تنفق الأسر الجزائرية ما قيمته 94.6 بالمئة من جيبها الخاص على الخدمات الصحية، مما يسبب معاناة حقيقية تصادف أصحاب الدخل الضعيف الذين يجدون أنفسهم في مواجهة مشكل عويص قل ما يتخلصون منه في مقابل تزايد مستمر للانفاق الحكومي على الصحة العمومية. كشف تقرير حديث للبنك الدولي حول حجم الإنفاق الشخصي على الصحة أنه في ارتفاع مستمر بالجزائر، ويصل إلى نسب عالية إلى درجة أثقلت فيها كاهل ذوي الدخل الضعيف أي أن الأسرة الجزائرية التي تنفق 94.6 بالمئة تكاد تعتمد كليا على جيبها الخاص لاستعادة توازنها الصحي بمعنى أنها تشمل تلك النسبة "المنح والدفعات العينية للأطباء ومزودي الأدوية والمعدات العلاجية وأية سلع أوخدمات أخرى ترمي إلى الإسهام في استعادة الأوضاع الصحية للأفراد أو تعزيزها، وهي جزء من النفقات الخاصة" مشيرا إلى أن 19 بلدا عربيا بما في ذلك الجزائر من مجموع 20 شملتها الدراسة تعاني من نفس المشكل المتمثل في ارتفاع الإنفاق الشخصي على الصحة عكس باقي دول العالم، في حين تشكو كل من العراق، ليبيا، موريتانيا، سوريا وجيبوتي من نسبة إنفاق تصل إلى 100 بالمئة . ويضيف التقرير أن إنفاق القطاع الخاص على الصحة لا يعوض النقص في الإنفاق الإجمالي ذلك أن برامج التأمين الصحي الخاصة بالموظفين وهي تمثل في البلدان المتقدمة القنوات الرئيسية للتمويل الخاص للخدمات الصحية لا تقدم إلا ميزات طفيفة ما يلقي على كاهل المواطنين العرب وأسرهم عبئا ثقيلا من النفقات المتصلة بالصحة، وهو مايشكل تأثير كبيرا على أوضاع الأسر ذات الدخل المنخفض خاصة في حالات وقوع رب الأسرة فريسة لمرض خطير أو مكلف سيدفع بالعائلة إلى هاوية الفقر، بل إن العائلات في البلدان ذات الدخل المتوسط كما هو الحال بالنسبة للجزائر معرضة للمخاطر لأن قدرتها الشرائية محدودة مع استمرار الكلفة الصحية بالتصاعد نتيجة التوسع في اتباع سياسات السوق في هذا القطاع، وهي سياسات لا تأخذ في الحسبان مستويات الدخل بين مختلف الفئات. وفي سياق متصل أضاف التقرير أن الإنفاق على المستوى الحكومي من الناتج الإجمالي المحلي إرتفع من 3.5 بالمئة عام 2000 إلى 4.2 بالمئة عام 2006 وبسنة 2008 فاقت 9 في المئة مقارنة مع المعدل العالمي الذي يصل إلى 10.2 في المئة. وتقول دراسة البنك أن هذا المعدل غير كاف بقوله"أما من حيث مستويات التمويل المطلقة فإن البلدان المنتجة للنفط تستثمر مبالغ مالية ضخمة، بيد أن تلك الاستثمارات لا تترجم نفسها كتغطية صحية منصفة وعادلة لجميع السكان" ..