أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة عنابة الابتدائية، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء المنصرم، بإيداع محامية معتمدة لدى مجلس القضاء، تحت الرقابة القضائية، فيما أصدر أمرا يقضي بإيداع عجوز في عقدها السادس وفتاتين رهن الحبس المؤقت بتهمة تكوين جماعة أشرار وجرم الاختطاف في العملية التي راحت ضحيتها، قبل أسبوع، الرضيعة "ريتاج" التي اختفت من سريرها بمستشفى حماية الأمومة ورعاية الطفولة بعنابة. وتعود وقائع الحادثة حسب مصدر أمني مطلع يشتغل على ملف القضية إلى استغاثة رفعتها المحامية إلى فتاتين تطلب منهما إحضار رضيعة لتسجيلها على اسمها مقابل منحهما مبلغا ماليا، لكن المحامية تفاجأت بأن الصغيرة "ريتاج" وهي حديثة الولادة مصابة بمرض خطير، ما جعلها ترفض قبولها، لتقرر شريكتاها اللتان تعاونتا مع عجوز سهّلت لهما عملية اختطاف "ريتاج" من المستشفى، تهريب الرضيعة إلى إحدى ضواحي بلدية الحجار ورميها عند مدخل إحدى العمارات المجاورة لمقر أمن الدائرة، ما سهّل عملية العثور عليها من طرف الشرطة. وتابع المصدر الأمني الذي نقل مضمون العناصر الأولية للتحقيق إلى مكتب "الأمة العربية" بعنابة، أن صاحبة الجبة السوداء التي دبّرت لمؤامرة الاختطاف قد كذبت على زوجها المقيم في كندا وأوهمته بحمل كاذب طوال الأشهر التسعة المنصرمة، وظلت تحشو بطنها بقطع من القماش والصوف والإسفنج حتى تضمن "انتفاخه" أمام مرأى عائلة قرينها وزملائها في سلك العدالة، وكذا موكّليها الذين كانت ترافع لهم في قاعات المحاكمة. ولأن فترة "الحمل" قد انقضت وبات من الطبيعي أن تضع ما في أحشائها، فلم تفلح مساعي سيّدة القانون، المشهورة في إقليم ولاية عنابة، في إيجاد رضيع "تشتريه" من أمّه أمام ثقل الإجراءات وعدم جدواها لدى مصالح مراكز الطفولة المسعفة بالنظر إلى الضمانات المطلوبة والتحقيقات اللازمة مع العائلة الراغبة في التبني، فقد قررت صرف النظر عن الطرق والآليات القانونية، لتباشر بعدها رحلة البحث بطرق ملتوية عن صبيّ يضمن لها مخرجا من الورطة التي وضعت نفسها فيها، ولم تجد سوى شابتين وقعتا في شراكها بعدما عرضت عليهما مبلغا ماليا مغريا سمح لهما بالتعاون مع مسنّة تحوز على شبكة واسعة من العلاقات مع موظفي مستشفى "السانتيراز" بوسط المدينة. وفي أولى ردود فعلها، استنكرت عائلات الموقوفات الثلاث ما وصفته ب "ضغط النقابة الوطنية للمحامين الجزائريين لناحية عنابة على العدالة التي رضخت لمطالب تدعوها إلى عدم إصدار قرار يقضي بحبس المحامية، رغم أنها المتهم الرئيس في القضية"، وقد حاولت "الأمة العربية" تكرارا ومرارا الاتصال بنقيب المحامين مبروك نجوعة لنقل روايته من الاتهامات الموجهة لمجلسه النقابي، لكن هاتفه النقال ظل يرن دون رد. ويشار إلى أنها ثاني أثقل فضيحة أخلاقية تهز بيت المحامين لناحية عنابة، بعد تلك التي كانت بطلتها المحامية الشقراء "ش. ن.ب " التي تورطت في قضية إدخال كميّات معتبرة من "الزطلة" إلى أحد موكليها النزيل بمؤسسة إعادة التربية في بلدية البوني في صائفة 2006، وقد تعرضت حينها لعقوبة الفصل من السلك بعد إحالتها على المجلس التأديبي ومتابعتها قضائيا، قبل أن تقتحم هذه الشقراء عالم السياسة من باب الانتخابات التشريعية الأخيرة لسنة 2007، حيث ترشحت على رأس قائمة حرة تحت اسم "الأمل" بتزكية "مشبوهة" من نقيب المحامين الذي كان وقتئذ على أبواب العهدة الانتخابية الثالثة لمجلس النقابة. وتحت موجة التنديد والسخط من طرف جموع المحامين، لم يجد "النقيب" سوى تعميم تزكيته وتوزيعها على بقية المترشحين من السلك، لكن مساعي رأبه للصدع داخل تنظيمه، سقطت في الماء بدعوى أنها "خطوة سياسية انتخابية، وأكثر من ذلك جاءت في الوقت بدل الضائع"، يقول معارضوه الذين دخلوا أيضا على خط هذه القضية "الفضيحة" وشرعوا في جمع التوقيعات لرفع عريضة إلى وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز لمطالبته بتسليط الضوء على هذه الممارسات التي صنفوها في خانة "الحملات المعادية لإصلاح العدالة والتي تضرب في العمق استقلالية ومصداقية ونزاهة جهاز القضاء"، فيما اقترح آخرون ضرورة استقالة نقيب المجلس النقابي للمحامين وتنظيم انتخابات مسبقة لضخ دم جديد في روح هذا التنظيم.