم أي مسعى نبيل من الدول والقيادات العربية أو الإسلامية نحو إعادة ترتيب الأولويات وتجميع التوافق العربي والإسلامي حول الأهداف المشتركة واستثمار الاختلاف في الوسائل لإحداث التكامل في منظومة القوة بجانبيها السياسي والعسكري، لتوجيه رسالة ردع لكل الساعين إلى فرض الهيمنة علينا واغتصاب حقوقنا ومصادرة إرادتنا.